«جُمعة الغضب» الثاني: 4 شهداء و700 جريح: نفير فلسطين لم يهدأ

«جُمعة الغضب» الثاني: 4 شهداء و700 جريح: نفير فلسطين لم يهدأ

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٦ ديسمبر ٢٠١٧

عاش الفلسطينيون أمس أعنف المواجهات منذ الانتفاضة الثانية عام 2000. اشتبكوا مع العدو في مختلف محافظات الضفة المحتلة وبلدات القدس وغزة. العدو تخطى بدوره حاجز ضبط النفس، مطلقاً النيران على صدور المعتصمين، وموقعاً 4 شهداء، بينهم مُقعد. في جمعة الغضب الثاني، أثبت الفلسطينيون أنه في حال قررت المقاومة تحويل ما يجري إلى انتفاضة ثالثة، فهم مستعدون لذلك

فاجأت التظاهرات التي عمّت الأراضي الفلسطينية أمس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. فبعد انخفاض وتيرة المواجهات، والتحركات الرافضة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي في الأيام الماضية، أعادت التحركات التي شهدتها مناطق الضفة والقدس المحتلتين وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، ضمن فعاليات «جمعة الغضب» التي دعت إليها الفصائل والقوى الفلسطينية، الزخم إلى الشارع الذي أظهر قدرته على الاستمرار في التصعيد.

تحرّك الجمهور الفلسطيني راقبه العدو الإسرائيلي جيداً، وأجمع أغلب المحللين العسكريين في وسائل إعلام العدو على أن حراك الجمعة الثاني كان مفاجئاً، وهو «الأقوى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000»، إذ اندلعت المواجهات في أكثر من 150 نقطة اشتباك، في حين أن المواجهات في الأسبوع الماضي كانت محصورة في 30 نقطة فقط، كذلك فإن أعداد المتظاهرين تضاعفت من 2500 الأسبوع الماضي إلى 6000 أمس؛ 3500 على الشريط الحدودي في غزة، و2500 في الضفة، إضافة إلى العشرات في الداخل المحتل عام 1948، وذلك وفق تقديرات العدو.
إذن، استطاع الفلسطينيون مفاجأة المراقبين، الأعداء والحلفاء على حد سواء، ومن المؤكد أن التقارير الأمنية وصلت إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي غادر الضفة منذ الإعلان الأميركي، تاركاً الشارع من دون قيادة، ورؤساء أقاليم حركة «فتح» من دون توجيهات جديدة. عباس، الذي كان من المفترض أن يوقف «التنسيق الأمني المقدس» مع العدو الإسرائيلي كردّ فعل على إعلان ترامب، لا يزال ماضياً في التنسيق؛ فقد سمحت السلطة في الأيام الماضية للمتظاهرين بالوصول إلى نقاط التماس مع العدو، وذلك ليس محبة بالعمل المقاوم أو لنيتها استثمار هذه التحركات كورقة للتفاوض حولها في أي تحرك سياسي مقبل، بل لأنها ببساطة لا تستطيع منع الشبان من التعبير عن رفضهم للقرار.
المدينة المحتلة تحولت بدورها إلى «ثكنة عسكرية»، بعد انتشار جنود الاحتلال ووحداته الخاصة وعناصر الاستخبارات ووحدات المستعربين و«حرس الحدود» فيها، إضافة إلى نشر الحواجز الحديدية على أبوابها. وعقب صلاة الجمعة، اندلعت المواجهات في القدس (المسجد الأقصى والبلدة القديمة)، وعناتا، ومخيم شعفاط، وحزما، وأبو ديس، والعيساوية، ما أدى إلى استشهاد الشاب باسل مصطفى محمد إبراهيم (29 عاماً) في مجمع فلسطين الطبي، بعد إصابته برصاصة في الصدر خلال المواجهات التي اندلعت في عناتا، شمال القدس. كذلك شهد مخيم شعفاط وبلدات المدينة المحتلة، في وقت متأخر من ليل أمس، مواجهات عنيفة بين الشبان وجنود العدو، أصيب فيها طفل برصاص مطاطي في رأسه.
وأظهر حجم الإصابات بالرصاص الحي في الضفة خلال مواجهات أمس، مقارنة بأعداد الإصابات التي وقعت يوم الجمعة الماضي، أن قواعد الاشتباك لدى جنود العدو الإسرائيلي تغيّرت، إذ تفادى جيش العدو الأسبوع الماضي قتل المتظاهرين تفادياً لرد الفعل خلال تشييع الشهداء.
أما في مواجهات الجمعة، فقد أطلق جنود العدو النار مباشرة على النصف العلوي من أجساد المتظاهرين (رأس، صدر، رقبة) بهدف القتل، وبرر العدو ذلك بالقول إن جنوده أطلقوا النار «بانتقائية نحو مثيري الشغب الرئيسيين»، وهو ما يشير إلى توجه إسرائيلي للرد على التظاهر الفلسطيني بتصعيد عسكري وإيقاع عدد أكبر من الإصابات.
بالعودة إلى المواجهات، شهدت مدينة البيرة مواجهات عنيفة قرب مستوطنة «بيت إيل»، وذلك بعد تنفيذ الشهيد أمين عقل (19 عاماً) عملية طعن أدت إلى إصابة جندي إسرائيلي بجروح متوسطة. وبعد إطلاق النار عليه، وإصابته بجروح في قدميه، اشتبه جنود العدو في ارتدائه حزاماً ناسفاً، فأفرغوا عشرات الرصاصات في جسده، ليتبيّن لاحقاً أنه «حزام وهمي» وفق تصريح الاحتلال. وعقب استشهاد عقل، وإعلان وزارة الصحة نبأ وفاته، اعتقلت شرطة الاحتلال شقيقه المحامي فراس العقل أثناء مروره على حاجز «الكونتينر» في بيت لحم.
أما بيت لحم، فشهدت مواجهات عنيفة بالقرب من قبة راحيل، وتقوع، وبلدة الخضر، ومخيم عايدة، وأسفرت المواجهات عن عشرات من حالات الاختناق وإصابات بالرصاص المطاطي. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، أدّت المواجهات أمس، في الضفة والقدس وغزة، إلى استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 367 بجروح، بينهم سبعة في حالة الخطر.
أيضاً، اندلعت المواجهات على حاجز قلنديا، الفاصل بين رام الله والقدس، وعلى المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة، وفي بلدات النبي صالح ودير نظام ونعلين غرب رام الله، وسط الضفة، وبلدتي بيت سوريك وقطنة شمال غرب القدس، وفي بلدتي باب الزاوية ويطا ومخيم العروب في الخليل (جنوب).
شمالي الضفة، اندلعت المواجهات في بلدات بيتا وبورين ومادما وسالم وعلى حاجز حوارة جنوب نابلس، وعلى المدخل الشمالي لمدينة قلقيلية، وبلدات جيوس وكفر قدوم شرق قلقيلية، وعلى المدخل الغربي لمدينة طولكرم (شمال).
أما في غزة، فتوجه الشبان بعد صلاة الجمعة إلى الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة واشتبكوا مع جنود العدو بالحجارة في شرق خانيونس، والبريج، وبالقرب من موقع ناحل عوز، وكذلك في جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا. وأدّت المواجهات إلى استشهاد المصاب المقطوع القدمين إبراهيم أبو ثريا (29 عاماً)، إثر إصابته برصاصة في الرأس خلال المواجهات مع الاحتلال شرق غزة، وياسر سكر (23 عاماً) من حي الشجاعية.
وفي وقت لاحق، أصدرت حركة «حماس» بياناً أدانت فيه تعمّد جيش العدو قتل المتظاهرين في الضفة وغزة، وهو ما «يؤكد حقيقة إجرام المحتل الصهيوني». وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم «إن القرار الأميركي الأخير زاد جرأة المحتل الصهيوني على مواصلة عدوانه على شعبنا». وأضاف: «إرادة الانتفاضة عند شعبنا وقدرته على التضحية تلزمهما بصياغة برنامج نضالي لكل قوى شعبنا مستنداً إلى الثوابت ويعتمد المقاومة خياراً».
بدورها، أصدرت حركة «الجهاد الإسلامي» بياناً أكدت فيه «تصعيد انتفاضة القدس المباركة»، معتبرة أن من خرجوا «بمئات الآلاف إلى الشوارع أعلنوا فشل مسيرة التسوية العبثية».
وبالتزامن مع سقوط صاروخ من غزة على فلسطين المحتلة مساء أمس، نقل موقع «مفزاك لايف»، المقرّب من الأمن الإسرائيلي، عن مسؤول عسكري كبير اتهامه «الجهاد الإسلامي» بالسعي إلى «جرّ إسرائيل إلى مواجهة جديدة في القطاع».
في غضون ذلك، تقرر أن تبدأ زيارة نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى المنطقة الثلاثاء المقبل، إذ يبدأ بمصر ثم فلسطين المحتلة وفيها مدينة القدس، متّجهاً من هناك إلى ألمانيا، فيما لم تعلن السلطة الفلسطينية تغيير قرارها رفض استقباله. أيضاً، تتزامن زيارة بنس مع نية مبعوث الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، القدوم الأسبوع المقبل إلى فلسطين، وسيبقى إلى ما بعد انتهاء زيارة نائب دونالد ترامب.
أما عن موعد عودة محمود عباس، فحددته عضو «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير» حنان عشراوي، التي قالت إن «هناك قرارات مصيرية ستتخذها القيادة الفلسطينية بعد يوم الإثنين، عند عودة الرئيس عباس إلى الوطن».
(الأخبار)

11 شهيداً و3000 جريح في أسبوع

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنه أصيب، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، 2468 شخصاً، نقل منهم 514 إلى المستشفيات. وتعاملت مستشفيات الضفة والقدس مع 213 إصابة، منها 68 طفلًا وطفلة و7 نساء. ومن هذه الإصابات 42 إصابة بالرصاص الحي، و84 إصابة بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط، و47 جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، و37 جراء الاعتداء بالضرب والحروق والدهس، و3 إصابات مباشرة بقنابل الغاز والصوت.
وأشارت إلى أن حصيلة المواجهات الرافضة للقرار الأميركي خلال 8 أيام بلغت 11 شهيداً وما يقارب 3 آلاف جريح.