أوروبا في معضلة: ما مصير العائدين من معاقل داعش في سورية والعراق

أوروبا في معضلة: ما مصير العائدين من معاقل داعش في سورية والعراق

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٦ يونيو ٢٠١٧

بدأ الاوروبيون الذين كانوا انضموا بالآلاف الى صفوف الجهاديين في سوريا والعراق، بالعودة الى اوروبا بعد اكتساب خبرة قتالية ومزيد من التطرف في العقيدة، فيما تجد دول الاتحاد الاوروبي صعوبة في تحديد سبل مواجهة موحدة لهذه الظاهرة.

وتشير تقديرات رسمية الى ان خمسة الى ستة آلاف من الاسلاميين المتطرفين الاوروبيين او المقيمين باوروبا توجهوا الى العراق وسوريا عبر تركيا في معظم الاحيان. لكن هذه التقديرات تظل غير دقيقة لأن بينهم من ذهب الى تلك البؤر وعاد دون ان يلفت الانتباه. ويقدر اجمالي الاجانب الذين قاتلوا مع تنظيمات اسلامية متطرفة في سوريا والعراق ب 27 الفا.

وبحسب منسق الاتحاد الاوروبي لشؤون مكافحة الارهاب جيل دو كيرشوفي، فإن “ما بين الفين و2500” اوروبي او مقيم في دول الاتحاد الاوروبي يمكن ان يعودوا الى بلدانهم مع تقهقر تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق.

وكتب المنسق في تقرير حديث “تشير آخر الارقام الى ان ما بين 15 الى 20 بالمئة من المقاتلين الاوروبيين (في سوريا او العراق) قتلوا، وعاد ما بين 30 و35 بالمئة منهم، في حين لا يزال نحو 50 بالمئة موجودين في سوريا والعراق”. واضاف انه لئن كانت عودة بعضهم الى بلدانهم الاصلية باتت تحصيل حاصل، فإن البعض الآخر سيبقى “في جيوب مقاومة في دول مجاورة او سيتجهون الى مناطق نزاع اخرى”.

وكان المفوض الاوروبي المكلف الامن جوليان كينغ قال في آذار في مركز “تشاتهام هاوس” للابحاث بلندن ان “التهديد سيظل في مستوى عال في الاشهر والسنوات القادمة (..) مع احتمال ان يحاول مقاتلون إرهابيون أجانب العودة الى الاتحاد الاوروبي، مع نية لدى بعضهم في التخطيط لهجمات جديدة وتنفيذها”.

وبحسب تعداد لمكاتب وكالة فرانس برس في اوروبا، وبناء على تقديرات رسمية، فان نحو 1500 جهادي عادوا الى بلادهم او بلد إقامتهم حيث يتم حبسهم في الغالب أو وضعهم تحت مراقبة مشددة او دمجهم في برامج ضد التطرف لا يعرف احد حتى الان مدى نجاعتها.

ويتمثل الإشكال الاول في تحديد درجة خطورة هؤلاء الذين اطلق عليهم الصحافي الفرنسي ديفيد طومسون في كتاب له اسم “العائدون”، وذلك انطلاقا من معرفة ماذا فعلوا في “ارض الجهاد” كما يسمونها.

ويقول طومسون لوكالة فرانس برس “المشكلة انهم حين يعودون ويسألون عما كانوا يفعلون، يقولون جميعهم انهم كانوا ممرضين”.
ويضيف “المعضلة الكبرى بالنسبة للقضاء هي حيازة عناصر مادية لاثبات ما فعل فرد ما على أرض سوريا. واكثرهم حنكة، وهم غالبا الأخطر، لم ينشروا أبدا أي شيء عن أنشطتهم على شبكات التواصل الاجتماعي”. ويتابع: “في فرنسا، القاعدة هي السجن لفترات تزداد طولا، اي تأجيل التعامل مع المشكلة بسبب عدم معرفة ما يتعين القيام به حاليا”.

في دول الاتحاد الاوروبي، يتم اولا توقيف هؤلاء “العائدين”، واستجوابهم وإخضاعهم لتحقيق. وأدرجت دول الاتحاد كافة في تشريعاتها تهما هي “الانتماء الى منظمة ارهابية” وممارسة “نشاط ارهابي” او الانتماء الى “عصابة اشرار على صلة بمنظمة ارهابية”.

وبحسب تعداد لوكالة فرانس برس، يوجد حاليا في ألمانيا نحو 280 “عائدا” (من 820 كانوا غادروا)، وفي المملكة المتحدة نحو 450 (من 850)، وفي فرنسا نحو 210 (من ألف)، وفي هولاندا 45 (من 280 على الاقل)، وفي بلجيكا نحو 120 (من نحو 280)، وفي النروج 40 (من 100)، وفي السويد 150 (من نحو 300)، وفي فنلندا 20 (من 80)، وفي الدنمارك نحو 70 عائدا (من 145 على الاقل).
في النمسا، تقدّر السلطات ان حوالى أربعين شخصا من 300 شخص تم تجنيدهم (نصفهم على الاقل من اصل شيشاني)، قتلوا وتم توقيف 50 عند عودتهم.

ويقول المتحدث باسم وزارة الداخلية كارل-هاينز غرونبوك ان العائدين النسماويين يقع عليهم امران “الاول تهمة الانتماء الى منظمة ارهابية مع دراسة سوابق جرمية محتملة. ثم يتم اخضاعهم للمراقبة الامنية لتقييم المخاطر التي قد يشكلونها”.

ويرى الباحث في المركز الدولي لمكافحة الارهاب في لاهاي فيل غورسكي “علاوة على مخاطر تورط مقاتلين أجانب في أعمال إرهابية، لا تعرف الدول حقيقة ماذا ستصنع بمن سيعودون”. ويضيف “بعضهم سيعود مصدوما والبعض الاخر جريحا. بعضهم سيرغب في التبرؤ من تنظيم الدولة الاسلامية وأساليبها الوحشية، لكن البعض يمكن ان يستمر في الرغبة في إشاعة التطرف في محيطه”.

وازاء غياب سياسة او تعليمات موحدة لدول الاتحاد الاوروبي، تمارس الحكومات سياسة متشددة، مع السجن في حال توفر تهم كافية يمكن اثباتها مع الاحالة الى القضاء والمراقبة الامنية.

ويحاول البعض لعب ورقة الحوار. وفي هذا السياق بدأت مدينة ارهوس الدنماركية منذ 2007 برنامج إعادة تأهيل مع اجراءات مرافقة لمساعدة العائدين ومن يرغبون في التوجه الى بؤر الارهاب في العثور على عمل وتدريب وسكن.