خُرِقت الخطوط الحمر في سورية … فاهتزَّتْ إسرائيل

خُرِقت الخطوط الحمر في سورية … فاهتزَّتْ إسرائيل

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٢ فبراير ٢٠١٨

 ايليا ج مغناير - الراي
لم تبتلع إسرائيل هزيمتَها بإسقاط طائرة «اف – 16»، وهي من دون شك ستبحث عن الانتقام، إلا أن كل فعلتْه خلال الأعوام السبعة للحرب السورية هو اتباع استراتيجية المعركة الخاطفة بين الحروب لإطالة أمد الحرب السورية، الى أن اكتشفتْ أخيراً انه كلما طال أمد الحرب اشتدتْ قوة الجيش السوري وإيران و«حزب الله» والمحور الذي يمثّلهم و خسِر المحور المضاد.
ولكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يتعلّم الدرس وخدَع أصحاب القرار في بلاده، إذ التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو سبع مرات ليوهِم الاسرائيليين بأنه استطاع إفهام بوتين بأن أمن اسرائيل يعطيها الصلاحية لفعل ما تشاء في سورية. إلا ان بوتين كان واضحاً: «لا دخْل لنا بحربكم مع (حزب الله) وإيران، ولكن ممنوع المساس بهؤلاء الذين يقاتلون مع الجيش الروسي في سورية، وإذا أردتُم استهداف مَخزن ذخيرة او قافلة لـ (حزب الله)، فهذا شأنكم»، حسب مصادر قريبة من التحالف الداعم للحكومة السورية.
لا تريد موسكو أن تلعب اسرائيل في ملعبها السوري: فبلاد الشام فتحتْ الباب واسعاً لروسيا لدخول الشرق الأوسط والبحر المتوسط وهزّ «الناتو» (عبر تحالفها الصلب مع تركيا) وإعادة هيْبتها التي ضُربتْ في أفغانستان من قبل أميركا التي حاولت ضرْب اقتصاد روسيا من خلال أوكرانيا (بضرْب الغاز الذي يغذي أوروبا ويشكل ركيزة الاقتصاد الروسي) وسعتْ إلى إخراجها من الشرق الأوسط بأكمله بعد ضرْب ليبيا ومحاولة تغيير النظام في سورية.
وموسكو وفيّة لأصدقائها وتَحمي مصالحها، وهذا ما توفّره سورية كدولة قوية. واعتقَد المحللون طوال سنوات الحرب أن روسيا تتخلى عن الرئيس بشار الأسد مقابل بقائها في سورية. إلا ان العالم لم يَفْهم ان روسيا – وكذلك إيران – يرون في الأسد الرجل الوحيد الذي يستطيع الوفاء بتعهداته والوقوف بوجه أميركا وليس أي رئيس آخر.
إلا أن اسرائيل، وفقاً للمصادر، تمادتْ في الآونة الأخيرة ولم ترضَ – وكذلك أميركا – بخسارتها في سورية وفشل مشروعها بإسقاط الأسد وتغيير النظام. فضربتْ الجيش السوري في مناسباتٍ عدة من دون أن يغيّر تدخّلها في ميزان القوى الاستراتيجي في سورية. وهذا ما سبّب انزعاج روسيا التي أعطتْ الضوء الأخضر لحكومة دمشق للتصدي المتدحْرج لاسرائيل.
وضربتْ اسرائيل في عمق البادية السورية في السابق مما سبّب انزعاجاً روسياً. واعْتَقَد نتنياهو انه الولد المدلّل للرئيس دونالد ترامب وبالتالي فإن بوتين سيتفهّم ذلك. ولم يَفْهم رئيس الوزراء الاسرائيلي أن الرئيس الروسي يحبّ وجود ترامب في السلطة فقط لأن هذا الأخير لا يفْقه شيئاً في السياسة وبالتالي فإن موسكو تستطيع التكهن بالخطوات التي سيقوم بها العسكر المحيطون به.
وعندما حاولتْ اسرائيل الاتجاه من جديد نحو البادية السورية الممنوعة عليها تَفاجأتْ بأن سورية جاهزة لاصطيادها، ليذكّر بوتين طفل ترامب المدلّل – أي نتنياهو – بأنه لا يستطيع تجاوز الخطوط الحمر ولا سيما أن ضباطاً روساً يتواجدون مع القوات الرديفة (حزب الله، الحرس الثوري الايراني وحلفاؤهما) وأنه، أي بوتين، لن يَسمح بسقوط أيٍّ من جنوده على يد اسرائيل لأنه سيُضطرّ للاستماع الى الأعذار وطلب الغفران (من نتنياهو) بينما يَفقد هو هيْبته في روسيا.
ولعبتْ إسرائيل ورقةً خاسرة بتماديها في سياسة غير مُجْدية في سورية. فأُسقطتْ طائرة إسرائيلية للمرة الأولى منذ 36 عاماً، «ما سمح للأسد بتسجيل انتصار وإنجاز أَنْعشه في الشارع العربي»، حسب المصادر. ولم تَفْهم إسرائيل انها لن تستطيع تحقيق أهدافها في سورية وان مروحة الخيارات قد تقلّصت وان سياسة التهويل – التي لن تتخلى عنها اسرائيل – لا تفيد بل تقوي أعداءها حزب الله وإيران.
وعندما ضرب حزب الله في الحرب الثانية العام 2006 البارجة الاسرائيلية «ساعر 5»، أَخْرج حزب الله سلاح البحرية من المعركة لمدة طويلة جداً. واليوم يأتي سقوط الطائرة الاسرائيلية ليعلم حكومة تل أبيب أن سورية تعافتْ وها هي تفعل ما لم تفعله منذ العام 1973 وانها جاهزة للحرب.
* تسلّق نتنياهو الشجرة ليجلس مع ترامب على نفس الغصن.
وفي تقدير المصادر، ان نتنياهو تسلّق الشجرة ليجلس مع دونالد ترامب على نفس الغصن السوري. فأميركا تتواجد في شمال شرقي سورية ولن تَخرج من هناك إلا جريحة. وها هو نتنياهو يتمادى بدعم التكفيريين وضرْب الجيش السوري، ولا يريد الاثنان ترْك الشجرة إلا بعد أن تملأ الجراح جسديْهما عند النزول في زمنٍ ليس ببعيد.