واشنطن تباشر خططها لسورية «ما بعد داعش»

واشنطن تباشر خططها لسورية «ما بعد داعش»

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٦ نوفمبر ٢٠١٧

في انتظار ما ستفضي إليه المعارك «الأخيرة» ضد «داعش» بين سوريا والعراق، تستحث واشنطن أدواتها الميدانية والسياسية لتهيئة مناطق نفوذها لمرحلة أفول التنظيم، وما سيحمله ذلك من تصاعد للتوتر مع معسكر دمشق وحلفائها من جهة، وأنقرة من جهة أخرى
على الرغم من استمرار المعارك ضد «داعش» في الشرق السوري وصحراء نينوى والرمادي العراقية، تبدو جميع الأطراف المنخرطة فيها؛ تعدّ لليوم الذي يلي انتهاء التنظيم بشكله الحالي. وتنعكس هذه التوجهات في طبيعة المعارك التي تشهدها معاقل التنظيم الأخيرة، من محاولة تجيير قوة التنظيم الباقية ضد «الطرف الآخر»، عبر الاتفاقات كما خطط الميدان.
وبينما يظهر أن تقسيم النفوذ ــ المؤقت ــ حول نهر الفرات بات أمراً شبه محسوم، بين معسكري دمشق وواشنطن، فإن الطرف الأميركي يكثّف من جهوده لفرض نفسه عسكرياً وسياسياً على مسار «التسوية» المرتقبة.
فبعد التصريحات التي خرجت عن وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس؛ وربطت مدة بقاء قوات بلاده داخل سوريا بالتقدم على مسار محادثات جنيف، والتي قوبلت بتصعيد مشروط في دمشق، رحّب «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي (الذي يعد المكون السياسي الأبرز في المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديموقراطية») بالخطوة الأميركية. وأُرفِق هذا الترحيب بإشارة إلى «تخوّف» من نفوذ كل من تركيا وإيران وتنظيم «القاعدة». ومن غير الممكن فصل هذا السياق عن التصنيف الجديد الذي أعلنته واشنطن، لعدد من الفصائل العراقية التي تقاتل على جانبي الحدود، على أنها منظمات «إرهابية». إذ تفتح هذه الخطوة الباب أمام القوات الأميركية لاستغلال أي توتر ميداني في محيط وادي الفرات ومنطقة الحدود، لاستهداف أيٍّ من تلك الفصائل؛ ومن يقاتل معها. وهي جزء من التحضيرات الأميركية لـ«احتواء» النفوذ الإيراني في كل من العراق وسوريا.
ويبدو لافتاً أن واشنطن تراهن في صراعها الجديد، على استمرار العلاقة الطيبة التي باتت تجمعها مع قيادة «حزب الاتحاد الديموقراطي» المقربة من «حزب العمال الكردستاني». وضمن هذا السياق، أكد الرئيس المشترك في «الاتحاد الديموقراطي» شاهوز حسن، في رسالة مكتوبة إلى وكالة «رويترز»، أنه «دون تحقيق حلٍّ سياسي للأزمة السورية، و(مع) استمرار التدخل التركي والإيراني في سوريا وبقاء مجموعات (القاعدة)؛ سيكون من الأفضل استمرار عمل التحالف الدولي».
بدورها قالت عضو اللجنة التنفيذية لـ«حركة المجتمع الديموقراطي» الكردية، فوزة يوسف: «كان للولايات المتحدة وقوات (التحالف) دور مهم في محاربة (داعش)، ومن أجل الوصول إلى تسوية سياسية عادلة ترضي جميع الأطراف نرى أن هناك حاجة إلى ضمانات دولية»، مضيفة أن «قيام أميركا بدور الضامن في هذه الفترة يعَدّ أمراً مهماً». ورأت أن زيادة واشنطن للمساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا، منذ أن سيطرت «قسد» التي يقودها الأكراد على الرقة، هو مؤشر على اتساع نطاق الدور الأميركي.
أما أنقرة، وبحكم حساسيتها تجاه الدعم الأميركي للأكراد، فقد طالبت منذ أيام بانسحاب القوات الأميركية والروسية من سوريا، مرفقة مطالبها بإحصائيات عن أعداد القواعد العسكرية التي أقامتها أو شغلتها قوات البلدين. وشهد أمس، حدثاً لافتاً ضمن هذا السياق، تمثل بهروب المتحدث باسم «قسد»، طلال سلو، إلى مناطق سيطرة فصائل «درع الفرات» في محيط جرابلس. «الانشقاق» الذي قالت مصادر معارضة إنه جرى بالتنسيق مع المخابرات التركية التي «استقبلته هناك»، جاء وفق الرواية الكردية بعد «استقالة» سلو من منصبه. وسبق هروب سلو ذي الأصول التركمانية وقائد «لواء السلاجقة» سابقاً، الذي ينحدر من قرية الراعي التي تسيطر عليها «درع الفرات»، تعيين الناطق الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» ريدور خليل، رئيساً لمكتب العلاقات العامة في «قسد». وقد يكون تعيين خليل، الذي تعدّه أنقرة أحد عناصر «العمال الكردستاني»، تمهيداً لمرحلة جديدة قد تشهد تصاعداً للتوتر بين أنقرة و«قسد»، خاصة بوجود دعم أميركي «مديد» للأخيرة.
موسكو بدورها، نددت بالتصريحات الأميركية على لسان نائب وزير خارجيتها غينادي غاتيلوف. ورأى الأخير أن «الصراع مع المجموعات الإرهابية لا يعطي أي دولة أو تحالف حقاً بالوجود العسكري في سوريا»، مضيفاً أن «السلطات السورية هي التي تملك السلطة بتحديد من تدعو من البلدان لإرسال وحدات عسكرية إلى أراضيها، وحتى الأمم المتحدة لا تملك هذا الحق». وبعد الاتهامات التي ساقتها وزارة الدفاع الروسية ضد «التحالف» بمساندته تنظيم «داعش» وعرقلة طائراتها، أعلنت الوزارة أمس أن ست قاذفات استراتيجية روسية (تو 22)، وجّهت ضربات جوية إلى مواقع «داعش» في محيط البوكمال. وفي الميدان، استمرت الاشتباكات العنيفة على تخوم مدينة البوكمال الجنوبية والشرقية، وسط مقاومة عنيفة يبديها تنظيم «داعش» ضد هجمات الجيش السوري. ووصلت أمس، تعزيزات إلى نقاط الجيش في محيط المدينة، تحضيراً لتصعيد الضغط ضد التنظيم وكسر دفاعاته.