عمر البشير يتجه شرقا مطلقاً رصاصة الرحمة على حلفاء الأمس

عمر البشير يتجه شرقا مطلقاً رصاصة الرحمة على حلفاء الأمس

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٧

يبدو أن الرئيس السوداني عمر البشير بدأ يغلق أبوابا قديمة في الغرب ليفتح عوضا عنها أبوابا جديدة في الشرق ولكن لا أحد يعلم إن كان البشير سيحكم الإغلاق على الأبواب القديمة ويرمي مفاتيحها في البحر الأحمر أم سيتركها في جعبته، خاصة أن البشير له سوابق في اللعب على التناقضات، فقد التف على إيران لصالح السعودية بعد أن كانت الأولى تقدم له كل أنواع الدعم بالرغم من المقاطعة الاقتصادية التي كانت تواجهها من قبل الولايات المتحدة و الدول الغربية بسبب مشروعها النووي.

ويبقى السؤال اليوم ما الأسباب التي دفعت البشير ليغير مواقفه تجاه السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية ويقترب إلى روسيا طالبا الحماية رافضا الحرب على إيران مبديا دعمه للرئيس السوري بشار الأسد قائلا "لا تسوية سياسية من دون الرئيس الأسد"؟!.

في ظاهر الأمر الرئيس البشير استقرأ ما ستؤول إليه الأمور في المنطقة بعد الانتصارات المذهلة التي حققها محور " موسكو- طهران- العراق- سوريا- حزب الله" لتبدأ معه تحالفات جديدة انضمت إليها تركيا، ورافق ذلك القضاء على التنظيم الأخطر "داعش" وفشل ذريع للسعودية في اليمن وعدم قدرتها على إحداث أي تغيير كانت تصبو إليه أو تخطط له في لبنان فضلا عن انقطاع علاقتها مع قطر بما يشبه الطلاق السياسي فضلا عن وصول عدد الجنود السودانيين القتلى في اليمن إلى 500 قتيل مع عدم وجود رؤية واضحة للحرب هناك، يضاف إلى ذلك أزمات اقتصادية أثقلت كاهل السودان ولم ينفعها تحالفها مع السعودية ولا مع أمريكا في تخفيف معاناتها الاقتصادية، لذلك وجد البشير من الأفضل الالتفاف على الحلف الغربي الذي لم يقدم له أي منفعة تذكر والذهاب نحو موسكو لفتح صفحة جديدة هناك علها تكون مدخل لإعادة العلاقات مع ايران وسوريا وطلب المغفرة من الأولى واعترافا بأن الحرب على اليمن خاسرة وأن الرهان على السعودية وأمريكا كان أكثر من خاسر.

 الحماية الروسية

ما قاله البشير للإعلام الروسي كان مفاجأً إلى حد كبير حيث طالب البشير بوتين بانشاء قواعد عسكرية على ساحل البحر الأحمر، لكبح التدخلات الامريكية في البحر الاحمر، وقال إنها باتت مشكلة حقيقية في المنطقة، و إن السودان في حاجة إلي مظلة حماية لبلاده من تدخلات الإدارة الامريكية، ومثل هذه الطلبات لا تقال في قواعد العلاقات الدولية علنا، إنما داخل الغرف المغلقة، لكن لماذا أراد البشير إن تكون علنا و على الهواء؟.

هناك دليل واحد لهذا الكلام "فشل المشروع الأمريكي في المنطقة وتهاوي التحالف العربي بقيادة السعودية"، أدرك البشير هذا الأمر لذلك سارع لطلب الحماية الروسيّة من العدائية الأمريكية، وتحدث البشير مع وكالة سبوتنيك الروسية عن العلاقات القوية التي تجمع السودان بروسيا وتطرق للتعاون العسكري بين البلدين وقال "تعاون في شراء المعدات والأسلحة الروسية للسودان، وأن زيارته فيها دفعة قوية جدا للعلاقات كأول زيارة له إلى روسيا"، ولمح البشير إلى أنه يريد تواجد للروس على أراضي بلاده عندما قال "كل تجهيزاتنا العسكرية من صنع روسي وحين نستخدم تلك التجهيزات، نحن بحاجة لمدربين ومستشارين روس".

مقارنة بين السعودية وقطر

وجد البشير أن تحالفه مع السعودية لم يجدي نفعا بل على العكس جلب الويلات لبلاده، فقد كان الرئيس السوداني يظن أنه إذا قطع علاقته مع إيران وأرسل قوات سودانية تقاتل على الأرض لمساعدة السعودية في توسيع نفوذها سيتمكن من كسب ميزات معينة وربما مليارات الدولارات من السعودية كما حدث مع مصر ولكن في الحقيقة ما حدث أن السعودية لم تقدم للسودان أي دعم مادي فضلا عن كون تحالفها يوشك على الانهيار كما قال الكاتب البريطاني الشهير، ديفيد هيرست، الذي أوضح أنه بعد عامين من الحرب يبدو أن تحالف القوات البرية الذي شكله السعوديون على وشك الانهيار، وكشف هيرست في مقاله أن الانقسامات بدأت تبرز بين القوات البرية اليمنية والأجنبية التي تقاتل ضد الحوثيين داخل البلاد، الأمر الذي يمكن أن يهدد مستقبل التحالف الذي تقوده السعودية.

ومن حسن حظ البشير أنه لم يقطع علاقته مع قطر خلال أزمتها مع السعودية وتمكن ببراعة من الحفاظ على توازن معين في العلاقة مع قطر ولم تكن حينها السعودية تستطيع الضغط على السودان لقطع علاقتها مع قطر لسببين، الأول : أن السودان أرسلت 10 آلاف جندي من قوات المشاة إلى اليمن لمساندة السعودية في حربها على اليمن، والثاني : أن السعودية لم تقدم أي دعم حقيقي للسودان على جميع المستويات.

العلاقة مع قطر

تعود العلاقات السودانية القطرية إلى 45 سنة، أي إلى عام 1972، حيث لعب السودان دوراً مهماً في دعم قطر في مجال التعليم والصحة والإعلام والقضاء والشرطة وغير ذلك" في ذلك الوقت أما اليوم فنجد أن الحضور القطري في السودان قويا جدا فهو لا يقتصر على الموانئ وإنما يشمل أيضاً  تعاون اقتصادي كبير "المصارف والعقار والزراعة" بل وهناك أيضاً الجانب الثقافي، فقطر تمول ترميم الآثار، منها أهرامات السودان، مشاريع صرفت عليها قطر 135 مليون دولار منذ عام 2013.