صحيفة: مأزق ولي العهد... بن سلمان يستند إلى "حائط مائل"

صحيفة: مأزق ولي العهد... بن سلمان يستند إلى "حائط مائل"

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٦ ديسمبر ٢٠١٧

"ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو، بالتأكيد، رجل العام في الشرق الأوسط. ولكن تأثيره الأكبر يؤدي إلى تراجع وضع بلاده في العالم"، هكذا بدأ الكاتب الآيرلندي الشهير باتريك كوكبيرن مقاله في صحيفة "الاندبندنت" للحديث عن سياسات ولي العهد واعتماده على الدعم "الناقص" من الإدارة الأمريكية.
مغامرات ونتائج عكسية

ذكر الكاتب في مقاله أن "الأمير السعودي شرع أكثر من مرة في مغامرات في الخارج حققت عكس ما كان يخطط له"، مشيرا إلى أنه عندما أصبح والده ملكا في أوائل عام 2015، قدم الدعم للمتمردين في سورية، وحقق القليل من النجاح. ولكنه أثار تدخل عسكري روسي واسع النطاق، مما أدى بدوره إلى انتصار الرئيس بشار الأسد.

"وفي الوقت نفسه تقريبا، أطلق الأمير حملة جوية عسكرية في اليمن. والآن بعد أكثر من عامين ونصف، ما زالت الحرب مستمرة وقتل نحو 10 آلاف شخصا، وتركت على الأقل 7 مليون يمنيا على شفا المجاعة".

 

ولفت الكاتب إلى أن ولي العهد يركز السياسة الخارجية السعودية على المعارضة العدوانية لإيران وحلفائها الإقليميين، متابعا "ولكن تأثير سياساته هو زيادة النفوذ الإيراني. فالخلاف مع قطر، الذي تلعب فيه السعودية والإمارات دورا رائدا، لا يزال قائما. إذ تتهم السعودية قطر بدعم الإرهاب، وهي اتهامات قد تكون صحيحة ولكن يمكن أن توجه أيضا إلى السعودية. كما تتهم الرياض الدوحة بالتقارب مع إيران. وكانت النتيجة هي دفع الدولة الصغيرة الغنية أكثر نحو طهران".

وأشار كوكبيرن إلى أن العلاقات السعودية مع الدول الأخرى كانت دائما حذرة ومحافظة وتهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن. "لكن تصرفاته اليوم مزعجة وغير قابلة للتنبؤ وغالبا ما تكون عكسية".

وتحدث الكاتب عما حدث في الشهر الماضي "عندما استدعى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى الرياض، ولم يسمح له بالرحيل وأجبر على الاستقالة من منصبه. وكان يبدو أن الهدف من هذا العمل غير المدروس من جانب السعودية هو إضعاف حزب الله وإيران في لبنان، ولكن من الناحية العملية فقد مكن كلا منهما".

ويرى الكاتب أن ما تشترك فيه هذه الأعمال السعودية هو أنها "تستند إلى افتراض ساذج بأن سيناريو أفضل الحالات سيتحقق حتما. فليس هناك خطة بديلة. فتدخل السعودية في صراعات ومواجهات ليس لديها أدنى فكرة عن كيفية إنهائها".

خديعة الدعم الأمريكي

وتابع "قد يتصور ولي العهد ومستشاريه أنه لا يهم ما يعتقده اليمنيين أو القطريين أو اللبنانيين لأن الرئيس دونالد ترامب وجاريد كوشنر، صهره والمستشار الرئيسي للشرق الأوسط، يدعمونه".

وكان ترامب قد كتب على "تويتر" يقول "لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهد المملكة، وهم يعرفون بالضبط ما يفعلونه"، وذلك تعليقا على حملة اعتقال أمراء ورجال أعمال بارزين في السعودية.
​​

وذكر كوكبيرن أن "السعودية تدرك أن دعم البيت الأبيض في هذه الأيام يجلب مزايا أقل مما كان عليه في الماضي. فإن موافقة ترامب لا تعني بالضرورة موافقة أجزاء أخرى من الحكومة الأمريكية. وعلى الرغم من تغريداته الإيجابية، فإن الولايات المتحدة لن تدعم رسميا المواجهة السعودية مع قطر أو محاولة إجبار رئيس وزراء لبنان على الاستقالة".

ويرى الكاتب أن البيت الأبيض يكشف حدود القوة السعودية. "فلم يتمكن ولي العهد من جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوافق على خطة سلام ترعاها الولايات المتحدة من شأنها أن تمنح "إسرائيل" كثيرا والفلسطينيين قليلا جدا".

وأضاف "قد تبدو فكرة التحالف السعودي "الإسرائيلي" السري ضد إيران جذابة لبعض مراكز الأبحاث في واشنطن، ولكن لا معنى لها على أرض الواقع. فإن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة "لإسرائيل"، لن يكون له أي آثار طويلة الأجل على المواقف في الشرق الأوسط".

تغير توازنات المنطقة

كما اعتبر الكاتب أن السعودية، وليس منافسيها، هي من أصبحت معزولة، مشيرا إلى أن توازن القوى السياسية في المنطقة قد تغير إلى وضع ليس في صالحها على مدى العامين الماضيين.

وتابع "بحلول عام 2015 أصبح واضحا أن مجموعة من الدول بقيادة السعودية وقطر وتركيا فشلوا في تغيير النظام في دمشق. وقد تفرقت هذه المجموعة القوية مع اقتراب تركيا وقطر من المحور الذي تقوده إيران بقيادة روسيا، وهي القوة المهيمنة في الجانب الشمالي من الشرق الأوسط بين أفغانستان والبحر الأبيض المتوسط".

ويرى الكاتب أنه إذا أرادت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تفعلا أي شيء حول هذا التحالف الجديد، فإنهما تأخرا كثيرا.
وتابع "هناك دول أخرى في الشرق الأوسط تدرك أن هناك فائزين وخاسرين، وأغلبهم لا يرغبون في أن يكونوا على الجانب الخاسر"، لافتا إلى أنه عندما دعا الرئيس رجب طيب أردوغان إلى عقد اجتماع في اسطنبول هذا الأسبوع في منظمة التعاون الإسلامي لرفض وإدانة القرار الأمريكي بشأن القدس، لم ترسل المملكة العربية السعودية سوى ممثل صغير لها.

"ولكن قادة دول آخرين مثل الرئيس الايراني حسن روحاني وملك عبد الله الأردن وأمير الكويت وقطر حضروا من بين دول أخرى كثيرة. واعترفوا بالقدس الشرقية عاصمة فلسطينية وطالبوا الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها".

مهارات ميكافيلية

ووصف الكاتب ولي العهد السعودي بأنه "مثل معظم القادة في جميع أنحاء العالم الذين تظهر عليهم المهارات ميكافيلية في تأمين السلطة داخل بلدانهم. ولكن نجاحهم داخليا يمنحهم إحساسا مبالغا فيه بقدراتهم في التعامل مع الشؤون الخارجية، وهذا يمكن أن يكون له عواقب وخيمة".
​وخلص كوبيرن بالقول إن الأخطاء التي يرتكبها القادة السياسيون تكون دوما مبررة بحبهم لذاتهم أو جهلهم علاوة على ارتكاز تصرفاتهم على نصائح فاسدة من كبار مستشاريهم، مضيفا "أن احتكار السلطة في الداخل بادعاء المواقف الوطنية وحماية الأمن القومي هو أقصر طريق للحصول على الشعبية لكن ذلك يقود دوما إلى دفع فواتير سياسية باهظة في حال انتهت هذه المواقف بنتائج مخيبة للآمال".

واختتم كوكبيرن مقال بالقول "محمد بن سلمان قرر بشكل يفتقر للحكمة أن المملكة يجب أن تلعب دورا نشطا وأكثر حزما، لكن حتى اللحظة فإن قدرتها السياسية والاقتصادية تتراجع وبن سلمان مندفع ويصنع الكثير من الأعداء".