اقتراب الاحتكاك الجوّي بين أمريكا وروسيا فوق سورية .. إليكم الأسباب

اقتراب الاحتكاك الجوّي بين أمريكا وروسيا فوق سورية .. إليكم الأسباب

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٩ ديسمبر ٢٠١٧

يعيد التنافس الامريكي الروسي الحالي في سوريا أجواء الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي الى الأذهان، ففي الوقت الراهن ورغم تعارض الأهداف بين البلدين على الصعيد العسكري في سوريا ودعمهما لطرفي الصراع لكنهما تتجنبان بقوة اي اصطدام عسكري مباشر بينهما.

وقد وقعت كل من امريكا وروسيا على اتفاق لمنع وقوع الاحداث وحفظ أمن العسكريين في 20 اكتوبر 2015  كما اتفق الرئيسان الروسي والامريكي في نوفمبر الماضي علي هامش قمة أبيك في فيتنام وفي بيان مشترك على حفظ قنوات الاتصال العسكرية لحفظ امن قواتهما العسكرية المتواجدة في سوريا ومنع وقوع حوادث خطيرة، لكن رغم هذا كله اقتربت طائرات الطرفين من المواجهة والاشتباك في الاجواء السورية عدة مرات خلال الشهر الأخير، وقد اعلن مسؤول في البنتاغون ان التحليق غير الآمن للطائرات الروسية بلغ حدا خطيرا جعل الطيارين الامريكيين في حالة التأهب لمواجهة أي أمر طارئ، وقد حلقت طائرتان امريكيتان من طراز F22 يوم الأربعاء الماضي لاعتراض الطائرات الحربية الروسية بالقرب من نهر الفرات، والسؤال المطروح الآن هو لماذا تتكرر تهديدات الطرفين لبعضهما البعض رغم وجود توافقات بينهما لتجنب المواجهة المباشرة؟ وهل سيؤدي استمرار هذه الاحتكاكات الى وقوع اشتباك بين قوات الجانبين وخاصة طائراتهما الحربية مستقبلا؟  

اهداف متعارضة

يمكن القول ان اقتراب القوات الروسية والامريكية من المواجهة خلال الشهر الأخير يعود سببه الى تفاوت اسباب دخول كل من روسيا وامريكا ساحة الحرب السورية، فهذا التفاوت والاختلاف في السياسات والنوايا والاهداف يعرفه الجميع لأن المحور الغربي والرجعي العربي تدخّل في سوريا و دعم الارهابيين المسلحين ماديا و اعلاميا لتغيير خارطة سوريا والخارطة الجيوسياسية في غربي آسيا عبر اسقاط الدولة السورية الحليفة مع روسيا وايران، وفي المقابل تدخلت روسيا لدعم حليفتها في المواجهة مع الجماعات الارهابية مثل داعش وجبهة النصرة والان وبعد نجاحات الدولة السورية في استرداد الاراضي من الارهابيين وفيما تسعى روسيا الى القضاء نهائيا على الجماعات المسلحة لسحب ذريعة التدخل من يد الامريكيين تحاول امريكا تأجيج الاوضاع لكي تستمر الأزمة وتتمكن من تنفيذ مخططاتها في سوريا والمنطقة، ولذلك نجد ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يورد في تقريره الدوري المقدم الى الكونغرس في 11 سبتمبر ان قيام الطائرات الامريكية بمهاجمة القوات السورية والقوات الحليفة معها شرعي وقانوني بالكامل وجزء لايتجزأ من مهمة التحالف الدولي ضد داعش.

اما في المقابل يقول المسؤولون العسكريون والسياسيون الروس ان هدف امريكا من هذه التحركات هو منع الغارات الجوية الروسية ضد ما تبقّي من جماعة داعش وذلك من اجل غايات امريكية مريبة، وفي هذا السياق يؤكد رئيس لجنة شؤون الدفاع والامن في مجلس الشيوخ الروسي "فرانس كلينتسوفيتش" ان امريكا ومن خلال اعادة تنظيم صفوف الارهابيين الفارين من سوريا تسعى الى تكرار سيناريو حرب افغانستان في الثمانينيات ضد الروس وتدريب الارهابيين من اجل ذلك.

وقد كشف تقرير لمركز المصالحة الروسي في سوريا ان التحالف الدولي الذي تقوده امريكا تستخدم منذ 6 شهور مخيم اللاجئين في منطقة الخاصك كقاعدة لتدريب الارهابيين الفارين من باقي مناطق سوريا والهدف من وراء ذلك هو انشاء قوات عسكرية تحت عنوان "الجيش السوري الجديد" لقتال القوات السورية الحكومية.   

حفظ التواجد والتدخل غير القانوني

يعود بعض اسباب المواجهات الاخيرة في سوريا الى المبررات القانونية المتعلقة بتواجد كل من الطرفين الروسي والامريكي في الاراضي السورية، ففي الوقت الذي تدخلت روسيا في الحرب ضد الارهابيين والتكفيريين بدعوة رسمية وجهتها لها الحكومة الشرعية في سوريا نجد بأن امريكا أدخلت قواتها الى سوريا منذ عام 2014  بشكل غيرقانوني ومن دون اذن مجلس الأمن الدولي، ولذلك وبعد ان اعلن مسؤولو البنتاغون ان طائرات روسية حلقت فوق المناطق التي تخضع لسيطرة التحالف الدولي الذي تقوده امريكا، أكد نائب وزير الدفاع الروسي فاسيلي غراسيموف انه لايحق لامريكا وللتحالف الدولي ان يسميا اية منطقة سورية "منطقة خاضعة لسيطرتهما" لأن عدم موافقة الحكومة السورية الشرعية تبطل ذرائع وجود هذه القوات داخل سوريا، وكل هذا يأتي في وقت تسعى فيه موسكو الى تهيئة الظروف لخروج القوات الامريكية من سوريا من اجل تهدئة الاوضاع في هذ البلد بعد القضاء على داعش وكذلك منع تأثير مخططات المحور الغربي والعربي الرجعي على مستقبل المعادلة السياسية في سوريا.