لماذا بنت موسكو قاعدة عسكرية في البادية السورية؟

لماذا بنت موسكو قاعدة عسكرية في البادية السورية؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٧ يوليو ٢٠١٧

خلط جديد للعبة التوازنات العسكرية في البادية السورية، لذا فقد لا تستمر هويتها على ما كانت عليه منذ سنين، وخاصة بعد أن كثرت فيها المليشيات المسلحة العابرة للحدود من ناحية، والقواعد العسكرية الأجنبية من ناحية أخرى.
آخر هذه القواعد شرعت روسيا ببنائها في بلدة خربة رأس الوعر قرب بئر القصب شرق دمشق، في ثالث وجود ثابت ومعلن لها على الأراضي السورية، فيما لا تزال تدفع يومًا بعد آخر بالعدة والعتاد إلى سوريا.
يأتي ذلك بالتزامن مع تحويل طهران مطار السين المجاور لقاعدة للحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد أيام من تعزيز واشنطن معسكر التنف قرب حدود العراق، مما يعكس السباق المحموم لفرض النفوذ والسيطرة بين القوى المتكالبة على أرض سوريا.
ما وراء القاعدة الروسية
تشير الدلائل إلى أن روسيا أقدمت على هذه الخطوة سعيًا منها لتثبيت تفوقها، ليس فقط في مناطق سبق أن دعمت النظام السوري فيها، وإنما في البادية السورية باعتبارها منطقة تتغير فيها الأوضاع بسرعة، لذلك تسعى روسيا لفرض وجودها فيها، بالتزامن مع تفوق الوحدات الكردية المدعومة أميركيًا في المناطق القريبة نسبيًا من البادية السورية.
كما أنها مؤشر على زيادة تمدد نفوذها العسكري على الأرض السورية، بالإضافة إلى تثبيت نظام الرئيس بشار الأسد، ودعم استمراره في حكم سوريا، فضلاً عن كونها مؤشرًا واضحًا لمرحلة التقسيم التي بدأت ملامحها تظهر من خلال ما يُسمّى بـ”مناطق خفض التوتر”.
وتقول وسائل إعلام غربية إن بناء القاعدة العسكرية بدأ بالفعل في بلدة خربة رأس الوعر، التي سيطر عليها النظام منذ أيام، ويبعد الموقع المقرر للقاعدة الروسية 50 كيلومترًا عن دمشق و85 عن خط فك الاشتباك في الجولان و110 كيلومترات عن جنوب الهضبة، كما تبعد 96 كيلومترًا عن الأردن، وبأن القاعدة الروسية التي يتم الحديث عنها تبعد 185 كيلومترًا عن معسكر التنف قرب العراق.
هذه المسافات – من وجهة نظر مراقبين – ليست اعتباطية، فإن قُدِّر لروسيا أن تُنشئ القاعدة التي كثر الحديث عنها – وشرعت بالفعل في ذلك – يمكنها حينئذ أن تتحدث من منظور المصالح العليا الروسية تجاه أي تمدد إيراني أو زحف أميركي.
وعندما تقوم روسيا ببناء القاعدة على مقربة من حدود الأردن فهي تحاول إرضاءه بأنها تبعد الإيرانيين نوعًا ما، لكن الإيرانيين موجودون حتى في قاعدة الوعر، وكان الأجدر بروسيا أن تنشئ قاعدة عسكرية في مناطق النفوذ الإيراني المتوقعة، كما يرى البعض.
وتعتبر المنطقة التي ستقام على أنقاضها القاعدة العسكرية الروسية، منطقة استراتيجية نظرًا لاقترابها من أربعة مطارات عسكرية سورية هي: مطار السين ومطار ضمير ومطار خلخلة ومطار بلي، وبالتالي يمثل إنشاء هذه القاعدة ورقة قوة مستقبلية للوجود الروسي في الجغرافيا السورية، مما يحد من طموحات إيران وأميركا.
وعلى ذكر أميركا، تسعى روسيا لحجز مكان لها في البادية السورية كرد فعل وتصعيد بعد منع أميركا قوات النظام المدعومة من روسيا من التقدم نحو الرقة، يضاف إلى ذلك غياب التنسيق والتوافق بين أميركا وروسيا بشأن إدارة المعركة في سوريا.