مشروع قرار أممي يدين إيران ... تمهيداً لعقوبات ضدها؟

مشروع قرار أممي يدين إيران ... تمهيداً لعقوبات ضدها؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٩ فبراير ٢٠١٨

تعتزم بريطانيا طرح مسودة قرار أمام مجلس الأمن الدولي، تطالب بإدانة إيران على خلفية «تورطها» في حيازة حركة «أنصار الله» صواريخ باليستية، وتفتح الباب على فرض عقوبات عليها. مشروع لاقى ترحيباً كبيراً من قبل السعودية، التي بذلت خلال الأشهر الماضية، إلى جانب الولايات المتحدة، جهوداً دبلوماسية واسعة، لإقناع الأوروبيين بسردية «الصواريخ الإيرانية» في اليمن
 
نجحت الولايات المتحدة، على ما يبدو، في جرّ «شركائها» الأوروبيين نحو تصديق روايتها عن «الصواريخ الإيرانية» في اليمن، والتحرك على هذا الأساس. تحرك لم يعد من المستبعد أن تتبعه «تنازلات» في ما يخص الاتفاق النووي مع إيران، خصوصاً أن آخر المعلومات تفيد بأن الإدارة الأميركية حدّدت 3 مسارات لتعديل الاتفاق، وصفها مسؤولون أوروبيون بأنها أكثر تواضعاً مما طالب به الرئيس دونالد ترامب، وهو ما قد يفتح - بحسبهم - الباب على «تلاقي وجهات النظر».
 
وجاء في مسودة قرار تجديد العقوبات الأممية المفروضة على اليمن، الذي يفترض إقراره أواخر الشهر الجاري، أن على مجلس الأمن إدانة إيران لـ«تقاعسها» عن منع وصول صواريخها الباليستية إلى حركة «أنصار الله». ويسمح القرار، الذي أعدّت مسودته بريطانيا بالتشاور مع الولايات المتحدة وفرنسا، كذلك، بفرض عقوبات على «أي نشاط له صلة باستخدام الصواريخ الباليستية في اليمن»، ما يعني إمكانية فرض عقوبات على إيران، وبالتحديد برنامجها للصواريخ الباليستية.
وكانت الأمم المتحدة قد مهّدت لهذا القرار عبر التقرير الذي أعدّه خبراء منها بشأن اليمن، والذي ادعوا فيه أن إيران «أخفقت في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع توريد» أسلحة منها أو بيعها أو نقلها إلى «أنصار الله». وعلى إثر ذلك، سارعت الولايات المتحدة إلى تزخيم الأجواء المناهضة لطهران على خلفية الاتهام الأممي الموجه إليها. وتولت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، التي كان لها الباع الأطول في تمهيد الأرضية إعلامياً ودبلوماسياً، لإدانة إيران، التهليل لتقرير الخبراء، قبل أن يُنشر لها، السبت، مقال في صحيفة «نيويورك تايمز»، تقول فيه إنه «منذ التوقيع على الاتفاق النووي، زاد دعم النظام الإيراني للميليشيات الخطيرة وجماعات الإرهاب بشكل ملحوظ».
هذه التصريحات وما تلاها من خروج مسودة مشروع القرار البريطاني إلى العلن بدت السعودية الأكثر اغتباطاً به، وهي التي بذلت طوال الأشهر الماضية جهوداً دبلوماسية «مضنية» للدفع نحو «محاسبة إيران». ورحب وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بمشروع القرار المُقدّم إلى مجلس الأمن، معتبراً أن هذا المشروع سيساعد، إذا ما أُقر، في معاقبة إيران على «تصديرها الصواريخ الباليستية إلى الحوثيين»، وعلى «سلوكها المتطرف والعنيف» في المنطقة، آملاً أن تقتنع روسيا بأهمية القرار وأن لا تبادر في عرقلته. وكان الجبير قد شدد، في كلمة له خلال مؤتمر ميونيخ، على ضرورة «أن تكون لنا مواقف أكثر صرامة» إزاء السياسات الإيرانية، مدعياً أن «الحوثيين يستخدمون الصواريخ الإيرانية بانتظام لاستهداف مدنيين في اليمن وفي داخل السعودية». والجدير ذكره هنا أن منظومة الدفاع الجوي التي تمتلكها السعودية أخفقت، مرات كثيرة، في اعتراض الصواريخ التي تقول «أنصار الله» إنها مُطوَّرة محلياً بأيدٍ يمنية، وهو ما حمل الرياض على التمسك بسردية «التورط الإيراني» في محاولة لتحقيق هدفين: أولهما تبرير الفشل في مواجهة الحوثيين، وثانيهما الانتقام من إيران، التي كشف وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، أمس، أن السعودية طالبت الولايات المتحدة، في أيلول/ سبتمبر من عام 2013، بضربها.
وبالعودة إلى كلام الجبير، فقد طالب الأخير بـ«إجراء تغييرات جوهرية في النظام الإيراني»، مؤكداً أن بلاده «ستستمر في مواجهة إيران ما دامت (الأخيرة) متمسكة بسياستها». وفي ما يتصل بالاتفاق النووي، دعا الجبير إلى إدخال تعديلين عليه: أولهما إلغاء البند المتعلق بالقيود الزمنية في الاتفاق، وثانيهما توسيع عمليات التفتيش لتشمل المواقع غير المعلنة والمواقع العسكرية. تعديلان يبدوان تكراراً لما يتطلع إليه ترامب من «إصلاح لثلاثة عيوب» في «الخطة الشاملة المشتركة»، متمثلة في الفشل في التعامل مع برنامج إيران الباليستي، والشروط التي يمكن المفتشين الدوليين بموجبها زيارة مواقع إيرانية، والفترة الزمنية التي ترتفع بانقضائها القيود المفروضة على إيران.
هذه «العيوب» هي نفسها أُورِدَت في برقية مرسلة من وزارة الخارجية الأميركية إلى ثلاثة حلفاء أوروبيين تطالبهم فيها بالتزام العمل على تعديل الاتفاق النووي، قبيل أيار/ مايو المقبل، الموعد المفترض لتجديد إعفاء إيران من العقوبات من عدمه. وعلى الرغم من أن مسؤولين أوروبيين وأميركيين وصفوا المطالب الواردة في البرقية بأنها «تضع معايير أدنى» مما طالب به ترامب، إلا أن ما جاء في الوثيقة المسربة من حضٍّ للأوروبيين على «العمل معاً سعياً إلى اتفاق تكميلي للتعامل» مع العيوب التي تراها إدارة ترامب في الاتفاق، تُطابق تقريباً ما يلحّ عليه الرئيس الأميركي باستمرار. وإذ أشار المسؤولون إلى أن «الحلفاء الأوروبيين لا يعرفون بدقة ما الذي يمكن أن يرضي ترامب، ويحجمون عن هذا الالتزام خوفاً من أن يطالبهم بالمزيد»، تحدثوا، في الوقت نفسه، عن إمكانية «تلاقي وجهات النظر»، الأمر الذي يشي باحتمال موافقة الأوروبيين على إدخال تعديلات لا تزال طهران ترفضها من أساسها، وهو ما من شأنه تصعيد التوتر مع إيران، وتعريض «الخطة الشاملة المشتركة» لتهديدات إضافية بعدما أحاطتها إدارة ترامب بالكثير من الشكوك.