«اتحاد دفاعي أوروبي»: لا للاعتماد على أميركا؟

«اتحاد دفاعي أوروبي»: لا للاعتماد على أميركا؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

في خطوة جديدة للاتحاد الأوروبي، وقّعت فرنسا وألمانيا مع 21 دولة اتفاقية تخص القوات المسلحة، لتصبح بذلك مسألة تطوير الأسلحة في منظومة الدفاع الأوروبية تملك أفضل فرصة الآن، مع ابتعاد بريطانيا وضغوط الولايات المتحدة عن التكتل الوليد

في أحدث محاولة أوروبية لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، وقّع 23 بلداً من أصل 28 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي التزامها بتعاون أمني بعيد المدى، ما يؤسس لإقامة «اتحاد دفاعي أوروبي»، إذ وقّع وزراء دفاع وخارجية الدول الثلاث والعشرين أمس في بروكسل، اتفاقية «التعاون الهيكلي الدائم» في الأمن والدفاع (بيسكو ــ PESCO) التي تتيح للدول «التعاون بشكل أوثق لبناء القدرات العسكرية».

وتهدف الاتفاقية إلى «تمويل وتطوير ونشر القوات المسلحة»، في محاولة لإنشاء تكامل دفاعي أوروبي ولتدعيم وحدة الاتحاد الأوروبي بعد قرار بريطانيا الخروج منه، كما ستنشئ الدول نادياً رسمياً يعطي الاتحاد دوراً أكثر تماسكاً في التعامل مع الأزمات الدولية.
والتقى وزراء الخارجية والدفاع لتمثيل 23 حكومة بالاتحاد، وهو ما يمهد الطريق أمام زعماء الاتحاد للتوقيع عليها في كانون الأول المقبل. وللمرة الأولى، ستلزم الحكومات المشاركة نفسها قانوناً بمشروعات مشتركة، وسوف تتعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي والمساهمة في مهمات الانتشار السريع.
وتضم الاتفاقية كل حكومات الاتحاد الأوروبي، باستثناء بريطانيا التي ستغادر التكتل، والدنمارك التي آثرت الابتعاد عن الشؤون الدفاعية، وكذلك إيرلندا والبرتغال ومالطا. ويقول المؤيدون للاتفاقية إنها إذا نجحت، فإن النادي الرسمي المؤلف من 23 دولة سيمنح الاتحاد دوراً أكثر تماسكاً في التعامل مع الأزمات الدولية، وسينهي أوجه القصور التي ظهرت في ليبيا عام 2011 (اعتماد الحلفاء الأوروبيين على الولايات المتحدة في القوة الجوية والذخيرة).
في هذا السياق، قال مسؤول كبير من الاتحاد، «لم نصل إلى هذا المدى من قبل... نحن في وضع جديد»، في إشارة إلى جهود التكامل الدفاعي التي يرجع تاريخها إلى خمسينيات القرن الماضي. كما أعلن دبلوماسيون أن «المشروع حصل على دفعة بعد انتخاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، المؤيد للمشروع الأوروبي وتحذيرات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أن الحلفاء الأوروبيين يتعين أن يدفعوا المزيد من أجل أمنهم».
من جهتها، وصفت ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، قرار الاتحاد الأوروبي إطلاق منظومة الدفاع الأوروبية PESCO بـ«التاريخي»، مشيرة إلى أن إطلاق هذه المنظومة «هو صفحة جديدة في تاريخ الدفاع الأوروبي».
وشددت موغيريني على أن الاتحاد «سيعمل عبر هذه المنظومة على المرور إلى مرحلة جديدة قائمة المبادرة والفعالية»، لافتة إلى أن «الأمر سيتم بالتوازي مع التعاون الوثيق الجاري بين الاتحاد و«حلف شمالي الأطلسي (الناتو)»، معتبرة أن هذه الأداة الجديدة «ستسمح بزيادة تطوير قدراتنا العسكرية لتعزيز استقلاليتنا الاستراتيجية».
ومنذ إخفاق إنشاء «المجموعة الدفاعية الأوروبية» قبل ستين عاماً، لم ينجح الأوروبيون يوماً في التقدم في هذا المجال، لكن الأزمات المتتالية منذ 2014 (ضم القرم إلى روسيا في النزاع في شرق أوكرانيا وموجة اللاجئين ثم التصويت على بريكست في بريطانيا ووصول دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة) غيّرت المعطيات.
ورغم أن تمويلاً أوروبياً بمليارات من اليورو لدعم الاتفاق لا يزال قيد التفاوض، لكنّ تجريب نظام لرصد أوجه نقاط الضعف في القوات المسلحة لدول الاتحاد الأوروبي سيبدأ بالتنسيق مع «حلف شمالي الأطلسي ــ الناتو» الذي تقوده الولايات المتحدة. ويأتي ذلك بعد سنوات من خفض الإنفاق الذي ترك الجيوش الأوروبية تفتقر إلى أصول حيوية.