ترامب في مواجهة "شركاء" الاتفاق النووي: هل ينجح في الانقلاب؟

ترامب في مواجهة "شركاء" الاتفاق النووي: هل ينجح في الانقلاب؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢١ سبتمبر ٢٠١٧

"الاتفاق النووي ليس اتفاقا بين دولتين بل هو اتفاق دولي متعدد الأطراف".. بهذه العبارة علّقت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني  على كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال أن بلاده لا تستطيع أن تلتزم بالاتفاق النووي، مع ايران، والذي يطلق عليه "أسوأ صفقة من أي وقت مضى".

لم تقتصر الاعتراضات الأوروبيّة على عبارة موغريني هذه، فقد أكّدت الدبلوماسيّة الأوروبية أن الاتفاق النووي، اتفاق جيد ويتعلق بالمجتمع الدولي، كما أن قرار مجلس الأمن الدولي يدعم هذا الاتفاق، ومن مهامنا كاتحاد اوروبي وايضا من مهامي انا شخصيا ان اطمئن على التنفيذ الكامل للاتفاق من قبل الطرفين.

الاعتراضات الأوروبية في اجتماع الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، لم تتوقّف عند حدود موغريني فقد اعتبر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، في كلمته أمام الجمعيّة بأن عدم احترام الاتفاق النووي مع إيران، سيكون دليلا على "انعدام المسؤولية". كذلك، يؤكد وزير الخارجيّة الابريطاني وریس جونسون علی دعم لندن الحاسم للإتفاق النووی وضرورة الحفاظ علیه وتنفیذ بنوده.

المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل، التي ترى "نهاية جيدة" للاتفاق الإيراني، وتعتقد أن هذا النهج يمكن اتباعه في المحادثات بشأن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، تدرك جيّداً أن أي خطوة سيئّة تجاه هذا الاتفاق ستعزّز من موقف الزعيم الكوري كيم جونغ اون بالتمسّك ببرنامج النووي العسكري. كيم الذي قال في وقت سابق أن كوريا ليست العراق وليبيا، سيتذرّع بالنقض الأمريكي للاتفاق النووي مع ايران بغية الاستمرار بمشروعه، الأمر الذي سيشكّل ورقة ضغط أوروبية إضافّية على ترامب الذي سيتسبّب بأضرار سياسية ودبلوماسية كبيرة على الحيثية الأمريكية في العالم كونه يتخطّى الدول الأوروبيّة الشريكة التي يجب احترامها. هنا تجدر الإشارة إلى أن معهد سالون (Salon) الأمريكي للدراسات والبحوث أكّد أن المخاوف بشأن إمكانية تحول إيران إلى تهديد مشابه لكوريا الشمالية لا أساس لها من الصحة.

وفي حين يبدو سعي أوروبي لاقناع واشنطن بعدم اتخاذ أي خطوة يمكن أن تؤدي إلى نسفه، تعارض الصين وروسيا بشدة أي خطوة لإعادة النظر في صفقة إيران، لنكون أمام مواجهة رباعيّة إيرانيّة أوروبية روسيّة صينية أمام جماح الرئيس ترامب الذي ينبغي أن يخطر الكونغرس" مرة أخرى ما إذا كانت إيران تمتثل للاتفاق أم لا وذلك بعد تقديم تيلرسون توصيته حول الاتفاق إلى الرئيس قبل 15 أكتوبر المقبل.

خطّة واشنطن المقبلة

تتقن واشنطن جيّداً فن الضغوط والمفاوضات، وعلى الحلفاء قبل الأعداء، وبما ان الموقف الأوروبي من الغاء أو تعديل الاتفاق النووي غير ممكنة في ظل الظروف الراهنة، لاسيّما التزام طهران ببنود الاتفاق النووي بالكامل، ستعمد واشنطن إلى جملة من السيناريوهات تبدأ بالتشكيك بمصداقيّة الوكالة الذريّة للطاقة الذريّة، خاصّة أن ترامب أوعز إلى مساعديه بضرورة إيجاد "أساس منطقي" لإعلان أن طهران تنتهك أحكام الاتفاق، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، وتمرّ عبر فرض الضغوط على الوكالة نفسها للدخول إلى المنشآت العسكريّة الإيرانيّة، وهذا ما بدا واضحاً من خلال السؤال الذي وجهته مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة للوكالة الدولية للطاقة النووية عما إذا كان هناك إمكانية لتفتيش المواقع العسكرية الإيرانية في إطار الاتفاق النووي، ولا تنتهي بالمطالبة بتعديل الاتفاق النووي، وهذا ما طالب به وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أمس الثلاثاء، في حديث لمحطة فوكس نيوز، قائلاً: "إذا كنا سنظل في الاتفاق المبرم مع إيران فيجب إجراء تعديلات على البنود التي ينتهي أمدها تلقائيا ليست طريقة معقولة لإحراز تقدم".

يسقط السبب الأول، التشكيك بمصداقيّة الوكالة، بسبب انحيازها أساساً إلى واشنطن، وكون أي اتهام ضدّ ايران في منشآتها النووي المراقبة يحتاج إلى دليل علمي، وبما أنّ الخيار الثاني، تفتيش المنشآت العسكريّة، هو خطّ احمر لا يمكن التفاوض عليه بالنسبة لإيران، نعتقد ان موقف ترامب المقبل أمام الكونغرس خلال تقديم رؤيته حول الاتفاق سيتمثّل بمطالبته بتعديل الاتفاق، كما مهّد له تيلرسون اليوم. كذلك طالب نتنياهو بالأمس في خطابه أمام الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتغيير الاتفاق النووي مع إيران، للتخلص من البنود التي تزيل القيود على برنامج طهران النووي بمرور الوقت، وإلا يجب إلغاؤه. هذه المطالبة،تيلرسون ونتنياهو، تستوجب حملة إعلاميّة ممنهجة على أي نقاط ضعف في الاتفاق (أهمّها العامل الزمني)، ان وجدت، إلا أن موقف طهران لن يكون ايجابياً أبداً.

الحرج الأمريكي من أيّ قرار لا يراعي المواقف الأوروبية، وبطبيعة الحال الصينية والروسيّة، سيدفع بواشنطن إلى أن تحاول الالتفاف على الاتفاق عبر عقوبات جديدة تحت ذرائع دعم الإرهاب والبرنامج الصاروخي ( لا يرتبط البرنامج الصاروخي بالاتفاق النووي ولم يرد في أيّ من فقراته).

لا ندري ماهيّة الردّ الإيراني على أي خطوة عملية أمريكية تخلّ بالاتفاق، خاصّة أن قائد الثورة الإسلاميّة الذي ردّ سابقاً على تهديدات ترامب بتمزيق الاتفاق النووي بحرقه، شدّد مؤخراً على ان ارتكاب اي خطوة خاطئة فيما يخص الاتفاق النووي سيلقى ردة فعل من جانب الجمهوريةالاسلامية الايرانية. وأمّا بالنسبة بـ"بروبغندا" ترامب الإعلاميّة ضدّ الاتفاق، نعتقد أنّ الرد تلخّصه تغريدة وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف: "خطاب ترامب المليء بالكراهية والجهل ينتمي للعصور الوسطى وليس الأمم المتّحدة في القرن الحادي والعشرين، وهو غير جدير بالرد عليه"، فالاتفاق يسير وترامب يعترض.