هل هُناك مَشروعٌ أميركيٌّ إسرائيليّ لحَربٍ ثانية في سورية؟

هل هُناك مَشروعٌ أميركيٌّ إسرائيليّ لحَربٍ ثانية في سورية؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٤ يناير ٢٠١٨

الجِنرال إيزنكوت يَتحدّث عن تحالِفٍ إسرائيليٍّ عَربيٍّ واسِع لمَنع “الهَيمنة الإيرانيّة” في سورية.. و”هِلالين شيعيّين” يُطوّقان المِنطقة.. من هِي الدّول المُرشّحة للانضمام إلى هذا التّحالف؟ وهل هُناك مَشروعٌ أميركيٌّ إسرائيليّ لحَربٍ ثانية في سورية؟ وماذا عن روسيا وإيران؟
*

يبدو أن الجِنرال غادي إيزنكوت، رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، بات مَسكونًا بِما يُسمّيه الخَطر الإيراني في المِنطقة، ويَسعى من أجلِ إقامةِ تحالفٍ مع دُولٍ عَربيّةٍ من أجلِ مُواجهةِ هذا الخَطر، من خِلال تَصعيد مُخاوِفها واستغلالِ نُقاطِ ضَعفِها العَسكريّة.

ففي مُحاضرةٍ ألقاها يوم أمس في جامعة هرتزيليا، كَرّر الجِنرال إيزنكوت ما قاله في حَديثٍ حَصريٍّ لصحيفة “إيلاف” الإلكترونيّة مُنتصف شَهر تشرين الثاني الماضي، عندما أكّد أن إسرائيل ستُصبِح قريبًا عُضوًا في تَحالفٍ واسِعٍ يَضُم دُولاً تَسعى لمَنع “الهيمنةِ الشيعيّة في سورية، واتّهم إيران بمُحاولة تشكيل “هِلالين شيعيّين” الأوّل يَمتد من مزار شريف في أفغانستان، مُرورًا بالعِراق وسورية ولبنان، ووصولاً إلى قِطاع غزّة، أمّا الثاني سَيمتد عبر الخليج إلى اليمن من ثم البَحر الأحمر.

الجنرال إيزنكوت لم يَذكُر الدّول التي سَتدخُل في تحالفٍ مع إسرائيل ضد الهلالين الشيعيّين، تركيزًا على الوجود الإيراني في سورية، ولكنّه من الواضِح أنّه يُشير إلى دُولٍ خليجيّة، مثل المملكة العربيّة السعوديّة والبَحرين ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، ولسنا مُتأكّدين ما إذا كان يَعتبر مِصر والأردن عُضوين مُحتَملين في هذا التّحالف أم لا.

ما يَجعلنا نميل إلى ترجيح أقوال الجِنرال إيزنكوت اعتراف البيت الأبيض قبل ثلاثة أيام باتفاقٍ إسرائيليّ أميركيّ لمُواجهة النّفوذ الإيراني في المِنطقة، واتصال جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي بالحُكومة القَطريّة وحَثّها على تَسوية الخِلاف بسُرعة مع المملكة العربيّة السعوديّة للتفرّغ لمُهمّة مُواجهة إيران.

السؤال الذي يَطرح نفسه هو حَول كيفيّة القضاء على النّفوذ الإيراني في سورية الذي تَعتبره إسرائيل، ودُولٍ عربيّةٍ أُخرى يُشكّل تهديدًا لها؟ وهل هذا يَعني شنَّ حَربٍ إسرائيليّةٍ أمريكيّة ثانية على سورية بمُساعدة حُكوماتٍ عَربيّة؟

قبل الإجابة على هذا السّؤال لا بُد من الإشارة إلى بَعض الحقائق والأرقام التي ذَكرها الجنرال إيزنكوت حول الانفاق الإيراني المادّي لتَشكيل هَذين “الهلالين” أوّلاً، وأعداد القوّات الإيرانيّة وحُلفائِها في سورية ثانيًا.

أرقام رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي تُفيد بأنّ الحُكومة الإيرانيّة تُقدّم بين 700 مليون ومِليار دولار سَنويًّا لـ”حزب الله” اللبناني، وما يَقرُب من المِئة مَليون دولار لكُل من حَركتيّ “حماس″ و”الجِهاد الإسلامي” في قِطاع غزّة، وتقول الأرقام نَفسها أن هُناك 2000 مُستشار عسكري إيراني في سورية، و8000 مُقاتل من “حزب الله”، علاوةً على عَشرة آلاف مُسلّح قَدِموا من العِراق وأفغانستان وباكستان.

المَشروع الأميركي في سورية كَلّف الخزينة سَبعة مِليارات دولار بمُعدّل مِليار دولار كل عام مُنذ بِداية الأزمة، ولا نَعتقد أنّ الإدارة الحاليّة مُستعدّة لهَزيمةٍ ثانية في سورية في ظِل الوجودَين العَسكريّين الروسيّ والإيرانيّ القَويّين.

خُبراء في دِراسة الميزانيّة الأميركيّة للعام الجديد، وتحليل أرقامِها، لاحظوا رصد 500 مليون دولار للحَرب في سورية، ومن المُؤكّد أن هذهِ الملايين ليست لمُحاربة “الدولة الإسلاميّة” التي خَسِرت أراضيها في مُعظم سورية والعِراق، وإنّما لدَعم حركات مُسلّحة كُرديّة وعَربيّة لزَعزعة الاستقرار، ومَنع الاحتفال بالنّصر، وإعادة الإعمار.

الوجود الإيراني في سورية ولبنان يُشكّل خَطرًا فِعليًّا على إسرائيل، سواء كان بِشكلٍ مُباشر (وجود مُستشارين)، أو غير مُباشر عبر “حزب الله”، وميليشيات عقائديّة شيعيّة أفغانيّة وعِراقيّة وباكستانيّة، والسيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله، أشار إلى الاستعدادات القِتاليّة لهذهِ الميليشيات في أحد خِطاباتِه الأخيرة، ولكن من غير المُعتقد أنّه يُشكّل خَطرًا على السعوديّة البَعيدة على سَبيل المثال، فإذا أرادت إسرائيل أن تُحارب النّفوذ الإيراني في سورية فلتتفضّل وتُجرّب حظّها، ولكن بعيدًا عن تَوريطِ دُول عربيّةٍ أُخرى تُعاني من خسائرٍ باهظةٍ في الحَرب اليَمنيّة وقَبلها في الحَرب السوريّة.

بَعض الدّول الخليجيّة التي تُفكّر في الدّخول في حِلفٍ عَسكريٍّ مع إسرائيل ضِد إيران تَرتكب خطيئةً كُبرى، ليس لأن إسرائيل، حليفها الجديد، العَدوّ المُحتل للمُقدّسات فقط، وإنّما أيضًا لأنّها سَتكون الخاسِر الأكبر في أيِّ حَربٍ ماديًّا وبَشريًّا، والسّعيد من اتّعظ بغَيره، ونحن نُشير هُنا الى أنطوان لحد، وقَبله سعد حداد، وأخيرًا مسعود البارزاني.