بمناسبة مرور 30 عام على مذبحة الأرمن في"سومغاييت" عام 1988 ..سومغاييت جريمة إنتقامية

بمناسبة مرور 30 عام على مذبحة الأرمن في"سومغاييت" عام 1988 ..سومغاييت جريمة إنتقامية

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٣٠ يناير ٢٠١٨

إن مذابح الأرمن في مدينة سومغاييت الصناعية في جمهورية آذربيجان السوفييتية في شهر شباط عام 1988 لها صلة مباشرة مع الحركة الشعبية التي بدأت في "ناغورني كاراباخ" في نفس الفترة لغرض انضمام الاقليم إلى أرمينيا الأم و انفصاله من آذربيجان. ولفهم أسباب ومضمون هذه الأحداث الأليمة و كشف أهدافها السياسية لابد لنا أن نتطرق باختصار إلى الجوانب الأساسية لموضوع ناغورني كاراباخ.
    
يعتبر إقليم «ناغورني كاراباخ» (400,4 كم مربع ) أو "آرتساخ" الأرمنية جزء لا يتجزأ من أرمينيا التاريخية ويشهد على ذلك معلومات المؤرخ اليوناني هيرودوت (القرن 5 ق.م) وسترابو (القرن الأول ق.م) وغيرهما من المفكرين القدامى وكان يدخل ضمن الولاية العاشرة لأرمينيا.  وأنشيء هناك أول مدرسة معروفة بفضل جهود مخترع الأبجدية الأرمنية، ميسروب ماشطوتس (عام 405).
وكان مقر هذه المدرسة دير"آماراس" الواقع في منطقة مارتوني الحالية في «ناغورني كاراباخ».

وتثبت النصوص الأثرية والمعلومات التاريخية أن هذه البقاع هي فعلاً مهد للحضارة الأرمنية. في القرن السابع م. وصلت موجات الفتح العربي الإسلامي إلى المنطقة. وفي القرن الثالث عشر تعرضت لهجمات المغول الذين أطلقوا عليها اسم "كاراباخ" أي "البستان الأسود" أو "الكرمة السوداء". وظل الإقليم يعرف بهذا الاسم حتى يومنا هذا.
    


ظهر العنصر التركي (المعروف آنذاك باسم تتر القوقاس والمسمّى لاحقاً – أي في القرن العشرين – بالشعب الأذربيجاني) في إقليم كاراباخ في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وتراوح عددهم حتى أوائل العشرينات من القرن العشرين ما بين 3-4 في المئة من تعداد السكان العام. في عام 1918 أصبحت أرمينيا جمهورية مستقلة وكانت مساحتها تبلغ عندئذ زهاء 60،000 كم مربع. وفي وقت لاحق عمدت حكومتا روسيا البلشفة وتركيا، اللتان فرضتا على أرمينيا أحكام معاهدتي كارس وموسكو (1921) إلى تقسيم الإقليم بينهما، فأعطيت أذربيجان أراض واسعة ضمّت ناخيتشيفان والمناطق المتاخمة لها. وفي 5 يوليو/تموز من عام 1921 وبضغط من زعيم الاتحاد السوفييتي المشهور جوزيف ستالين، عقد مكتب شؤون القوقاس جلسة بكامل هيئته، أصدر فيها قراراً دون مناقشة وتصويت اعتبر فيه إقليم "ناغورني كاراباخ" جزء من أذربيجان، والتي أصلاً كدولة تشكلت في عصر الاتحاد السوفييتي.
وهذا القرار غير الشرعي وغير الملزم قانوناً – الذي أصدره جهاز إقليمي تابع للبلاشفة، دون أي اعتبار لإرادة شعب كاراباخ – هو الذي مكن زعماء أذربيجان، حتى يومنا هذا من إضفاء الشرعية على مطالبهم إزاء كاراباخ وغيرها من الأراضي الأرمنية. بانتزاع "ناغورني كاراباخ" وغيرها من المناطق من أرمينيا تقلصت مساحة أرمينيا إلى 29،800 كم مربع.
خلال سنوات الحكم السوفييتي مارست السلطات الأذربيجانية سياسة تمييز عنصري ضد "ناغورني كاراباخ"، ازدادت حدّة بتولي حيدر علييف زمام الحكم كسكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني. نتيجة تلك السياسة ازداد عدد السكان الأذربيجانيين في "ناغورني كاراباخ"، مما أدى إلى عدم رضى السكان الأرمن المحليين. وصاحب سياسة التعصب الأذربيجاني تدمير الآثار التاريخية والثقافية في المناطق الأرمنية.
أثيرت مسألة إعادة توحيد كاراباخ مع أرمينيا من قبل السكان الأرمن تباعاً في العشرينيات والأربعينيات والستينيات من القرن العشرين، ولكن دون جدوى.  ومنذ مطلع عام 1988 وبفضل سياسة الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي غورباتشوف "البيريسترويكا" بدأت في شباط عام 1988 في "ناغورني كاراباخ" حركة شعبية كبيرة بهدف توحيد الإقليم مع أرمينيا الأم. وأشاعت وكالات الأنباء الدولية معلومات وأخبارا مكثفة عما يجري في المنطقة. وسرعان ما اندلعت في مطلع عام 1992 نيران الحرب بين كاراباخ ذي الحكم الذاتي وأذربيجان واستمرت الصدامات الدموية بين الطرفين أكثر من 3 سنوات. ولكسب تضامن الشعوب الإسلامية حاولت الدعاية الأذربيجانية، بتشجيع من تركيا، تصوير الحرب الأرمنية-الأذربيجانية في كاراباخ على أنها حرب دينية وطائفية بين المسيحيين الأرمن والأذربيجانيين المسلمين، وهذا، بطبيعة الحال تزوير فاضح للحقائق لأن شعب كاراباخ كان يناضل في سبيل حقه المشروع في الإستقلال والعيش بسلام وحرية وتقرير مصيره بنفسه فاستطاع أن يثبت للعالم عدالة قضيته.
إن مذبحة سومغاييت (المعروفة أيضاً باسم بوغروم سومغاييت أو أحداث شباط) بقيادة أذرية استهدفت السكان الأرمن في هذه البلدة الساحلية في أذربيجان السوفييتية خلال شهر شباط  1988 كانت نتيجة مطالب الأرمن في  "ناغورني كاراباخ" للانفصال «كما ذكرنا» من أذربيجان و الانضمام إلى أرمينيا.
    
في27 شباط 1988، تشكلت عصابات كبيرة من الأذريين وتوزعت ضمن مجموعات شرعت في مهاجمة وقتل الأرمن في الشوارع وفي شققهم على حد سواء، ومما ساعد في ازدياد الأمر سوءاً عمليات النهب التي جرت على نطاق واسع وانعدام التزام ضباط الشرطة. وكانت أعمال العنف في سومغاييت غير مسبوقة في نطاق الاتحاد السوفييتي، واجتذبت قدراً كبيراً من الاهتمام لدى وسائل الإعلام الغربية. وكان عدد القتلى ما لا يقل عن 200 شخص.
    في يوم 28 شباط دخلت وحدة صغيرة من القوات السوفييتية المسلحة نسبياً في وزارة الداخلية الى المدينة وحاولت دون جدوى إخماد أعمال الشغب. وتم تهدئة الوضع أخيراً عندما دخلت وحدات عسكرية أكثر احترافاً مع الدبابات وغيرها من العربات المدرعة بعد يوم واحد. وفرضت القوات التي أرسلتها الحكومة حالة الأحكام العرفية في سومغاييت، وأعلنت حظر التجول، وأنهت الأزمة.

ووفقاً لشهود عيان أرمن وعدد من أفراد الجيش السوفييتي لاحقاً، وكما أفادت التقارير أيضاً، أنه تم جلب الكحول و”أناشا” (وهو مصطلح أذري يدل على المخدرات مثل الأفيون)، بالشاحنات وتم توزيعها على الحشود الأذرية.
بدأت أول أعمال العنف بالقرب من محطة الحافلات في المدينة حيث قاموا بتخريب وتدمير أكشاك الصحف والمحلات التي يملكها الأرمن. وكانت العصابات أغلقت الطرق وأوقفت السيارات والحافلات، ومن ثم طلبت معرفة ما إذا كان الأرمن في الداخل. فإن كانوا هناك، فكانت العصابات تقوم بسحبهم وضربهم (والبعض حتى الموت) باستخدام عبوات من الأسلحة المصنوعة يدوياً مثل الرماح وقضبان من الحديد المسلح، وقطع مشحوذة من المعدن، وهي إشارة إلى أنها صنعت في مصانع سومغاييت الصناعية قبل الهجوم.
كانت المجموعات المهاجمة تتألف من مختلف الفئات سناً. في حين كان المشاركون الرئيسيون من الذكور البالغين وحتى بعض النساء، وكان هناك أيضا طلاب شباب شاركوا في تخريب ونهب الأجهزة والمعدات والأحذية، والملابس من منازل الأرمن. كما ارتكبت العديد من أعمال الاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي، التي جرت في الشقق وبشكل علني في شوارع المدينة على حد سواء. وصف شاهد عيان هذه الافعال والذي أكده أيضا شهود عيان في حالات أخرى كيف تم تجريد امرأة أرمنية من ملابسها ثم سحبها، وركلها في ظهرها ورأسها، وجرها على الشوارع.
وهناك شهادات أخرى عممت أيضاً قصص نساء أرمنيات انتزعت أجنتها في أجنحة الولادات في المستشفى على الرغم من أنه تم تكذيب مثل هذه الشائعات لاحقاً.  وفي خضم الهجمات، سعى العديد من الأرمن للدفاع عن أنفسهم وذلك بتسمير أبوابهم المغلقة وتسليح أنفسهم بالفؤوس.
كان رد فعل الحكومة السوفييتية على الاحتجاجات في البداية بطيئاً. وكان التفكير في إرسال وحدات عسكرية لفرض الأحكام العرفية في البلدة فعل غير مسبوق في تاريخ الاتحاد السوفييتي. ويمكن لمعظم السوفييت العودة إلى أيام الحرب العالمية الثانية حيث تم اتخاذ مثل هذه التدابير من قبل الحكومة. إن روح "الكلاسنوست" (حرية التعبير) رأت الاتحاد السوفييتي أكثر تسامحاً في الاستجابة للقضايا السياسية المشحونة. ومع ذلك، قام المسؤولون الروس في أذربيجان، ممن شهد بعضهم على تلك الهجمات، بمناشدة قادة الكرملين لإرسال القوات السوفييتية إلى سومغاييت.
وفي جلسة المكتب السياسي السوفييتي في اليوم الثالث من أعمال الشغب في 29 شباط، تباحث غورباتشوف والمجلس الأعلى حول مواضيع عديدة حتى قبل مناقشة أحداث سومغاييت. وعندما أثيرت أخيراً القضية أعرب غورباتشوف عن معارضته للاقتراح لكن أعضاء حكومته، بما في ذلك وزير الخارجية ادوارد شيفرنادزه ووزير الدفاع ديمتري يازوف، وخوفاً من تصعيد بين الأرمن والأذريين، أقنعوه لإرسال قوات التدخل.
وفي الوقت نفسه، وفي اليوم السابق، وصلت الى سومغاييت أثنتان من كتائب قوات وزارة الداخلية من الداخل، المجهزة بشكل كبير بالهراوات ومكافحة الشغب (الجنود الذين كانوا مسلحين بأسلحة نارية كانوا مسلحين بطلقات فارغة ولم يعط لهم الإذن بفتح النار)، وذلك عبر حافلات وناقلات مدرعة. وبينما تحركت لتحافظ على أمن المدينة، أضحى الجنود أنفسهم أهدافاً للعصابات. ومن المشاهد التي روعت الناس الذين يعيشون في المدينة، تعرض الجنود للهجوم والتشويه بكائنات بدائية صلبة.
في 29 شباط  تدهور الوضع لدرجة اضطرت الحكومة السوفييتية إلى دعوة المزيد من القوات المسلحة بشدة، والتي يحق لها فتح النار. وشملت الفرقة وحدة «فيليكس جرزنسكي» التابعة للقوات الداخلية، وهي مرفقة بمشاة البحرية من اسطول بحر قزوين البحرية، وقوات من داغستان، ولواء قوات الإنزال، والشرطة العسكرية، وفوج المظلات 137 من القوات المحمولة جوا من ريازان، وقوة عسكرية مؤلفة من ما يقرب الـ 10000 رجل يرأسهم الفريق الجنرال كاراييف. بالإضافة إلى ذلك، تحركت الدبابات وأمرت بفرض طوق حول المدينة. وذكر الصحافي الروسي من وكالة الأخبار «كلاسنوست»، أندريه شيلكوف، أنه رأى ما لا يقل عن 47 دبابة وأيضاً قوات ترتدي سترات واقية من الرصاص بدوريات في البلدة، ما يعني ضمناً أن الأسلحة النارية كانت جاهزة واستخدمت خلال أعمال الشغب.
وفرض حظر التجول من الساعة الثامنة مساء حتى السابعة صباحاً، لاستمرار المناوشات بين القوات الحكومية ومثيري الشغب. وأمر كاراييف القوات لإنقاذ الأرمن الباقين في شققهم. وبحلول مساء الـتاسع والعشرين، كانت القوات في الحافلات والناقلات تقوم بدوريات في شوارع سومغاييت لتنفيذ الكامل للأحكام العرفية. وتحت حراسة مسلحة تسليحاً ثقيلاً، نقلت حافلات مدنية وناقلات الجنود المدرعة السكان الأرمن إلى المركز الثقافي في ساحة المدينة الرئيسية. والمبنى الذي تم تصميمه ليتناسب مع عدة مئات من الأشخاص، استوعب عدة آلاف من الأرمن.
في الأول من آذار، قمعت القوات السوفييتية أعمال الشغب على نحو فعال. وكان من المقرر أن تبدأ التحقيقات على الفور، لكن قامت شاحنات القمامة بتنظيف الحطام الى حد كبير في الشوارع والتخلص منه قبل وصولها.
في أعقاب أعمال الشغب، ألقت السلطات السوفييتية القبض على أكثر من 400 رجل لمشاركتهم في أعمال الشغب والعنف. ولم تقم وسائل الاعلام السوفييتي بتناول الحدث وبقيت صامتة إلى حد كبير، وبدلاً من ذلك ركزت على القضايا الدولية، بينما أشارت الصحافة المحلية في سومغاييت بفخر أنه لم يتم إنتاج الأسمدة المعدنية في محطات سومغاييت وكانت قد توقفت بسبب أعمال الشغب. وكانت الحكومة السوفييتية مترددة في الاعتراف بوقوع العنف، لكنها فعلت في نهاية المطاف، إلا أنها كانت سريعة في الحد من خطورة هذا الحدث من خلال الزعم بأن أعمال الشغب كانت إلى حد كبير قضية ”مثيري الشغب“. وقامت السلطات السوفييتية بمنع الصحفيين الغربيين الذين سعوا للسفر إلى المدينة.


   لم يتم بث صور المذبحة حتى 28 نيسان 1988 في فيلم وثائقي مدته 90 دقيقة من قبل صحفي سوفييتي هينريك بوروفيك، وجاء ذلك بمثابة مفاجأة للكثير من المشاهدين السوفييت. انتقد بوروفيك التعتيم الإعلامي الذي فرضته الحكومة السوفييتية، مدعياً أنه كان ضد أهداف غورباتشوف التي تدعو الى المزيد من الانفتاح. وذكر ”إن عدم توفر المعلومات لم يجعل الوضع أفضلاً، بل جعله أسوأ… وإن صمت الصحافة يسرت الشائعات والاستفزازات“.
ربما ما كان لا بد منه هو الصدق في المعلومات كاملة عن الأحداث التي وقعت. وفي وقت لاحق شرع إدوارد شيفرنادزه ليشير الى عدم الإبلاغ عن المذبحة التي ارتكبت في سومغاييت كما حدث في «الكلاسنوست» نفسها، "الآليات القديمة تراجعت، وهي تبسط أو تحرف أو تقضي على الحقيقة حول هذا الحدث".
في غضون عدة أيام بعد انتهاء المجزرة، رحل ما يقارب الـ 1200 عائلة أرمنية من سومغاييت، مقلصين عدد سكانها إلى أكثر من النصف. وساد شعور عام ساد جميع أنحاء المدينة بعدم الحساسية بضحايا الأرمن أيضاً، في حين أن العديد من الأذريين في سومغاييت أعربوا عن أسفهم لأعمال العنف التي تلت ذلك، وشعروا أنهم مضطرون لكي يروا أن الأرمن أنفسهم يستحقون ذلك كشكل من أشكال الانتقام للمطالبة بانفصال إقليم «ناغورني كاراباخ».


    
وضعت السلطات السوفييتية اللوم المباشر على الشخصيات المسؤولة في مدينة سومغاييت الذين أقيلوا من مواقعهم جميعاً. ووفقاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة برنستون، مارك بيسنغر، فإن مسؤولي الحكومة قاموا بـ ”مراوغة“ الأذريين خلال مسيرات الاحتجاج. فقد أرسلوا إشارات يمكن تفسيرها بسهولة كمعاقبة للعنف، وبعض أجزاء من الدولة قدمت دعماً نشيطاً للعنف ضد الأرمن.
وهذا الشك بالأرقام السوفييتية الرسمية مدعوم بمصادر مختلفة. أولها شيلكوف الذي، وبعد زيارة سومغاييت، تأكد من أن عدد القتلى كان”على الأقل“ 350 طالما أن العنف كان من جانب واحد. ادعى الأرمن أن تقديره مدعوم بأدلة من شهادات وفاة الضحايا. كما رفض الكاتب والمحرر البريطاني ديفيد برايس جونز النتيجة، معلقاً أن هذه الارقام الرسمية هي على الأرجح منخفضة للغاية. وشاطره هذا الرأي أيضاً المؤرخ الروسي جيفري هوسكينغ الذي صرح بأنه تم قتل مئات من الأرمن أو نحو ذلك في ما بدا للكثيرين أنه نمط منهجي من جانب جيران أذربيجان في سومغاييت. ويمكن اعتبار المذابح والاغتصاب شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية المنهجية التي تشبه الإبادة الجماعية للأرمن التي وضعت حيز التنفيذ ضد الأرمن على يد الأتراك العثمانيين في عام 1915.


اعتقلت السلطات السوفييتية 400 رجلاً في أعقاب المجزرة، و أعدت تهماً جنائية لـ84 شخص، وحكم على إسماعيلوف، مجرب الأنابيب في واحدة من محطات سومغاييت الصناعية، بتهمة القتل المتعمد وكان أول من يحاكم من قبل المحكمة السوفييتية العليا في موسكو في أيار 1988. في تشرين الأول 1988، حكم على تسعة رجال، بما في ذلك إسماعيلوف الذي سجن بـ 15 عاماً إضافة الى 33 عاماً حكم بها. وكانت أحكاماً أخرى أكثر قسوة، فقد أدين أحمد أحمدوف وحكم عليه رمياً بالرصاص لقيادة الشغب والمشاركة في قتل سبعة اشخاص. واستمر العديد من الأذريين في حملة ”الحرية من أجل أبطال سومغاييت“.


    هذه هي حقيقة مذبحة سومغاييت التي أودت بحياة عشرات العائلات الأرمنية المسالمة بشكل منظم وممنهج، تلك العائلات التي ساهمت بكل فناء وإخلاص في تطوير الصناعات والانتاج ليس في هذه المدينة فقط، بل في جمهورية أذربيجان بشكل عام. وجرت هذه العمليات الاجرامية الوحشية من قبل السلطات الأذرية، بدون شك، انتقاماً لمطالب شعب إقليم "ناغورني كاراباخ" لانضمامه إلى أرمينيا.
ويدل على ذلك بشكل قاطع عمليات القتل والتصفية العرقية على نطاق واسع لاحقاً. وتلت مجزرة سومغاييت عشرات المذابح الأخرى ضد السكان الأرمن في باكو وكيروناباط وغيرها، علاوة على تهجير نصف مليون أرمني من أذربيجان.
ولغاية تبرير عملياتها الوحشية ضد الأرمن تقوم السلطات الأذرية والقيادة السياسية خاصة نهاراً وجهاراً منذ البداية و حتى الآن بكل السبل المتاحة بتشويه وتزييف الحقائق التاريخية ثم تقديم صورة معاكسة للمجتمع الدولي عن الأرمن وعن قضية إقليم "ناغورني كاراباخ".

منشورات سفارة جمهورية أرمينيا

 



                                        سفارة جمهورية أرمينيا
                                        دمشق