ليبرمان بعد «ضربة السبت»: إسرائيل لن تكتفي بالنباح

ليبرمان بعد «ضربة السبت»: إسرائيل لن تكتفي بالنباح

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٤ فبراير ٢٠١٨

إسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة الـ«أف 16» الإسرائيلية في الجليل الأسفل، كانت نتيجة تكتيكية لقرار استراتيجي بالتصدي السوري، الذي يمكّن في حال تواصله، من الوصول إلى معادلة وقواعد اشتباك جديدة، بين الدولة السورية والعدو.
من ناحية إسرائيل، الخسارة وقعت، لكن الانكسار لم يقع بعد. كفّ اليد الإسرائيلية عن الساحة السورية، يستدعي جهداً متواصلاً من سوريا وحلفائها، إحدى مركباته التصدي في مواجهة العدو واعتداءاته وتدفيعه أثماناً.
 
لكن في المقابل، إحدى مركباته أيضاً، إدراك الإسرائيلي إمكان فرض هذه المعادلة. لكن هذا ما لا تريده تل أبيب، ولا تقوى عليه، ولا ترغب فيه، الأمر الذي يستدعي منها، ربما، جرعة إضافية من المجازفة، وربما أيضاً جرعات.
إلى حين قرار تل أبيب معاودة الاعتداء، بمعنى المجازفة من جديد، وهو الأرجح أن تقدم عليه، تعمل جاهدة على ترميم صورة الخسارة نتيجة مواجهة فجر السبت الماضي، تحديداً أمام جمهورها قبل أعدائها، مع قدر كبير من التهديدات التي ترفض من خلالها بدء مسار المعادلات الجديدة، في محاولة منها لردع الطرف الثاني وتقليص توثبه، في مسار التصدي لاعتداءاتها، منعاً أو تأجيلاً، لفرض معادلات وقواعد اشتباك جديدة.
وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، اللافت صمته في اليومين الماضيين، قد يكون لاحظ الإفراط في التصريحات والتهديدات لكبار المسؤولين الإسرائيليين، الموجهة إلى الدولة السورية وحلفائها، وصولاً إلى الساحة اللبنانية. وهو إفراط تهديدي لم يعد يجدي نفعاً، بل يرتد إلى مطلقه لكونه بلا صدقية عملية، خاصة أن المواجهة الأخيرة فجر السبت الماضي، أشارت إلى قدر من الدونية الإسرائيلية لا يمكن إنكارها، رغم كل الدعاية العبرية المرافقة لعملية إسقاط الطائرة وما أعقبها من ردود بهدف ترميم الصورة وتقليص الخسارة.
وفي جولة على الحدود مع لبنان، جرى التأكيد إسرائيلياً أنها كانت مقررة ومنسقة مسبقاً من دون أي ارتباط بمواجهة فجر السبت الماضي، أكد ليبرمان من مستوطنة كريات شمونة على الحدود مع لبنان، أن «هذا هو زمن العضّ، وليس زمن النباح، وأن إسرائيل ستعضّ بشدة، مع أملها أن لا تضطر إلى ذلك». إلا أنّ ليبرمان، من ناحية فعلية، وإن حاول إفهام الطرف الثاني أن التهديدات ذات صدقية وهي لا تعني فقط مواقف كلامية، أعاد تأكيد المنحى نفسه، مع شبه إقرار بوجود عراقيل تمنع إسرائيل من تفعيل قدراتها العسكرية، وفي حد أدنى تقيّد هذه القدرات، عبر النفي والإفراط في النفي لمسببات التقييدات. بحسب ليبرمان، «إسرائيل ليست مقيدة بالرد على الاستفزازات من الجانب السوري، نحن ندير المسائل بحزم ومسؤولية، ليس هناك أي قيود ولن نقبل بأي قيود».
وفي المنحى نفسه الذي يؤكد القيود (أو مسعى الطرف الثاني لفرض القيود) في معرض نفيها، أضاف ليبرمان: «عملنا بصورة حازمة، ويجب الفهم أن كل خطوة نقوم بها هنا يسبقها عمل كثير. كل شيء يجب أن يتم على نحو دقيق ومخطط ومحسوب. سنردّ على أي استفزاز، وسنواصل الدفاع عن مصالحنا الأمنية الحيوية. فهذا ليس زمن النباح، بل زمن العضّ».
وحول الموقف الروسي من مواجهة السبت الماضي، أكد ليبرمان وجود «خلاف» مع روسيا و«وجود مصالح مختلفة» في سوريا، لكنه أكد رغم ذلك «وجود علاقة أثبتت نفسها بين الجانبين، رغم أن الروس أحياناً لا يقفون إلى جانب إسرائيل». وأضاف: «الواضح أن لكل طرف مصالح، وكل طرف يرى الصورة بنحو مختلف، لكن في سنوات الحرب الأهلية في سوريا، نجحنا في منع احتكاك مباشر، وهذا إنجاز بحد ذاته». ونقل موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن ليبرمان قوله إن اسرائيل سـ«ترد على أي استفزاز» ولن «تقبل بأي تقييد» من قبل روسيا حول أهدافها في حماية الإسرائيليين.
في السياق نفسه، كشف معلق شؤون الأمن القومي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، في مقالة نشرت (للمفارقة) في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن «موقف الدولة السورية وإيران وحزب الله، واصرارهم على التصدي السبت الماضي، مع إرادة أبدوها في منع تمادي الرد الإسرائيلي على هذا التصدي، وكذلك موقف القيادة الروسية الغاضبة على الهجمات الإسرائيلية في سوريا، دفعا تل أبيب إلى التراجع عن تنفيذ اعتداءات أكثر شمولية واتساعاً، كانت قد وضعت على طاولة البحث في تل أبيب». ونقل برغمان عن مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى قوله: «لقد أدان الروس علناً انتهاك إسرائيل للسيادة السورية. قالوا ذلك علناً، ولم يكتفوا بقوله في محادثات مغلقة غير علنية». وأضاف: «التنسيق التكتيكي المحدود بين إسرائيل وروسيا، لم يؤدّ إلى دفع روسيا لفهم احتياجات إسرائيل. مع اقتراب انتصار (الرئيس السوري بشار) الأسد، طلبت إسرائيل من روسيا ضمان مغادرة الإيرانيين الأراضي السورية بعد انتهاء الحرب، إلا أن هذا الطلب قوبل بلامبالاة في موسكو، التي ترغب في بناء موطئ قدم آمن في الشرق الأوسط، وسياستها تقتضي المحافظة على علاقات جيدة مع إيران».