عباس في لحظات لا يحسد عليها.. القضية أم الرضوخ للضغوط؟!

عباس في لحظات لا يحسد عليها.. القضية أم الرضوخ للضغوط؟!

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٧

في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة حطت طائرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مطار قاعدة الملك سلمان الجوية مساء الثلاثاء "19/12/2017" ليبدأ معها عباس زيارة رسمية إلى السعودية التقى فيها بالملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

 مع وصول عباس إلى الرياض بدأت التكهنات حول أسباب هذه الزيارة التي ترافقت مع أمرين، الأول: غضب شعبي متصاعد على خلفية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"اسرائيل" ونقل السفار الامريكية لهناك، من جهة والإصرار على هذا القرار من قبل الامريكي الذي دافع عنه مستخدما حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن من جهة أخرى، والثاني: ظهور تحالفات جديدة في ظل إنكفاء الرياض عن موضوع القضية الفلسطينية والإكتفاء بتصريحات باهتة لم ترتقي إلى حجم دولة تصدر نفسها بأنها زعيمة للعرب والمسلمين والمدافع الأول عن قضاياهم.

أسباب الزيارة

تعد هذه الزيارة الثانية لعباس إلى السعودية خلال أقل من شهرين وبالتحديد في 7 نوفمبر الماضي، والتي تم خلالها وبحسب مصادر أمريكية واسرائيلية تقديم عرض سعودي من قبل بن سلمان للرئيس الفلسطيني للتنازل عن القدس والقبول ببلدة "أبو ديس" عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة، والقبول بالصفقة الأمريكية الكبرى التي يطبخها الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر، مقابل عروض مالية مغريه سيحصل عليه عباس، تتخطى عشرة مليارات دولار، هذا الكلام كان في السابق، أما الآن لا نعلم إن كان عباس سيقبل بالعرض القديم وماهي العروض الجديدة المقدمة إليه والتي من الواضح أنها ستكون أقل حدة وربما مغرية أكثر من سابقتها كون عباس خذل السعودية المرة الماضية عندما حاولت حثه  لعدم المشاركة في قمة اسنطبول لكن الرئيس الفلسطيني شارك في القمة رغم الضغوط وكذلك الأمر بالنسبة للعاهل الأردني عبدالله الثاني.

هنا خشيت السعودية أن يأخذ موضوع القدس حيزا أكبر وأن يخرج عن السيطرة بالتزامن مع الغضب الشعبي الذي لف أرجاء المنطقة ووصل إلى عواصم اسلامية وأوروبية، خاصة أن الرياض كانت تخطط لسيناريو تقترب فيه من اسرائيل وتصل معها إلى حد التطبيع والزيارات السرية لقادة سعوديين إلى الاراضي المحتلة والتي كشفتها صحف اسرائيلية فضلا عن إظهار الصهاينة كحمامات سلام وتحاشي إغضابهم ولو على حساب أي قضية أخرى حتى لو كانت القدس نفسها.

الأمر الثاني، السعودية لاتريد أن يخرج عباس من تحت العباءة السعودية ويذهب إلى الحضن التركي فهي تخشى أن يتنامى النفوذ التركي على حسابها من جهة، ومن جهة أخرى قد تكون المحطة المقبلة للرئيس الفلسطيني في ايران وهذا آخر ما تتمناه السعودية، وربما تكون دعوة الرئيس الايراني حسن روحاني للرئيس عباس لزيارة طهران ورقة قوة بيد عباس للضغط على السعودية، خاصة أن الأخيرة لاتريد أن تلعب طهران دورا فعالا ومؤثرا في قضية القدس.

ماذا تريد السعودية من الرئيس عباس؟!

قال بسام الآغا، سفير فلسطين في الرياض، إن الزيارة الأخيرة لعباس تأتي بهدف "التنسيق والتواصل الدائم ما بين الرئيس الفلسطيني والعاهل السعودي"، ولكن لم يخبرنا السيد الآغا ماهو هذا التنسيق وماذا تريد السعودية من عباس في هذه المرحلة الحرجة التي قد تأخذ فلسطين إلى مكان مجهول لايرغب به أحد حتى عباس نفسه في حال لم يتم اتخاذ قرار صحيح وسليم وعقلاني ومنطقي يضمن حقوق الفلسطينين وفقا للقانون الدولي واي خروج عن الاتفاقيات الدولية في هذا الموضوع قد تودي إلى كارثة خطيرة في المنطقة.

وبالعودة إلى ماتريده السعودية من عباس، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، يوم أمس الخميس، تقريراً أشارت فيه الى وجود مقايضة بين السعودية مع إدارة ترامب تتضمن الحصول على دعم الأميركيين في اليمن ومواجهة إيران، مقابل ضغوط بشأن ازمة القدس.

ونقلت الصحيفة، عن محللين إسرائيليين قولهم، إن "السعوديين، بالنظر إلى تحالفهم الوثيق مع الولايات المتحدة، يُرجَّح أن يضغطوا على عباس، لوقف حملته ضد خطوة ترامب، وبدلاً من ذلك إظهار انفتاحٍ على مناقشة الأفكار الأميركية الرامية لصنع السلام، التي يُتوقع أن تُطرَح قريباً".

من جهتها نقلت صحيفة يديعوت احرنوت عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط في جامعة حيفا، جبرائيل بن دور قوله "من الواضح أن عباس يتعرض لضغوط من السعودية والكويت والإمارات، من أجل تعبئة الرأي العام العربي ضد القضية الاكثر أهمية لهم: إيران".

الكلام واضح ولا يحتاج المزيد من الشرح، هناك ضغوط كبيرة تتعرض لها السعودية من ضمنها حرب اليمن، والإصلاح الداخلي، عجز في الميزانية، وانخفاض أسعار النفط، وتزايد النفوذ الإيراني، لذلك فإن السعودية ليس لها خيار سوى الحفاظ على الدعم الأمريكي لإخراجها من مستنقع اليمن مقابل الضغط على السلطة الفلسطينية لوضع قضية القدس خلفها وتخفيف حدة الخطاب الفلسطيني تجاه هذا الموضوع الذي يبدو أن أمريكا ماضية فيه حتى تحقيق جميع بنوده، فهل يقبل الرئيس محمود عباس بالعروض المقترحة عليه وهل يرضخ للضغود السعودية_الأمريكية، علما أن الرئيس الفرنسي ماكرون قال اليوم في لقاء مشترك جمعه مع عباس في فرنسا، أنه لن يتخذ أي قرار تحت الضغط وخارج الدبلوماسية، فهل يتماهى فعل عباس مع كلام ماكرون الأخير أم يترك قضية بلاده في مهب الريح الأمريكية كما تريد السعودية؟!.