ترامب يواصل محو «إرث أوباما»: اتفاقك مع كوبا ملغى

ترامب يواصل محو «إرث أوباما»: اتفاقك مع كوبا ملغى

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٦ يونيو ٢٠١٧

وفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأحد وعوده الانتخابية، معلناً إلغاء بنود من الاتفاق «التاريخي» الذي وقّعه سلفه باراك أوباما مع كوبا، والذي يقضي بتطبيع العلاقات بين البلدين بعد أكثر من نصف قرن من القطيعة

بعد حوالى ثلاث سنوات على توقيع الاتفاق «التاريخي» بين الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والرئيس الكوبي راوول كاسترو، الذي بدأت بموجبه الدولتان التطبيع التدريجي للعلاقات، تعهّد الرئيس دونالد ترامب من فلوريدا، أمس، بإعادة النظر في هذا التقارب.

من حي ليتل هافانا في ميامي، وعد ترامب بـ«اتفاق أفضل للكوبيين والولايات المتحدة»، وأعلن الحدّ من التعامل مع الكيانات التي يسيطر عليها الجيش الكوبي والحاضرة بقوة في قطاع السياحة، وتطبيقاً أكثر تشدداً للقيود على الرحلات إلى الجزيرة الشيوعية. وفي شكل ملموس، أعلن حظر أي تعامل مالي مع مجموعة «غايسا» التي تتبع للقوّات المسلّحة وفروعها.
وبذلك، يكون ترامب قد وفى بأحد وعوده الانتخابية التي قطعها على «الكتلة» الأميركية ــ الكوبية الناخبة في فلوريدا، والتي يظن أنها كانت وراء فوزه في هذه الولاية، متغاضياً عن المخاوف من إعاقة المصالح التجارية التي بدأت بين الدولتين، منذ عام 2015.
ومن دون أن يخوض في تفاصيل خطوته، بدا الرئيس الأميركي واثقاً من أن قيوده الجديدة على سفر الأميركيين إلى كوبا، وعلى الأعمال التجارية هناك «ستساعد في إسقاط النظام». «بمساعدة الله، فإن كوبا حرّة ستتحقق قريباً»، قال ترامب، متجاهلاً واقع أن هذا النظام موجود في الحكم منذ عام 1959، وقد خضع للحصار الاقتصادي الأميركي منذ عام 1962.
 
ترامب ندّد، في خطابه، بالاتفاق الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما قائلاً إنه «لا يساعد الكوبيين بل يعزّز النظام»، واعداً بأن يكون تطور العلاقات مع كوبا رهناً بـ«تقدم فعلي» و«تغييرات ملموسة». وقال: «بمفعول فوري أُلغي الاتفاق غير المنصف تماماً، والذي وقعته الإدارة السابقة مع كوبا»، واعداً بـ«اتفاق أفضل» بالنسبة إلى الكوبيين والولايات المتحدة. وأضاف: «الآن وقد أصبحت رئيساً، فإن أميركا ستندد بجرائم نظام كاسترو».
وطالب أيضاً بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين المعتقلين في الجزيرة الشيوعية، وقال: «لن نرفع العقوبات عن النظام الكوبي قبل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين». وفي ما يتجاوز التدابير التقنية التي أعلنها، فإن خطابه يعكس قطيعة رمزية مع عملية التقارب التي تُرجمت في الزيارة التاريخية لأوباما إلى هافانا في آذار 2016. فاذا كان ترامب قد وعد بـ«إلغاء» الاتفاق الذي اعتبره «غير متوازن»، فإنه شطب بشحطة قلم كل مبادرات الإدارة السابقة، ولكن من دون أن يعيد النظر في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وبرغم أن من الصعب تقدير تأثير قرار الحد من التنقلات على القطاع السياحي الكوبي، الذي يشهد فورة كبيرة، فإن مجرّد إعلانها يشكل منعطفاً. وتوجّه نحو 300 ألف أميركي إلى الجزيرة في الأشهر الخمسة الأولى من 2017 بزيادة 145 في المئة مدى عام. وفي 2016، استقبلت كوبا أكثر من 284 ألف زائر من الولايات المتحدة، بزيادة 74 في المئة عن 2015.
أما على الجهة الأميركية، فقد توّجت عملية ذوبان التوتّر الدبلوماسي وتخفيف القيود التجارية والقيود على السفر بين الدولتين، بفرص اقتصادية مهمّة. وحازت الأعمال الأميركية، بما فيها الخطوط الجوية والخطوط الملاحية وشركات الاتصالات، 26 اتفاقاً مع الحكومة الكوبية منذ عام 2015 إلى عام 2017.
وتدفقت مئات ملايين الدولارات إلى قطاع الأعمال الخاص في كوبا، بحسب ما أفادت وكالة «أسوشييتد برس». وعلى هذا الصعيد، ندّدت غرفة التجارة الأميركية بالتدابير الرئاسية، معتبرة أنها «تحدّ من إمكانات التبادل الإيجابي مع الجزيرة»، وتهدّد «بترك المكان لدول أخرى». أما على الصعيد السياسي، فقد دان السيناتور الديموقراطي باتريك ليهي، الذي يتابع هذا الملف، العودة «إلى سياسة الحرب الباردة» بهدف إرضاء «فئة صغيرة» من الناشطين المناهضين للنظام الشيوعي في الولايات المتحدة. واعتبر أن البيت الأبيض «أعاد إعلان الحرب على الشعب الكوبي». من جهته، صرّح النائب الديموقراطي جيم مكغوفرن، بأن «هذه التغييرات السياسية التي يقوم بها الرئيس ترامب ستعيدنا إلى حرب باردة كانت وراء فشل بائس، كما أعادت بلادنا 50 عاماً إلى الوراء».
كذلك، تساءل السيناتور الجمهوري جيري موران عن خطط ترامب التي تقضي بتقييد مبيعات المنتجات الأميركية إلى كوبا، مشيراً إلى أن كوبا «سوق طبيعية لمزارعينا وفلاحينا، وعندما لا نبيع إلى كوبا فإن دولة أخرى ستقوم بذلك».