أميركا ستبقى في سورية إلى أن تُجْبَر على الخروج… بالقوة

أميركا ستبقى في سورية إلى أن تُجْبَر على الخروج… بالقوة

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢١ يناير ٢٠١٨

«أميركا ستبقى في سورية إلى أن تُجبر على الخروج بالقوة». هذا ما قاله لـ «الراي» أحد صنّاع القرار على الساحة السورية، رداً على ما قاله وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون حول بقاء القوات الأميركية في سورية «لمنْع عودة (داعش)».

ويقول المصدر القيادي: «عندما بدأ الهجوم على البوكمال، جهّزتْ كل القوات المهاجِمة عدداً كبيراً من الرجال والوحدات الخاصة لمحاصرة المدينة التي كانت معقل تنظيم (داعش) بعد الرقة. وحسب الاستخبارات والرصد، كان داخل المدينة نحو 2800 مقاتل محلي وأجنبي داعشي. ولهذا توقّع القادة أن يستمر القتال لأسابيع طويلة، وقد أُخذ في الاعتبار الخسائر البشرية المتوقعة. إلا اننا فوجئنا بقوات قليلة تُركت للمشاغلة والتأخير، بينما غادر الآلاف من داعش شرق النهر حيث توجد القوات الأميركية والكردية. وهذا ما سهّل استعادة المدينة في وقتٍ قياسي. لقد وجد تنظيم داعش أن أميركا أرحم من قواتنا وانه سيتوافر لهم نوع من المرور الآمن بدل القضاء عليهم جميعاً. واليوم نكتشف علناً ما كنا نعرفه في الخفاء لجهة أن أميركا تريد البقاء في سورية منعاً لعودة (داعش) حيث يريد الأميركيون أن يعودوا. وهذا يعني المزيد من العمليات الارهابية ضد سورية والعراق في المستقبل كي تبرهن أميركا للعالم ان (داعش) لا تزال موجودة وأن قواتها في الحسكة وشمال شرق سورية ضرورة».

عندما كان الرئيس دونالد ترامب مرشحاً للرئاسة، اتهم خصمته السياسية هيلاري كلينتون بأنها تنوي «إشعال حرب عالمية ثالثة بسبب سياستها المتوقَعة في سورية بالبقاء هناك ومواجهة النفوذ الروسي».

وليس من المستغرب على ترامب عدم التزامه بما قاله أثناء حملته الانتخابية لأنه بعيد كل البعد عن السياسة ومهارتها. وعند قوله إنه سيحارب «داعش» في سورية، لم يقل إنه سيُبقي القوات الاميركية لحماية شمال شرقي سورية حيث تتواجد قوات «داعش» المتبقية في هذا الجيب السوري الشمالي الشرقي. إلا ان ترامب ووزير خارجيته فشلا بالتوضيح كيف ستبرر الإدارة الأميركية – من الناحية القانونية – وجود قوات احتلال أميركية على أرض سورية.

ويبرز تخبط الإدارة الاميركية عندما يصرّح المسؤولون ان القوات الأميركية ستبقى من اجل الحدّ من نفوذ إيران. وآخرون يقولون انهم باقون ولن يصطدموا بالقوات السورية ولا الروسية بل لمقاتلة «داعش» الذي هُزم والذي تحافظ قوات أميركية على ما تبقى منه في سورية.

إلا ان «داعش» لا يزال موجوداً ليس فقط في الشمال الشرقي السوري بل وكذلك على الحدود السورية – الاسرائيلية. ولكن تيلرسون يخشى وجود «حزب الله اللبناني على الحدود اللبنانية»، غافلاً ان الحرب السورية ومحاولة تغيير النظام السوري أنتجت قوات سورية مقاوَمة تعلّمت فن القتال في المدن وحرب العصابات وتدرّبت على فنون الحرب ضد التكفيريين، وتالياً اكتسبت أيضاً خبرة «حزب الله» في قتال إسرائيل. وقد تعلّمت هذه المجموعات الحرب الهجومية التي مارسها «حزب الله» فقط في سورية بينما كان العمل العسكري الذي خبِره الحزب في لبنان هو فن الحرب الدفاعية. وهذا ما يجعل المجموعات السورية أخطر بكثير مما يخشاه تيلرسون على الحدود الاسرائيلية.

ووفقاً للمصدر، فإن وجود أميركا في سورية لن يغيّر أي شيء في الوجود الإيراني وعلاقته المتينة أكثر من أي وقت مع الحكومة السورية. فسياسة أميركا الخارجية دفعت بسورية إلى أحضان إيران. وهذه السياسة فرضت على الرئيس بشار الأسد الاستعانة بـ«حزب الله»، كما أن محاولة تغيير النظام السوري دفعت الأسد الى الطلب من حليفه الروسي التدخل مباشرة ثم أعطاه حرية البقاء لخمسين سنة مقبلة.

وكل ما كانت إسرائيل وأميركا تخشيان أن يحصل يوماً ما، قد وقع في سورية بفضل السياسة التي فرضت حرباً في بلاد الشام ولم تحقق أهدافها سوى تدمير الاقتصاد السوري وقتل مئات الآلاف من السوريين وتهجيرهم.

لقد تغيّر النظام العالمي ولم تعد أميركا تملك الكلمة الأولى والأخيرة وهذا ما جنته يداها. واليوم تعتقد واشنطن أنها تستطيع إحياء الميت (النفوذ الأوحد والأقوى في العالم لها) ببقائها في سورية. إلا أن التاريخ يعيد نفسه ولكن لا عِبرة لمَن لا يعتبر.