ما الهدفان الرئيسيان لاستراتيجية واشنطن في سورية؟

ما الهدفان الرئيسيان لاستراتيجية واشنطن في سورية؟

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٩ يناير ٢٠١٨

يمكن تلخيص الاستراتيجية الأميركية الجديدة في سوريا بما يلي: وجود أميركي في شرقي سوريا إلى أجل غير مسمى لمواجهة النفوذ الايراني ومنعها من إقامة ممرها البري الذي يربط بين ايران ولبنان ومنع عودة ظهور تنظيمات متطرفة مثل الدولة الاسلامية والقاعدة والوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تنهي حكم عائلة الاسد.

هذه الاستراتيجية كانت محور كلمة وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد الأميركية يوم 17 كانون الثاني. وتمثل هذه الاستراتيجية قطيعة مع سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتعامل مع الملف السوري والتي طغى عليها التناقض والغموض والفوضى.

تغيير المهام
الوجود العسكري الاميركي في شمالي وشرقي سوريا والذي يبلغ ألفي جندي حاليا يعود إلى حقبة الرئيس السابق باراك أوباما وعملت هذه القوات في المنطقة في تقديم المساعدة لشركاء قوات التحالف في سوريا، قوات سوريا الديمقراطية، في محاربة تنظيم “الدولة الاسلامية”، ومع تراجع المعارك ضد التنظيم بعد طرده من معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا تغيرت طبيعة ومهام القوات الاميركية.

وأشارت الأنباء مؤخرا إلى أن الولايات المتحدة تخطط لاقامة قاعدتين عسكريتين في سوريا، واحدة في مطار الطبقة العسكري بالقرب من سد الفرات والاخرى في منطقة التنف على المعبر الحدودي بين العراق وسوريا.

الوجود الأميركي في سوريا لن يقتصر على الجانب العسكري بل سيكون هناك وجود دبلوماسي وسياسي أيضا لمساعدة أبناء المناطق التي تم طرد التنظيم الدولة الاسلامية منها، وتوفير الخدمات الاساسية فيها بالتعاون مع الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي يقود العمل العسكري ضد “الدولة الاسلامية” وهو ما أكده وزير الدفاع الاميركي قبل فترة قصيرة.

أخطاء العراق
وفي هذا الاطار زار وفد من الخارجية الاميركية برئاسة ماكس مارتن شمالي سوريا قبل فترة قصيرة والتقى بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية واعضاء من مجالس مدن المنطقة، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مستوى الانخراط الأميركي في الملف السوري على أرض الواقع.
وتقول الادارة الأميركية حاليا إنها لن تكرر تجربة العراق قبل سنوات قليلة عندما انسحبت القوات الاميركية قبل أن تستقر الأوضاع الأمنية والسياسية تماما.

وقال تليرسون: “لا يمكننا أن نكرر أخطاء عام 2011 حيث غادرنا العراق قبل الأوان، الأمر الذي سمح بظهور تنظيم القاعدة أولا وثم الدولة الاسلامية، مما اضطر الولايات المتحدة إلى العودة إلى العراق مجددا، وبالتالي هناك حاجة لوجود أميركي إلى أجل غير منظور في سوريا لمنع تنظيم الدولة الاسلامية من الظهور مجددا”.

أما المحور الآخر للاستراتيجية الأميركية فهدفه الحد من نفوذ إيران في سوريا حيث تلعب إلى جانب روسيا دورا محوريا في تقوية نظام الاسد الذي استطاع استعادة جزء كبير من الاراضي السورية بفضل دعم طيران روسيا والمليشيات التي تتولى ايران قيادتها في سوريا وبات الاسد في وضع اقوى مما سبق بكثير.

ترى الادارة الأميركية أن هذا الامر سيكون أكبر تحد يواجهونه في سوريا، فليس من السهل الحد من نفوذها بعد أن باتت لاعبا أساسيا في الساحة السورية ومن الصعب جدا التوصل إلى أي تسوية للأزمة السورية من دون ضمان مصالحها ونفوذها في سوريا.

وأقر تليرسون بالحجم الهائل لنفوذ إيران في سوريا وهو ما يمثل مصدر خطر حتى على الوجود الاميركي هناك وقال : “لقد عززت إيران وجودها في سوريا بشكل ملحوظ عبر نشر الحرس الثوري الإيراني ودعم حزب الله اللبناني واستقدام مليشيات تابعة لها من العراق وافغانستان وباكستان وغيرها من الدول وبفضل هذا الانتشار في سوريا أصبحت إيران في موقع أفضل لمهاجمة الاميركيين ومصالح اميركا وحلفائنا في المنطقة”.

وعلى رأس أهداف الوجود العسكري الأميركي في سوريا سيكون التصدي لنفوذ ايران والمليشيات التي تديرها في سوريا، ولن يكون ذلك سهلا باعتراف تليرسون الذي قال: “الضغط على إيران سيكون من بين أهم اهداف الوجود العسكري الاميركي في سوريا هذا الأمر لن يكون سهلا”.

وبالنسبة لواشنطن لا تقتصر المخاطر التي تهدد مصالحها على المنظمات المتطرفة مثل الدولة الاسلامية والقاعدة وغيرها، بل تشمل إيران التي تسعى إلى إقامة ممر آمن لها يربط بين طهران وبيروت على ساحل البحر المتوسط.. وقال تليرسون في هذا المجال إن مغادرة القوات الأميركية سوريا قريبا سيؤدى الى تعزيز نفوذ إيران إلى حد بعيد وخطوة في اتجاه تحقيق مخططها للسيطرة على الشرق الاوسط. ووجود بلد تسوده الاضطرابات والفوضى مثل سوريا وبجوار اسرائيل يوفر الفرصة الذهبية لايران وستستغل هذا الوضع لخدمة مصالحها بشكل حثيث.