«الرايات البيضاء» تخلف «السوداء»: بغداد تتحدى «الإرهاب» مجدّداً

«الرايات البيضاء» تخلف «السوداء»: بغداد تتحدى «الإرهاب» مجدّداً

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

بعد انتصاره على «داعش» صاحب «الرايات السوداء»، يدخل العراق في مواجهةٍ جديدة ضد «الإرهاب»، شمال البلاد. «الرايات البيضاء» خلفت التنظيم المتطرّف، متبنيةً سلسلة هجماتٍ صاروخية ضد المدنيين والقوات الأمنية، ومبديةً جهوزيتها لخوض مواجهةٍ مفتوحة ضد بغداد

سقط تنظيم «داعش»، وظهر تنظيمٌ آخر. الفاصل الزمني بين الحدثين أيّامٌ فقط. فإعلان «النصر النهائي» على أكثر التنظيمات تطرّفاً في العالم كان الأسبوع الماضي، في وقتٍ أكّدت «قيادة العمليات المشتركة العراقية»، أمس، ظهور مجموعةٍ إرهابيّةٍ جديدةٍ، شمالي البلاد. وقال المتحدث الرسمي باسم «قيادة العمليات» يحيى رسول، إن «المجموعة الإرهابية الجديدة تطلق على نفسها تسمية الرايات البيض، وعناصرها يستهدفون قضاء طوزخورماتو، شمالي محافظة صلاح الدين، بالصواريخ وقنابل الهاون».

وتبنّت «البيضاء»، أمس، قصف المدنيين والقوات الأمنية في القضاء، إذ نقلت وسائل إعلامية عراقية، تصريحاً لمسؤول التنظيم الجديد قوله إنه «في حال انسحاب البيشمركة من قضاء طوزخورماتو، فإننا كجماعة شُكّلت للثأر للأكراد لن نسمح للقوات الأمنية بالتواجد في القضاء». وتابع مسؤول «البيضاء» في سياق تهديده الصريحٍ للقوات الأمنية و«الحشد الشعبي»، واصفاً تنظيمه بـ«القوة الجديدة»، والتي «شكّلت للرد على كل من يعتدي على أبناء قوميتنا»، متبنياً «قصف تلة هنجيرا، وبعض قرى التركمانية في القضاء بقذائف الهاون كثأرٍ لقوات البيشمركة».
التنظيم «الإرهابي» الجديد، بوصف الساسة العراقيين، شكّلته مجموعات كردية من «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«حزب العمّال الكردستاني»، وبعض من «أنصار السُنّة»، و«أحرار السُنّة»، و«البيجاك»، وينتشر في المناطق الجبلية التابعة لأراضي «الإقليم»، والمشرفة على القضاء.
ويؤكّد «المرصد العراقي لحقوق الإنسان»، أن «المدنيين يتعرضون إلى مخاطر كبيرة بسبب القصف العشوائي، في وقت لم تنجح القوات الأمنية الحكومية من منع تلك الإعتداءات التي تستمر منذ أسبوعين»، مستنداً، وفق بيانه، إلى «شهود عيانٍ» من القضاء، لفتوا إلى أن «القصف العشوائي بدأ من سلسلة المناطق الجبلية المحاذية للقضاء، مما تسبب بنزوح بعض العوائل إلى كركوك والقرى المجاورة له». إذ تشير الاحصائيات المتوفرة إلى سقوط أكثر من 74 شخصاً، بين قتيلٍ وجريح (بينهم أطفال ونساء)، إلى جانب الأضرار المادية الجسيمة في البيوت والمحال التجارية.
وأمام هذا الواقع المستجد، فإن بغداد في صدد إطلاق عمليةٍ عسكرية جديدة ضد التنظيم الوليد، وسط تشديد المراجع الأمنية أنه «ما من مجالٍ أمام من يعبث في نظام البلاد وأمنها». بدوره، بدأ «الحشد» بالتحضير للعملية «المرتقبة»، فوصلت تعزيزات كبيرة من قواته إلى قضاء طوزخورماتو، في حين أعلن القيادي في «الحشد» وسام آمرلي، أمس، عن «عزم الحكومة الاتحادية على نشر قوّةٍ مشتركةٍ من الجيش والحشد، على طول طريق طوزخورماتو- داقوق»، موضحاً أنه «بسبب طول الطريق وطبيعة المنطقة، يجب أن تتمركز قوّةٌ كبيرةٌ للسيطرة على تحركات الإرهابيين». وقال في تصريحٍ إن «نشر تلك القوات جاء بعد تصاعد الأحداث الإرهابية في تلك المناطق»، لافتاً إلى أن «الإرهابيين تسببوا بتدهور الأوضاع الأمنية خلال الأيام الماضية، وهم يحاولون نهب منازل الأهالي، واختطاف سائقين، وإحراق سيارات المواطنين».
المواجهة «المرتقبة» في شمال شرقي البلاد، يقابلها «تصعيدٌ» لا يزال حتى الآن مضبوطاً، في شمال غربي «بلاد الرافدين». فمحافظة نينوى تحتوي على «بؤرٍ ساخنةٍ» بوصف المحافظ السابق أثيل النجيفي، الذي حذّر منها، داعياً إلى «معالجة الأزمات قبل تفاقمها». وحدّد النجيفي أنه «من بين تلك البؤر سنجار وسهل نينوى»، حيث لا زالت «العقليات المتنفذة لا تفكر إلا بالحلول العسكرية، غير مبالية بصراعات تتجذر في مجتمعات تلك المناطق، ولا تكترث لخطورة غياب الإدارة الرسمية للدولة». وأضاف أن «الخلاف السلمي بين المسيحيين والشبك في سهل نينوى يحتاج لمعالجة سريعة، تهدّئ مخاوف المسيحيين من حدوث تغيير ديموغرافي في مناطقهم، وتهدئ مخاوف الشبك من تعرضهم للأذى مع التغيرات المستقبلية»، عازياً الصراع إلى وجود «قائممقامين في القضاء (أحدهم رسمي يستلم راتبه من الدولة، وآخر فعلي غير مثبّتٍ رسميا)، إلى جانب أسباب أخرى... فسنجار قد تصاعد الصراع فيها إلى حوادث قتل متبادلة بين الإيزيديين والعرب»، إضافةً إلى «تشتت القرار الإيزيدي، وتعدد التوجهات داخل البيت الواحد».
وتلمّح بعض المصادر العراقية إلى أن ما يجري شمالاً من هجمات، مردّها «يدٌ كردية»، في إشارةٍ إلى دور «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البرزاني، عقب انسحاب مجموعات «البيشمركة» التابعة له من المناطق المتنازع عليها في تشرين الأوّل الماضي، مضيفةً في حديثها إلى «الأخبار» أن البرزاني العاجز عن تحقيق أي مكسبٍ سياسي من بغداد، وفشله بالدخول في حوارٍ مباشر معها لحل الأزمة القائمة، يدفعه لـ«زكزكة» الحكومة الاتحادية برعاية مثل هذه المجموعات، آملاً من خلالها فرض «شروطه» عليها.
وعلى خطّ أزمة بغداد ــ أربيل، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن كل ما يتعلق بمسألة الاستفتاء، يجب أن يتم في «إطار الدستور، واحترام وحدة الأراضي العراقية»، في وقتٍ أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، أن «الولايات المتحدة تأمل في إنطلاق الحوار بين بغداد وأربيل بأسرع وقت»، إذ حثّت واشنطن الحكومة الاتحادية على تطبيق الدستور، فـ«التفاوض العسكري بين الطرفين قد جرى، ونأمل انخراطهم في حوار حكومي في القريب العاجل».