إسرائيل تُهدد غزة... وتخشى التصعيد

إسرائيل تُهدد غزة... وتخشى التصعيد

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

واقع التجاذب في الساحة الإسرائيلية حول وجهة الهبّة الفلسطينية، وإمكان تدحرجها إلى انتفاضة شاملة، ما زال هو السائد، ويجد تعبيراته بقوة في تقارير الإعلام العبري وتعليقاته. مع ذلك، وعلى مدى الأيام الماضية منذ صدور القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، كان واضحاً أنّ رهان صانع القرار في تل أبيب هو إمكان مواجهة مجرد «انتفاضة مخففة»، لا تتجاوز كونها هبّة، من شأنها أن تخفت تدريجاً إلى أن تنتهي. رهان مجبول بأمل قائم على معطيات مصالح الشركاء في عدم تطور الأمور الميدانية إلى انتفاضة شاملة، سواء الشركاء في داخل فلسطين المحتلة، أو خارجها في الإقليم.

إلى الآن، رهان إسرائيل لم يتحقق. الهبّة الفلسطينية متواصلة لليوم السابع على التوالي، من دون إشارات دالّة على إمكان إخمادها. في الوقت نفسه، وفي الموازاة، برزت خشية إسرائيلية أيضاً، مصحوبة بوقائع وتطورات ميدانية تصعيدية، من إمكان «التدحرج» إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة، رغم أن تل أبيب تعمل على الحؤول دونها، إن لجهة مواقفها وإجراءاتها، أو لجهة ردودها العسكرية على إطلاق أكثر من 15 صاروخاً باتجاه مستوطنات غلاف قطاع غزة، أدت إلى سقوط إصابات لدى المستوطنين.
الواضح أنّ إسرائيل، حتى أمس، تعتمد استراتيجية الصوت العالي والفعل المنخفض، في مواجهة التطورات والأحداث الميدانية مع قطاع غزة. وإن كان الجيش الإسرائيلي يترقى في تهديداته، وكذلك في ردوده، فإن سمة هذه الردود كانت مدروسة، على أمل ردع الجانب الفلسطيني في القطاع، من دون تصعيد والتدحرج إلى مواجهة شاملة، ثبت أن تل أبيب لا تريدها ولا تسعى إليها، ربطاً بنتائجها السيئة جداً في هذه المرحلة، حيث الجهود منصبة على تهدئة الشارع الفلسطيني في أعقاب القرار الأميركي إزاء القدس.
على هذه الخلفية، جاءت تهديدات وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، للفلسطينيين في قطاع غزة، التي يمكن أن تخدم الردع أكثر من كونها مؤشراً على نيات تصعيدية. ومن مستوطنة سديروت، التي طاولها عدد من الصواريخ في الأيام الماضية، أكد ليبرمان للمستوطنين ضرورة «الاطمئنان» بالرغم من الهجمات الصاروخية شبه اليومية من غزة. وأضاف أن «الهجمات (الصاروخية) نتيجة لخلاف سياسي فلسطيني داخلي بين مجموعات وفصائل مختلفة، ولا علاقة لها بقدرة الردع الإسرائيلية». وفي موازاة طمأنة المستوطنين، أرسل ليبرمان تهديدات تخدم الردع إلى القطاع: «نحن نعرف ما يجب فعله وكيف ومتى، وأوعزت إلى الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً لكل سيناريو محتمل».
في السياق نفسه، وضمن استراتيجية رفع الصوت التهديدي الأعلى من الأفعال، حذّر أيضاً الناطق باسم جيش الاحتلال، رونين انيليس، من أن «الجيش سيفعل ما باستطاعته لإعادة الهدوء إلى المنطقة (قطاع غزة)»، موجهاً كلامه إلى «المجموعات المسلحة في غزة»، بأن الجيش الإسرائيلي «لن يقبل بأي شيء أقل من الهدوء التام».
وكان واضحاً أن كلام ليبرمان، والناطق باسم جيش العدو، موجّه أيضاً للرد على دعوات «شعبوية» أطلقها في اليومين الماضيين أعضاء كنيست وفاعليات في المستوطنات، طالبت بهجمات إسرائيلية أشدّ على الفلسطينيين، حتى وإن سببت مواجهة شاملة مع القطاع وإعطاء زخم أكبر للهبّة الفلسطينية في الضفة الغربية، الأمر الذي تعمل المؤسسة السياسية والعسكرية في إسرائيل، على تجنبّهما.
وكانت مصادر أمنية إسرائيلية قد أشارت في حديث مع «القناة 12» العبرية إلى الخشية السائدة لدى المؤسسة الأمنية من التسبب بمواجهة عسكرية شاملة مع قطاع غزة، الأمر الذي يدفع الجيش الإسرائيلي إلى «عدم هزّ» القطاع هزّاً عنيفاً. وأضافت المصادر أن «ديناميكية التصعيد» مع غزة موجودة بالفعل، خاصة في ظل عدم استقرار ميداني متواصل وفقدان (حركة حماس) السيطرة على «التنظيمات المتفلتة» المسؤولة في الأيام الأخيرة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل. ولفتت المصادر إلى أن «الخشية هي أن يؤدي الوضع المتوتر بالطرفين إلى قراءة خاطئة وسوء فهم لموقف الطرف الآخر، ما يسبّب حرباً شاملة».
صحيفة «معاريف» نقلت تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على هبّة الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية، مشيرة إلى أن «المؤسسة ترى أن السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، تجد صعوبة في كبح التدهور الميداني، رغم أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تواصل التنسيق الأمني مع الأجهزة الإسرائيلية، إذ إن الطرفين غير معنيين بمواجهة، لكنهما يشبهان من يركبان ظهر نمر ويعتقدان أنهما سينجحان في السيطرة عليه»، في إشارة إلى صعوبة كبح الهبّة الفلسطينية والسيطرة عليها.