محاولات واشنطن لتحويل الهند إلى ترسانة عسكريّة أمريكية

محاولات واشنطن لتحويل الهند إلى ترسانة عسكريّة أمريكية

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٤ سبتمبر ٢٠١٧

 بينما تعمد شركة لوكهيد مارتن الأمريكية لتصنيع قطعات عسكريّة تزوّد بها الجيش الهندي، تشهد ساحة الشركات العسكرية الأجنبية في الهند تنافساً كبيراً بين لوكهيد مارتن الأمريكية وساب السويدية من أجل إيجاد خط إنتاج للمقاتلة إف-16 في الهند، وليس من أجل تلبية طلبات الجيش الهندي فقط ولكن للتصدير كذلك.

ويأتي التنافس على الفوز بالصفقة المربحة في الهند التي باتت واحدة من أكبر المستوردين للمعدات الدفاعية في العالم والتي تسعى لتجديد ما لديها من معدات يعود صنعها لعهد الاتحاد السوفياتي، يأتي في ظل اشتراط رئيس الوزراء ناريندرا مودي "صنع في الهند" كبند إلزامي في كل استدراجات العروض لقطاع التسلح، وبالتالي ترى الشركات الغربية لصنع السلاح، ان نقل قسم من الانتاج الى الهند، شرط إلزامي لانتزاع بعض العقود المجزية في الاقتصاد الهندي كواحد من اسرع عمليات النمو للاقتصادات الكبيرة على مستوى العالم.

تعدّ شركة "لوكهيد مارتن" من أكبر شركات التصنيع العسكري في أمريكا، وتحديداً في الصناعات العسكريّة الجويّة وقد دخلت لوكهيد مارتن بشراكه مع شركة تاتا الهنديه للانظمه المتقدمه لبناء مشترك لمقاتلات F-16 في خطوة يسعى خلالها الطرفان لتحويل هذه الشراكة إلى المصدّر الوحيد لهذا النوع من السلاح في المنطقة.

ورغم أن هذا الأمر يتعارض مع دعوات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالتصنيع محليا وإيجاد الوظائف لمواطنيه، إلا أن العائدات الاقتصاديّة والسياسيّة الضخمة ستفضي إلى إتمام هذه الصفقة. تصف شركة ساب السويدية للصناعات العسكرية التي ستتعاون مع مجموعة"ادني"  الهندية الصفقة بالمربحة وبمليارات الدولارات لصنع مقاتلات حربية داخل الهند. ويوضح مصدر مطّلع لوكالة فرانس برس إن ساب السويدية ستعمل مع المجموعة الهندية على انتاج نحو 100 مقاتلة من طراز واحد بقيمة تعادل 15 مليار دولار، في حين أن صفقة لوكهيد مارتن ستفوق هذا الرقم.

أهداف أمريكية

بعيداً عن اتهام بعض خبراء الدفاع "لوكهيد مارتن" بأنها تخلصت من الطائرة التي أصبحت عتيقة الطراز ورمت بها إلى الهند، هناك أهداف أمريكية عدّة خلف هذه الصفقة "المشبوهة، يمكن الإشارة إليها بالنقاط التالية:

أوّلاً: تعزيز البنيّة العسكريّة الهنديّة أمام الصين، لاسيّما في ظل دفع واشنطن الهند إلى الدخول في نزاع مع الصين إثر الخلاف الحدودي المتصاعد بين بكين ودلهي؛ ونقل الجانبان تعزيزات عسكرية إلى جبال الهملايا. يرى البروفيسور في معهد موسكو للعلاقات الدولية سيرغي أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو أن الولايات المتحدة تشعر برغبة جامحة في إشعال نيران الحرب بين الدولتين.
ثانياً: الحدّ من أسهم صادرات السلاح الروسي مع الهند. وتأتي هذه الخطوة في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا، إضافةً إلى كون الحد من صفقات السلاح بين روسيا والهند سينعكس على العلاقات السياسيّة بين البلدين، بما يخدم المصالح الأمريكية التي تسعى لجذب الهند نحوها.

ثالثاً: يتناغم الحضور العسكري الأمريكي في الهند مع استراتيجية الارتكاز الآسيوي" (Asian Pivot) الأمريكية التي أعلنها الرئيس بارك أوباما في العام 2011، والذي بمقتضاها تصبح منطقة شرق وجنوب آسيا المنطقة ذات الأولوية الأولى للسياسة الأمريكية عالميًا. التعاون العسكري الأمريكي هناك يأتي في إطار المواجهة مع العملاق الصيني الذي يقترب من إزاحة أمريكا عن زعامة الاقتصاد العالمي. لذلك تسعى واشنطن من خلال سياستها القائمة في خلق توتر دائم  في العلاقات الصينية - الهندية، والذي هدفه الأساسي الوقوف في وجه الصين لبعض السنوات لتأخير احتلالها المرتبة الأولى.

رابعاً: سعي واشنطن لتعزيز قدرات الهند العسكرية والأمنية في جنوب آسياً بما يخدم مصالحها. ولعل الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في أفغانستان، ورفضها للانسحاب من هناك يكشف جانباً خفيّاً في المخطط الأمريكي.

أهداف هنديّة

في المقابل، هناك جملة من الأهداف الهنديّة، اكبر بلد مستورد للاسلحة في العالم والذي انفق عشرات المليارات من الدولارات لتحديث جيشه عبر شراء الطائرات المقاتلة والعربات العسكرية والغواصات والمروحيات، شرط انتاجها في الهند، أبرز هذه الأهداف:

أوّلاً: تعزيز القدرات العسكرية الهنديّة، إضافةً إلى قدراتها النووية الاستراتيجية القائمة، بما يعزّز الوضع الهندي على الصعيد العالمي في ظل وجود الكثير من المنافسين والأعداء كالصين، وباكستان وغيرهم. لا نستبعد مطالبة الهند بالحصول على كرسيّ دائم في مجلس الأمن، ما يجعل السياسة التسليحية القائمة ممرّاً إلزاميّاً لهذا المقعد، فهذا الكرسي للأقوياء فقط.

ثانياً: رسائل قوّة للصين التي نصحت الهند عبر الصحيفة "غلوبال تايمز"، التي تلجأ في الكثير من الأحيان إلى الخطاب القومي، نصحتها بأن تتذكر دروس الحرب في عام 1962، عندما دمرت القوات الصينية الجيش الهندي الضعيف قدرة وتدريبا، ليردّ وزير الدفاع الهندي على الفور قائلا إن الهند اليوم ليست تلك التي كانت قبل 55 عاما.

الخلاصة:

هناك سعي أمريكي بالتعاون مع الكيان الإسرائيلي الذي أبرم أكبر صفقة بتاريخه وصلت إلى ملياري دولار، لحضور أكثر فعاليّة في المجالات الأمنية والعسكرية الهنديّة. تعلّق مصادر أمنية في تل أبيب على الصفقة أنه أكبر صفقة في تاريخ الصناعات الأمنية الإسرائيلية .هذا الأمر قد يدفع القوى الأخرى كروسيا والصين لعسكرة منطقة جنوب آسيا أكثر فأكثر الأمر الذي سيشكّل تهديداً أمنيّاً لهذه الدول قبل أيّ طرف أخر.