بوتين على أعتاب الولاية الرابعة: قدراتنا تنمو... وتجاوزنا تركة التسعينيات

بوتين على أعتاب الولاية الرابعة: قدراتنا تنمو... وتجاوزنا تركة التسعينيات

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

لم يكسر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم أمس، حاجز الساعات الأربع والدقائق الثلاث والثلاثين، الذي سجله في مؤتمر الصحافي السنوي عام 2012، حين أجاب عن 106 أسئلة، ولكن النسخة الثالثة عشرة من هذا التقليد السنوي، الذي واظب عليه منذ 2001، اكتسب أهمية كبرى، ليس لكونه الأخير في الولاية الرئاسية الثالثة له، بل لكونه بدا أقرب إلى طرح أولي للبرنامج الانتخابي الجديد لسيد الكرملين الذي يرجح فوزه بولاية رابعة في آذار المقبل.

المؤتمر الصحافي، الذي حضره 1640 صحافياً، استهلّ بتمريرة انتخابية بامتياز وفرت فرصة مناسبة لبوتين لكي يطلق ما يمكن اعتباره مقدمة لبرنامج انتخابي. مراسلة «غافاريت موسكفا»، التي وقع عليها اختيار لطرح أول الأسئلة على «السيد الرئيس»، في «خرق للتقليد» الذي كان يقدّم الصحافيين القدامى على الجدد، طلبت من بوتين شرحاً حول أسباب خوضه السباق الرئاسي، فكان أن حدد الحيثيات برغبته في أن «تنطلق روسيا نحو المستقبل، وأن تكون بلداً عصرياً بنظام سياسي مرن، واقتصاد مبني على القدرات العالية، وإنتاجية تزداد أضعافاً».
ورغم تشديده على أن «هذا الوقت ليس مناسباً لطرح البرنامج الانتخابي»، فإن الاستحقاق الرئاسي فرض نمطه على الأسئلة التي طرحها عشرات الصحافيين، إن لجهة مواضيعها الداخلية، التي احتلت الحيز الأكبر من الساعات الثلاث والدقائق الخمس والأربعين، التي استغرقها، أو لجهة الإجابات التي أحسن فيها بوتين فن الإقناع، المعززة بلغة الأرقام والمقارنات الاقتصادية والاجتماعية بين حقبة التسعينيات اليلتسينية، والحقبة الألفية المستمرة.
على هذا الأساس، عرض الرئيس الروسي رؤية متفائلة إزاء الاقتصاد، منطلقاً من المؤشرات العامة التي تظهر ارتفاع الناتج القومي 75% منذ 2000، إلى جانب تقلص ديون الدولة بنحو الثلث، وارتفاع الاحتياطات الدولية بنحو 30 ضعفاً، فضلاً عن وصول المحاصيل الزراعية في روسيا إلى مستويات قياسية لم تصل إليها في تاريخها، عند 130.5 مليون طن.

قارن بوتين بين إنفاق روسيا وأميركا العسكري بفارق 85%

بوتين شدد على أن روسيا اجتازت الصدمة التي تعرض لها اقتصادها في 2014 و2015 بفعل الهبوط المفاجئ لأسعار النفط الخام، والقيود المسماة العقوبات الغربية، مشيراً إلى ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشر إلى نحو 23 مليار دولار في العام الجاري، ما يعادل ضعفي ما وصلته في 2016.
الجانب الانتخابي المباشر في المؤتمر تضمن رسالة واضحة بألّا منافسين جديّين أمام بوتين في السباق الانتخابي، فقد أجاب الرئيس عن سؤال بهذا الشأن، بالقول: «أبسط ما يمكنني قوله أنه ليس من واجبي أن أربّي منافسين لي، ولكنني أعتقد أن الوسط السياسي والاقتصادي يجب أن يكون تنافسياً، سأعمل على أن يكون هناك مجتمع سياسي متوازن»، لكنه شدد على أن من مقومات ذلك وجود «معارضين جديين».
الحديث عن المنافسين برز مجدداً في الربع الأخير من المؤتمر الصحافي، حين وجد بوتين نفسه وجهاً لوجه أمام منافسته المفترضة كسينيا سوبتشاك، التي حرصت على تأكيد أن حضورها ليس تسللاً، بل بصفتها الإعلامية. صحافية إذاعة «دوشت» وجهت سهام حديثها نحو بوتين، مشككة في المناخ الديموقراطي للانتخابات الرئاسية، من بوابة المنع القانوني لترشيح اليكسي نافالني، وما سمته المضايقات التي تتعرض لها في حملتها. لكن الرئيس، المولع بتكتيك «الهجوم خير وسيلة للدفاع»، رد بالتشكيك مجدداً في جدية المرشحين، معتبراً أن لا خطة لديهم لإقناع الناخب. وتوجه إلى الصحافية/ المرشحة الشابة، بالقول: «أنت اخترتِ شعار «ضد الجميع» لحملتك الانتخابية… هل هذا توجه بناء؟»، مشدداً على أن «أولئك الذي يصرخون في الميادين يريدون تحويل روسيا إلى أوكرانيا ثانية».
الحديث عن المتغيرات الاقتصادية الإيجابية انسحب على الواقع الاجتماعي في روسيا الاتحادية، بعدما انتبه الرئيس إلى لافتة رفعتها صحافية شابة من جمهورية تتارستان مكتوب عليها «باباي بوتين»، قبل أن يتبيّن أن المقصود بها ليس «إلى اللقاء بوتين»، بل «الجد بوتين» باللغة المحلية.
الصحافية الشابة انطلقت من «سوء الفهم» الذي عزاه بوتين مازحاً إلى «ضعف النظر»، للإضاءة على الكيانات المتعددة القوميات في روسيا الاتحادية، وهو ما ردّ عليه بالتشديد على «عدم وجود مشكلات لدينا في العلاقات بين الإثنيات»، والتشديد على حق سكان الجمهوريات ذات الحكم الذاتي بتعليم أبنائها اللغة القومية إلى جانب اللغة المشتركة (الروسية)، والأهم من ذلك طمأنة تلك الجمهوريات إلى أن الحكومة «أقله في ظل رئاسته» لن تعمد إلى اتخاذ أي إجراء يغير الوضعية القانونية والجغرافية القائمة حالياً.
الشق الداخلي، الذي هيمن على المؤتمر، كاد يقارب مناحي الحياة في روسيا كافة، من حقوق الأطفال والجدل حول الإجهاض، مروراً بقطاع صيد الأسماك ومشاريع البنية التحتية وتطوير المناطق النائية في القطب الشمالي، وصولاً إلى قضية المنشطات في الألعاب الأولمبية التي تحدث فيها بوتين عن «منحى تسييسي»، واستضافة مونديال 2018، الذي أكد أن الاستعدادات بشأنه ستكتمل في الوقت المحدد لها وبجودة عالية.
أما في السياسة الخارجية، فشدّد على أن الولايات المتحدة هي التي انسحبت أحادياً من معاهدات الحد من الصواريخ المتوسطة المدى، متهماً إياها بالسعي لتحويل شرق أوروبا إلى قاعدة لنصب صواريخ هجومية تهدد الأمن القومي لبلده. مع ذلك، استبعد بوتين أن يؤدي ذلك إلى سباق تسلح، مقدّماً مقارنة بين إجمالي الإنفاق العسكري الروسي (46 مليار دولار سنوياً)، والأميركي 700 مليار.
بوتين قال في هذا الإطار إن روسيا ستواصل تعزيز قدراتها العسكرية، مستشهداً بنكتة مفادها أن «من لا يريد إطعام جيشه، فهو سيُطعم جيش عدوه»، وأخرى رواها: «بادل ابن ضابط سابق خنجر أبيه بساعة اليد، فقال له الأب: حصلتَ على البديل الجيد، لكن سيأتي غداً مجرمون ليقتلونا، أنا وأمك، ويغتصبوا أختك. أما أنت، فستخرج لتقول لهم: مساء الخير، الساعة الثانية عشرة وثلاثون دقيقة بتوقيت موسكو».
ورداً على سؤال عن تقييمه أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قال بوتين: «هذه ليست مهمتي بل مهمة ناخبيه، ولكن من الناحية الموضوعية، نرى إنجازات مهمة خلال المدة القصيرة من ولايته، على المستوى الداخلي، كما على مستوى العلاقة مع روسيا». كذلك أشار إلى أن ثمة «قيوداً معروفة» في الداخل تمنع ترامب من تحقيق ما يرغب فيه بشأن العلاقة مع روسيا، مشيراً إلى أن التحقيقات بشأن الدور الروسي في الانتخابات الأميركية «فبركه» معارضو ترامب لكي يضفوا عليه «صفة اللاشرعية».
وفي الشأن السوري، اتهم بوتين الولايات المتحدة بتجاهل معلومات الدفاع الروسية حول الإرهابيين الذين يتوجهون من سوريا إلى العراق. وأعرب عن استعداد موسكو لحل مشكلة اللاجئين السوريين ضمن جهود دولية، مشيراً إلى أن سوريا لن تتمكن وحدها من فعل ذلك.
أيضاً، كشف الرئيس الروسي أنه من بادر بإرسال الشرطة من شمال القوقاز إلى سوريا، لافتاً إلى أن ذلك كان مبادرة ناجحة «لكونهم في الغالب من السنة، ولذلك فإن السنة المحليين يثقون بهم. كما أن السلطات تثق بهم لأنهم جنود روس». لكنه في سياق ثانٍ حذر من مغبة التصعيد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، مشيراً إلى أن الأميركيين أهدروا فرصة السلام مع بيونغ يانغ في 2005، حين ضاعفوا الضغوط عليها للحصول على مزيد من التنازلات، بعد التوصل إلى اتفاق إطاري بشأن برنامجها النووي.
كذلك، حذر من خطورة الوضع في دونباس في الشرق الأوكراني، قائلاً إنها كانت ستتعرض لمصير سريبرينيتسا في يوغوسلافيا السابقة، وداعياً سلطات كييف إلى التوصل إلى اتفاق مباشر مع سلطات تلك المنطقة. ورأى أن السلطات السوفياتية قد أخطأت حينما ألحقت شبه جزيرة القرم بقوام جمهورية أوكرانيا السوفياتية الاشتراكية، مشدداً على أن «أهل القرم قالوا كلمتهم، وقضية القرم لم تعد مادة للنقاش».

قاديروف لبوتين: نسير على الأقدام حيث تأمر

علق رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قاديروف، على ما قاله فلاديمير بوتين، الذي مازح أحد صحافيي الشيشان خلال مؤتمره الصحافي، بالقول إن «الشيشانيين يمكنهم السفر سيراً على الأقدام إلى سوريا».
وكتب قاديروف، عبر حسابه على قناة «تلغرام»: «قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم خلال مؤتمر صحافي كبير إن الشيشانيين فقط يمكنهم السفر هناك (إلى سوريا) سيراً على الأقدام مازحاً. هذا صحيح. لأننا مشاة الرئيس الروسي، ونحن على استعداد للسير على الأقدام حيث يأمر».