موسكو تواصل «الانتشار»: المفاوضات مع المسلحين كانت صعبة

موسكو تواصل «الانتشار»: المفاوضات مع المسلحين كانت صعبة

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٧ يوليو ٢٠١٧

في موازاة الهدوء النسبي الذي تشهده الجبهات السورية المختلفة، ما عدا تلك التي تشهد مواجهات ضد تنظيم «داعش» في وسط البلاد وشمال شرقها، تواصل القوات الروسية تنفيذ مهماتها في مناطق «تخفيف التوتر»

خيّم الهدوء أمس على معظم جبهات القتال السورية، باستثناء تلك التي شهدت تقدّماً للجيش السوري في ريفي الرقة وحمص ضد مسلحي «داعش»، في إطار عملياته الهادفة إلى الدخول إلى الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور والإطباق على بلدة السخنة في ريف حمص الشرقي.

ومنحت هذه الأجواء القوات الروسية، أمس، بمواصلة انتشارها في مناطق «تخفيف التوتر» في غوطة دمشق الشرقية ودرعا ومحيطها، في مسعى موسكو لضمان تثبيت وقف إطلاق النار، ومنع تغيير خطوط السيطرة القائمة، وتحييد كُلّ من موسكو ودمشق للفصائل الموقّعة على الهدنة عن استهدافها، في مقابل «انسلاخ» تلك الفصائل عن تضامنها مع «جبهة النصرة» والفصائل الأخرى المقرّبة منها.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن «أربع كتائب من الشرطة العسكرية الروسية تنفّذ مهماتها في مناطق تخفيف التوتر»، مشيراً في اجتماع «هيئة رئاسة وزارة الدفاع الروسية» إلى أن «الكتائب تنفّذ حالياً مهماتها في الأشرطة الآمنة».
وكان لافتاً ما كشفه أمس، «مركز حميميم الروسي للمصالحة في سوريا»، من تفاصيل إضافية حول مفاوضات جرت بين الجانب الروسي ومسلحي المعارضة بشأن إدخال أول قافلة مساعدات إلى غوطة دمشق الشرقية، أول من أمس.

أصبح الجيش السوري على بعد
8 كلم عن مدينة السخنة

وذكرت قناة «روسيا اليوم» نقلاً عن المقدم فيكتور مالاخوف أن هذه المفاوضات هي «الأولى من نوعها»، واتسمت بـ«غاية الصعوبة» بسبب مخاوف المسلحين، فيما عرض الجانب الروسي عدداً من الأطراف كـ«وسيط محتمل»، إلا أن المعارضين «رفضوا إجراء اتصالات إلا مع مركز حميميم». وأضافت، في تقريرها، أن «المعارضة طالبت بتسلّم الشاحنات في منطقة فاصلة دون أن توزّع المساعدات في المكان»، مع تأكيد روسيا ضمان أمن وسلامة المسلحين وأهاليهم الموجودين في الغوطة الشرقية «في حال التزامهم الهدنة».
ويُفسّر التسريب الروسي حول المفاوضات كردٍّ على تسريبٍ رسالةٍ لوكالة «رويترز»، طالبت فيها الولايات المتحدة، والسعودية، وبريطانيا، وفرنسا، ودول أخرى من «مجلس الأمن باتخاذ إجراءات لضمان وصول قوافل المساعدات إلى ملايين السوريين في ظل تراجع العنف». ورأت «رويترز» أن الرسالة هي «توبيخ للرئيس السوري بشار الأسد وحليفتيه روسيا وإيران»، مشيرةً إلى أنها وُقّعت من 14 رئيس بعثة دبلوماسية في جنيف، وأثارت لديهم «قلقاً كبيراً بشأن تنفيذ سبع قرارات لمجلس الأمن تتعلق بوصول المساعدات الإنسانية». وأضافت أنه «لم يرد أحد من البعثة السورية في جنيف على اتصالات هاتفية أو رسالة بالبريد الإلكتروني لطلب التعليق»، في إشارةٍ أخرى إلى تجاهل دمشق لمحاولات التشويش على الدور الروسي في التنسيق مع المسلحين لإيصال المساعدات لهم.
أما في الجنوب السوري، فقد بدأ سكان الأحياء الخاضعة لسيطرة المسلحين في مدينة درعا بالعودة إلى منازلهم بعد أن نزحوا عنها خلال الأشهر الماضية، بالتوازي مع انخفاض وتيرة القصف والاشتباكات، في ظل «هدنة الجنوب» المتفق عليها بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن في تموز الجاري. وأفادت وكالة «الأناضول» التركية، بأن بعضاً من سكّان تلك الأحياء بدأ بصيانة منازلهم التي تعرضت لدمار جزئي، إلى جانب «هيئات محلية» تعمل على فتح الطرقات وإزالة الركام.
على صعيدٍ آخر، شهدت القاهرة، أمس، اجتماعاً تشاوريّاً للمندوبين الدائمين للدول الأعضاء في الجامعة العربية، برئاسة الأمين العام أحمد أبو الغيط، لبحث الأزمة السورية. وأكّد أبو الغيط في كلمته ضرورة أن تكون «سوريا المستقبل» صاحبة سيادة على أراضيها، رافضاً وجود الميليشيات الأجنبية أو الجماعات الإرهابية. وأشاد بأهمية «الترتيبات المؤقتة لوقف نزف الدم في البلاد»، لافتاً إلى «ضرورة ألّا تكون تلك الترتيبات بديلاً من الحل السياسي».
ميدانياً، يواصل الجيش السوري عملياته في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، حيث أحكم سيطرته على بلدة حويجة شنان، بالقرب من قرية دلحة إثر مواجهات عنيفة ضد مسلحي تنظيم «داعش»، ليصبح على مشارف بلدة السبخة، وبذلك تكون القوات قد شارفت على تأمين كامل ريف الرقة الجنوبي.
وفي ريف حمص الشرقي، وسّعت القوات من نطاق سيطرتها نحو منطقة البغلية، إذ عمدت إلى تثبيت نقاطها على التلال المشرفة على رسم حمادة. كذلك سيطرت على عدد من النقاط الحاكمة قرب تلة الـ23 جنوبي منطقة أثريا في ريف حماه الشرقي، حيث تمكنت من إحباط محاولة تسلل لمجموعة من مسلحي «جبهة النصرة» باتجاه طريق السلمية ــ حمص قرب بلدة خنيفيس.
ويأتي تأمين الأرياف الثلاثة، في سياق عمليات البادية الكبيرة، ولتأمين العبور نحو محافظة دير الزور، عبر السيطرة على «عقدة البادية» بلدة السخنة، بعد التقدم إليها من محورين أساسيين.
ويبدو أن محور التقدم نحو السخنة، بدأ بالارتسام بوضوح بعد التقدم الكبير للجيش وحلفائه شمال شرق تدمر، ليصبحوا على مسافة لا تتجاوز 8 كلم عن البلدة. أما المحور الثاني، فهو محور متقدم سريع من الريف الجنوبي لمدينة الرقة نحو السخنة. وتمنح السيطرة على السخنة أفضلية كبرى للجيش في التقدم نحو دير الزور، إذ تشكّل المدينة خط الدفاع الأول عن أكبر معاقل «داعش الباقية في الشمال»، وفق ما يؤكّده مصدر عسكري سوري.