رفع صورة أوجلان أول الغيث؛ هل تجاوز الأكراد الخطوط الحمر... ما نتائج ذلك؟!

رفع صورة أوجلان أول الغيث؛ هل تجاوز الأكراد الخطوط الحمر... ما نتائج ذلك؟!

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧

أحداث متسارعة وتحولات كبيرة تحدث على امتداد البقع الجغرافية التي يتواجد فيها الأكراد، امتدادا من شمال غرب العراق وصولا إلى شمال شرق سوريا وبالتحديد في محافظة الرقة السورية التي تشهد حالة من الترقب والحذر بعد خروج إرهابيي داعش منها، الأمريكي أوكل مهمة إدارة الرقة لقوات سوريا الديمقراطية بينما تقول الحكومة السورية وعلى لسان الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، هلال هلال، الذي صرح بأن الرقة ستعود لحضن الوطن.

وبين الحدث الأول والثاني يبرز على الساحة حدث ثالث قد يقلب الطاولة على الأكراد ويضعهم في مأزق يصعب الخروج منه وقد يجنون على أنفسهم وشعبهم في حال استمروا في هذه السياسة، لأنه من الغريب فعلا والصادم أن يرفع أفراد من "قوات سوريا الديموقراطية" صورة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، بعد أيّام قليلة على زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" بريت ماكجورك لمدينة الرقّة.

الخطوة الكرديّة أثارت جدلاً واسعاً، وغضباً تركيّاً، وفي حين تعدّ عمليّة رفع صور"آپو"،وهو اللقب الذي يطلقه الأكراد على عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، استفزازية من الدرجة القصوى لتركيا التي تصنّف حزبه إرهابيّاً، اعتبر ساسة الأكراد أنّ عملية رفع الصورة بمثابة رسالة لتذكير العالم بقضيته كونه معتقل، منذ 15 شباط/ فبراير 1999، في أحد السجون التركية على جزيرة في بحر مرمرة.

ولكن ما جرى ليس مجرد حدث عابر بل هو إشارة واضحة بأن قوات سوريا الديمقراطية على علاقة وصلة واضحة بحزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب، وهذا الأمر قد يجر الأكراد إلى نفس المستنقع الذي تورط فيه رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، ويوحد دول العالم عامة ودول الإقليم المجاورة للأكراد لمواجهة انفصال الكرد عن بلادهم، خاصة الأتراك الذين لديهم مخاوف كبيرة من هذا الأمر، كيف لا ويقطن على أراضيهم أكثر من 18 مليون كردي.

النتائج التي قد تنجم عن هذا الفعل

إن رفع صورة أوجلان الذي بدأ عمله السياسي كعضو شعبة، في جمعية ثوار الثقافة الشرقية في إسطنبول عام 1970، وأعلن عن تاسيس حزب العمال بشكل رسمي عام 1978، ستجلب للأكراد الكثير من التحديات وتدخلهم في دوامة وحلقة مفرغة يصعب الخروج منها للأسباب التالية:

أولاً: رفع صورة مؤسس حزب العمال الكردستاني في الرقة، ستوقع الاكراد في فخّ حليفهم العراقي مسعود البارزاني، وبالتالي قد يتكرر سيناريو كركوك في شمال شرق سوريا، ومن المرجح جدا أن تتجه قوات الجيش السوري إلى الرقة، خاصة أن تصريحات رسمية من القيادة السورية تحدثت بهذا الخصوص، وجاء على لسان الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، هلال هلال، الذي صرح بأن الرقة ستعود إلى حضن الوطن بفضل سواعد الجيش والقوات المسلحة التي تواصل تسطير أروع ملاحم البطولة لاجتثاث الإرهاب من مناطقها وبلداتها".

وبالتالي يجب أخذ هذا الكلام على محمل الجد، خاصة أنه من مسؤول رفيع في القيادة السورية، الأمر الثاني أن الجيش السوري متواجد على تخوم الرقة وتحديدا بريفها الجنوبي وأصبح لديه من القوة ما يكفي لإعادة السيطرة على أي منطقة يريدها.

ثانياً: تركيا، أكثر بلد يشعر بخطر الأكراد تجاهها وهي لا تخفي هذا الأمر أبدا، وهي تحارب حزب العمال الكردستاني على أراضيها منذ عشرات السنوات، وربما رفع الصورة قد يشكل لها مبرر لمهاجمة الأكراد في الرقة، خاصة أن الحزب يطالب بتأسيس دولة للكرد في المنطقة التي تقع بين العراق، وسوريا، وتركيا، وإيران، وهو ما عد تهديدا للأمن القومي بالنسبة لهذه الدول، وقد ادعت تركيا في السابق أن قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني هم في نفس الخانة، ورفع صورة أوجلان قبل يومين يؤكد ادعاءات التركي، وبالتالي هي لن ترضى باستلام الأكراد لإدراة الرقة لأنها تعتبره تهديدا لأراضيها.

ثالثاً: الورطة التي وقع فيها الأكراد، قد تجعل الإيراني يستغل الأمر لصالحة، ويبدأ من هذه الثغرة بإعادة العلاقات بين سوريا وتركيا ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما، خاصة أنهما يشتركان في وجهة نظر واحدة تجاه الأكراد ومخططاتهم.

رابعاً: اعطاء حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مهمهة استلام الرقة واداراة شؤونها من قبل الامريكي قد يولد حرب داخلية عرقية، وفي هذا الإطار حذر نائب رئيس الوزراء، فكري إيشيك، من أن تسليم الولايات المتحدة إدارة مدينة الرقة السورية، التي يشكل العرب أكثر من 90 % من سكانها، إلى عناصر تنظيم "ب ي د" الإرهابي سيولد مشاكل أخرى، وقد "سيشعل فتيل صراع عرقي" في المدينة.

خامساً: ما يحلم به الكردي اليوم ورغم دعم الأمريكي له سيصطدم بمعارضة دول الجوار (تركيا وإيران والعراق وسوريا)، ولن تسمح هذه الدول بأي شكل بانفصال الأكراد أو تواجد حزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية لما يشكله هذا الأمر من تهديد أمني لأراضيها فضلا عن خشية تركيا من امتداد فكرة الانفصال إلى أراضيها.

ختاماً، لم يظهر الأكراد أبدا حسن نوايا تجاه الدول التي يتواجدون عليها، وبالتالي لن يلقوا أي ترحيب بنزعاتهم الإنفصالية، فاليوم الكردي في سوريا يطالب الحكم الذاتي ويتولى إدارة الرقة وبما أن الأمريكي يعتبر سنده الوحيد تقريبا لن نتفاجئ أبدا بأن الأكراد في سوريا سيطالبون بالإنفصال، ورفع صورة أوجلان أول الغيث والآتي أعظم.