بوتين في أنقرة لحلحلة عقدة إدلب وتعبيد طريق «سوتشي»

بوتين في أنقرة لحلحلة عقدة إدلب وتعبيد طريق «سوتشي»

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١١ ديسمبر ٢٠١٧

أقل من ثلاثة أشهر المدة الزمنية التي فصلت الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة، عن تلك التي ستجري اليوم، زيارة تأتي هذه المرة على وقع «خلط كبير» في الأوراق الميدانية والسياسية.
والرئيس الروسي الذي يستعد مع بداية العام المقبل لخوض الانتخابات الرئاسية، يسعى على ما يبدو لترتيب أوراق الملف السوري بما يتناسب والإنجاز الذي حققته قواته مع نظيرتها السورية في طرد داعش وإنهائها عن الوجود.
زيارة بوتين التي تأتي في إطار جولة تأخذه إلى مصر أيضا، تتزامن مع التعثر الذي تشهده جولة «جنيف 8»، وسط محاولات روسية جادة لتحسين ظروف عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، حيث يعول الروس على دفع التسوية السورية خطوات إلى الأمام بعد إخفاق المحاولات التصعيدية الأميركية من خلال ما أنتجه اجتماع «الرياض 2».
واللافت أن بيان الكرملين جاء مقتضباً ووصف الزيارة بأنها زيارة «عمل» سيلتقي خلالها أردوغان وستناقش الملفات الإقليمية وعلى رأسها الوضع في سورية، والتطورات في ملف القدس، علماً أن الزيارة لم تكن مدرجة على جدول أعمال بوتين، الأمر الذي أوحى بأن ترتيبها جاء على عجل، وخصوصاً أنه سبق هذا الإعلان اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين الروسي والتركي شدّدا خلاله على تقارب مواقف البلدين حيال الملفات المطروحة.
ومما يشير إلى أن مباحثات بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ستركز على الوضع في محافظة إدلب التي أدرجت في عداد «مناطق خفض التصعيد»، قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بلاده تعمل مع تركيا بشأن الوضع في إدلب، إلا أنه أكد أن بلاده «لا تخطط للتعاون مع الولايات المتحدة في هذا الخصوص»، ووصف ذلك التعاون بأنه «غير مثمر على الإطلاق»، موضحاً أن «الوضع في إدلب لا يزال معقداً، ونحن نعمل مع شركائنا الأتراك والإيرانيين، والنظراء السوريين، لإطلاق «منطقة خفض التصعيد» هناك بأقصى قدر ممكن من الفاعلية».
بالمقابل أشار نائبه ميخائيل بوغدانوف والذي أجرى محادثات مع السفير الأميركي لدى موسكو جون هانتسمان، تناولت «الوضع في سورية من الزوايا المختلفة بما في ذلك الصعيد الإنساني»، إلى تنشيط موسكو اتصالاتها لدفع مسار التسوية السورية، في إشارة إلى سعيها لحلحلة العقبات التي تحول دون استكمال ترتيباتها السياسية عقب انتهاء تهديد داعش.
تسعى تركيا، التي لا تزال تحشد على حدود عفرين، إلى انتزاع تنازل روسي إيراني يسمح لها بالتمدد داخل حدود المدينة، أو التوصل إلى اتفاق يدخل عفرين ضمن «مناطق خفض التصعيد»، حيث تحدث أردوغان أكثر من مرة، أن «بلادهُ تنوي استكمال عمليتها في إدلب، وتوسيعِ نطاق هذه العملية ليشملَ مناطقَ في عفرين».
أمس تحدثت تقارير إعلامية عن دخول رتل عسكري يضم نحو 10 مدرعات وعشرات الجنود من القوات التركية إلى الأراضي السورية من شمال إدلب، واتجاهه صوب قريتي صلوة وقاح، التي تتمركز فيها القاعدة العسكرية الأولى للقوات التركية في الشمال السوري.
ولا يبدو أن المشكلة الكردية والتمدد التركي غير المشروع في الشمال السوري إلا أحد المسائل العالقة بين الطرفين، لكن المعطى الميداني الأخطر، والذي برز قبل أيام هو وصول داعش إلى تخوم إدلب، والاشتباكات التي وقعت بينه وبين جبهة النصرة ما رفع منسوب خلط الأوراق الميدانية في تلك المنطقة، وما قد يسببه من نسف الترتيبات الروسية الإيرانية التركية برمتها.
وأول من أمس مصادر إعلامية تحدثت لـ«الوطن» عن تصاعد الاقتتال بين داعش و«النصرة» في ريف حماة الشمالي الشرقي، حيث سيطر الدواعش على قلعة الحوايس بعد معارك مع «النصرة» خسرت فيها الأخيرة عدداً كبيراً من مسلحيها أيضاً.
مواقع معارضة، لفتت إلى أن داعش سيطر أيضاً على قرى ابن هديب، حوايس أم الجرن وجبل الحوايس، ليصل التنظيم بذلك إلى «الحدود الإدارية لمحافظة إدلب».
وحتى الآن لا تبدو عودة داعش إلى إدلب بعد أربع سنوات على طرده منها واضحة الاتجاهات، خصوصاً لجهة نيات التنظيم التوجه صوب قتال «النصرة» وانتزاع السيطرة على المدينة، أم التوجه لقتال قوات الجيش العربي السوري، التي تحقق المزيد من التقدم نحو استعادة مطار أبو الضهور جنوب المحافظة.
في ظل هذه التطورات تبرز هواجس الحكومة السورية تجاه التصرفات التركية في الشمال السوري، والتي تشكل بدورها إحدى العقد الرئيسية التي يسعى الروس لحلحلتها أيضاً، ذلك أنه وبعد الاستنكار الرسمي السوري للوجود التركي غير الشرعي ومخالفته لمخرجات أستانا، تكشف المعطيات الواردة من تلك المناطق، اتجاهاً تركياً نحو تطبيق سياسة التتريك، عبر اتخاذ مجموعة من الخطوات كان آخرها إعلان «وزارة التربية والتعليم» في ما يسمى «الحكومة المؤقتة»، إرسال آلاف النسخ من المنهاج الدراسي إلى أرجاء إدلب، بهدف «تتريك» المحافظة لكون المناهج تركز على اللغة التركية.
الواضح أن زيارة بوتين اليوم وإن جرى التصريح بأنها ستناقش مسألة القدس، ومفاعيل القرار الأميركي، إلا أن عنوانها الأبرز هو مستقبل إدلب ومحاولة الروس فك العقد الميدانية والسياسية على طريق التمهيد لسوتشي وترتيب الأوراق السياسية بما يتناسب مع مرحلة انتهاء خطر داعش في سورية والمنطقة.