ما الذي منع اللقاء بين لافروف وتيلرسون في أثيوبيا؟

ما الذي منع اللقاء بين لافروف وتيلرسون في أثيوبيا؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١١ مارس ٢٠١٨

تصادف وجود وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي ريكس تيلرسون في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في وقت واحد وفي الفندق ذاته، ولكن لم يلتقيا مع بعضهما البعض، في إشارات توحي لعدم استقرار العلاقة بين البلدين.
 
ومنذ الاجتماع الأخير بين لافروف وتيلرسون، على هامش مجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في فيينا، في ديسمبر السابق، تراكم بين روسيا والولايات المتحدة مجموع كاف من المشكلات كي يناقشها رئيسا دبلوماسيتهما وجها لوجه.
 
وبحسب وكالة الأنباء الروسية، فإن تنظيم اللقاء بينهما واجه صعوبات مفاجئة، وكان الجانب الروسي هو صاحب المبادرة في عرض مكان وموعد اللقاء، بينما الأمريكان يبتدعون ذرائع واحدة تلو الأخرى لإحباط عقده.
 
إفريقيا ذريعة
 
وقد كانت بداية القصة الأسبوع السابق، حينما خطط لافروف وتيلرسون لزيارة إفريقيا في وقت متزامن.
 
وأفاد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، آنذاك، بأن دعوة تم بعثها للجانب الأمريكي بخصوص عقد اللقاء في إثيوبيا، إلا أنه استدرك قائلا إنه لم يكن واضحا ما إذا كان ممكنا التوفيق بين جدولي أعمال الوزيرين الروسي والأمريكي.
 
لكن المتحدثة الرسمية باسم الوزارة الأمريكية، هيذر نويرت، أعلنت أن وزارتها لم تتلق أي دعوة، شفهية أو نصية، من موسكو.
 
وردا على هذه التصريحات، اتهمت السفارة الروسية في واشنطن الوزارة الأمريكية بنشر معلومات كاذبة، مؤكدة أن طلب الإحاطة المعني تم توجيهه إلى الجانب الأمريكي في 2 من آذار/ مارس الحالي، وقبل يومين من اللقاء المرتقب الذي كان يُمْكِن أن يُعقد في أديس أبابا في 8 من هذا الشهر، ذكرت السفارة الروسية إن كل محاولاتها للحصول على توضيحات من الطرف الأمريكي باءت بالفشل.
 
وفي صباح يوم الـ8 مارس اتضح أن الاجتماع مع لافروف لم يوجد له مكان في جدول الأعمال المنشور لتيلرسون.
 
ووجد لافروف نفسه ضروريا أن يعلق على هذا الوضع، موضحا أنه بحث شخصيا مع تيلرسون، عبر الجوال، إمكانية إجراء لقاء حـديث بينهما، مضيفا: "عندما اتضح أنا سنكون معا في أديس أبابا، فقد وجهنا عرضا بهذا الشأن، وذكر الأمريكان إنهم سيفكرون في هذا الموضوع".
 
وأخيرا، جاء الرد من تيلرسون نفسه، أثناء مؤتمره الصحفي في العاصمة الإثيوبية، حيث اعترف بأنه لم يكن يعرف قبل يومين عن العرض الروسي الذي جاءه وهو في طريقه إلى إثيوبيا.
 
واختتم تيلرسون رده بعبارة ضبابية، قائلا: "إن جدول أعمالي قد تم وضعه، وإذا لم نستطع أن نلتقي هنا فلدينا إمكانية أن نرى بعضنا بعضا في مختلف أنحاء العالم ".." عندنا أرقام بعضنا البعض ونحن نستخدمها".
 
وفي نهاية المطاف، جددت هيذر نويرت، في موجز صحفي يومي، في 7 آذار/ مارس، أن الجانب الأمريكي لم يتلق أي عرض من روسيا حول لقاء الوزيرين.
 
وفي ردها على سؤال عما إذا كان هذا الوضع يدل على أن الوزارة الأمريكية تعتبره غير مناسب في الوقت الحالي، ذكرت نويرت أن لافروف وتيلرسون التقيا تسع مرات، كما أنهما تحادثا عبر الجوال أربع مرات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
 
وأصبح واضحا في الأن التالي أن تيلرسون لم يجد إمكانية للقاء نظيره الروسي على الرغم من إقامتهما في الفندق نفسه.
 
المحاولة الثالثة
 
وليس صدفة أن يثير إخفاق عقد لقاء لافروف- تيلرسون اهتمام وسائل الإعلام العالمية، علما أن الحديث يدور عن إضاعة ثالث فرصة متاحة لبحث العقابات المتراكمة بين موسكو وواشنطن على المستوى الوزاري.
 
وقد كانت الفرصة الأولى هي فعالية لافروف، في يناير السابق، في مشاورات نظمها مجلس الأمن الدولي حول عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل والأوضاع في أفغانستان وآسيا الوسطة، وكان السفير الأمريكي في روسيا، جون هانتسمان، أفاد حينذاك بأن الشغل جار على تنظيم اللقاء بين وزيري الخارجية، لكنه لم يعقد.
 
أما الفرصة المفوتة الثانية في شباط/ فبراير السابق، في مؤتمر ميونخ حول قضايا الأمن، والذي كان يُمْكِن أن يحضره تيلرسون، إلا أن ذلك لم يحدث، إذ أوفدت واشنطن إلى ميونخ، بدلا منه، مساعد الرئيس الأمريكي هربرت ماكماستر.
 
بينما هناك أضخم من ملف "ساخن" واحد في العلاقات بين الجانبين، الأمر الذي يستدعي إجراء مشاورات جادة بين لافروف وتيلرسون، وفي مقدمتها تفاقم الوضع الأمني في غوطة دمشق الشرقية وتطبيق القرار 2401 لمجلس الأمن الدولي حول المصالحة في سوريا.
 
وبرأي موسكو، فإن واشنطن لا تفعل شيئا للضغط على المسلحين الخاضعين لسيطرتها في الغوطة الشرقية، في الوقت الذي تتهم فيه واشنطن دمشق، إلى جانب موسكو وطهران، بالانتهاكات.
 
والملف الثاني هو احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا، تستهدف، هذه المرة، 13 مواطنا روسيا أدرجتهم واشنطن على ما يسمى بـ"قائمة مولر" (للمشتبه بضلوعهم في التدخل الروسي المزعوم في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية).
 
أما الملف الثالث فهو قضية كوريا الشمالية، علما أن الولايات المتحدة اتخذت مؤخرا خطوات "قوية" أحادية الجانب في هذا المسار، دون أن تتعاون مع روسيا والصين، البلدين ذوي النفوذ التقليدي على كوريا الشمالية.
 
وأخيرا، ملف التسوية في جنوب شرق أوكرانيا، حيث أعطت واشنطن ضوءا أخضر لبيع دفعة من منظومات Javelin المضادة للدبابات لكييف، الأمر الذي رأت فيه موسكو أن من شأنه أن يضـع إلى تفاقم الأزمة في المنطقة.