«عبوّة الحمدالله» تنفجر بالمصالحة: «أبواب الغضب» تُفتح على «حماس»

«عبوّة الحمدالله» تنفجر بالمصالحة: «أبواب الغضب» تُفتح على «حماس»

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٤ مارس ٢٠١٨

مرة جديدة، تختلط أوراق المصالحة في غزة لكن بطريقة عملية لا بمجرد خلاف سياسي أو إعلامي، إذ انفجرت عبوة في مؤخرة موكب رامي الحمدالله الذي قرر للمرة الثانية بعد المصالحة إجراء «زيارة سريعة» للقطاع، يفتتح فيها محطة لمياه الصرف الصحي، ويقابل فيها قيادة «حماس». كل هذا لم يتم منه إلا الزيارة الأولى، فيما فُتحت «أبواب الغضب» على «حماس» التي تصرّ على إكمال التحقيقات للوصول إلى الفاعل
 
 
 فجّرت العبوة التي اعترضت موكب رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، فور دخوله قطاع غزة، بهدف افتتاح محطة تحلية مياه، مزيداً من الخلافات بين حركة «حماس» و«فتح»، وأوقفت عجلة المصالحة التي كانت تسير ببطء في ظل الخلاف على حل مشكلة موظفي حكومة غزة السابقة، الذين عينتهم «حماس»، وهي التي كان من المفترض أن تكون قد وضعت على طريق الحل بعد عودة الوفد المصري الأمني (راجع عدد أمس: الوفد المصري يعود... ومعه الحمدالله).
 
ورغم أن العبوة انفجرت بمؤخرة الموكب ولم تسفر إلا عن أضرار مادية طفيفة بالسيارات، وإصابات طفيفة وفق حديث مصادر إعلامية محلية، كان ملاحظاً مسارعة وسائل الإعلام التابعة للسلطة والمقربة منها إلى تضخيم عملية التفجير واتهام «حماس» بالمسؤولية عنها وعن الأمن في غزة، فضلاً عن تضخيم الحدث نفسه والحديث عن «اشتباك مسلح»، الأمر الذي رأت مصادر في «حماس»، تحدثت إلى «الأخبار»، أنه «مسرحية تهدف إلى رفع الحرج عن السلطة في التنصل من المصالحة وفرض مزيد من العقوبات على غزة».
وفي الرد الأبرز، حمّل رئيس السلطة محمود عباس، ما سماها «حكومة الأمر الواقع في غزة» المسؤولية «كاملة عن هذا الحادث الإجرامي المدان»، مشيداً بـ«الموقف المسؤول والشجاع والثابت الذي أبداه رئيس الوزراء ورئيس المخابرات العامة (ماجد فرج) في إتمام الهدف الذي ذهبا من أجله الى القطاع للتخفيف من معاناة شعبنا هناك». وقال: «هذه الجريمة مخطط لها ومعروفة الأهداف والمنفذين، وتنسجم مع كل المحاولات للتهرب من تمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة عملها في غزة، وإفشال المصالحة، وتلتقي مع الأهداف المشبوهة لتدمير المشروع الوطني بعزل غزة عن الضفة الغربية، لإقامة دولة مشبوهة في القطاع».
على الأرض، نقلت مصادر أمنية على اطلاع بمجريات التحقيق الذي فتحته وزارة الداخلية في غزة، التي تديرها «حماس»، أن النتائج الأولية تشير إلى أن العبوة التي وضعت في الطريق كانت على بعد 750 متراً من «نقطة 4/4» جنوب حاجز «بيت حانون ــ إيريز»، شمال القطاع، وكانت «من النوع المتوسط، وهي مصنعة محلياً». تضيف المصادر الأمنية أن التحقيقات نفسها أظهرت أن «العبوة زرعت على جانب الطريق بطريقة مدروسة حتى لا تؤدي إلى قتلى في الموكب الذي كان مكوناً من سيارات مصفحة دخلت من رام الله عبر حاجز بيت حانون، وأخرى غير مصفحة يقودها عناصر جهاز الأمن والحماية التابع لحكومة حماس في غزة»، بعدما تم التنسيق في وقت متأخر من أمس مع الأخير لإكمال الحماية، كما جرت العادة في زيارة الحمدالله السابقة، أو وفود حكومة «الوفاق الوطني» عادة.
 
 
وفق التحقيقات الأولية، العبوة كانت متوسطة الحجم ومصنّعة محلياً
 
وتقول المصادر إن «الموجة الانفجارية جاءت إلى الأعلى وليس باتجاه الطريق الذي يمر منه الموكب، وأيضاً خلت من أي شظايا، وهو ما أظهرته صور السيارات الثلاث التي تضررت من الانفجار».
و«نقطة 4/4» كانت «حماس» قد أخلتها عقب اتفاق المصالحة مباشرة، لكنها عادت وشغلتها بسبب «خروق أمنية» تتعلق بعملاء الاحتلال (راجع العدد 3394 في 13 شباط)، لكنها أعادت إزالة النقطة بعد ضعوط مصرية بسبب شكوى من رام الله، علماً بأن تلك المنطقة تصنف وفق أمن المقاومة بـ«رخوة أمنياً»، وهي تقع في إطار الكيلومتر الأول بعد حاجز «بيت حانون»، وهو ما يزيد صعوبة متابعتها أمنياً. أما عن مسؤولية تأمين طريق الحمدالله، فأوضحت المصادر نفسها أن «التأمين المسبق لطريق الحمدالله هو من مسؤولية عناصر تتبع لحكومة رام الله، ويجري التنسيق بينها وبين جهاز الأمن والحماية التابع لحماس، وهو أمر تم الاتفاق عليه مسبقاً قبيل زيارة الحمدالله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال اجتماع عقد بين وفد من حرس الرئيس ووفد من وزارة الداخلية ضم ضباطاً من أجهزة مختلفة، بمشاركة وزير الأشغال مفيد الحساينة».
ووفق الداخلية، أوقفت الأجهزة الأمنية في غزة شخصين مشتبه في أن لهما علاقة بالتفجير، أحدهما يشتبه في أن له علاقة بـ«الفكر المنحرف» وفق توصيف المصادر الأمنية، في إشارة إلى مؤيدي تنظيم «داعش»، فيما قال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم إنه «تم توقيف عدد من المشتبه فيهم في إطار التحقيقات في استهداف موكب رئيس الوزراء».
بعد الانفجار، أكمل الحمدالله طريقه وتوجه إلى افتتاح محطة معالجة مياه الصرف الصحي شمال القطاع، أعلن أن تكلفتها 105 ملايين دولار، ثم عاد أدراجه إلى رام الله مباشرةً من دون لقاء أي من قيادة «حماس» أو الوفد المصري، كما كان معداً له مسبقاً. وسارعت «فتح» إلى اتهام «حماس» وحمّلتها مسؤولية الحادث، كما أصدرت الرئاسة الفلسطينية بالتزامن بياناً شبيهاً وحمّلت «حماس» المسؤولية بعد دقائق معدودة من الانفجار.
في المقابل، استنكرت «حماس» ما وصفتها بـ«جريمة استهداف موكب الحمدالله»، معتبرة أن «هذه الجريمة جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة، وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة، وهي الأيدي ذاتها التي اغتالت الشهيد مازن فقها وحاولت اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم». كذلك، دعا رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، «فتح»، إلى «عدم التسرع في اتهام» حركته و«التحلي بالمسؤولية الوطنية ومغادرة مربع المناكفة والجزافية في توزيع التهم»، معبّراً عن إدانته أيضاً. كما اتصل هنية بالحمدالله فور وصوله الى رام الله لـ«يطمئن إلى صحته»، واتفق معه وفق بيان صادر عن مكتب هنية، على «مواصلة خطوات المصالحة واتهام الاحتلال الإسرائيلي بالمسؤولية عن الحادث لأنه المستفيد من إفساد المصالحة الفلسطينية»، علماً بأن رام الله نفت اتصال هنية بالحمدالله.
أما الحمدالله، فطالب فور عودته، «حماس» بتسليم الأمن لتمكين الحكومة في غزة، وذلك قبل أن يذهب إلى لقاء عباس، في وقت قال فيه الوفد الأمني المصري إنه يدين استهداف الموكب، مؤكداً في الوقت نفسه بقاءه في غزة والاستمرار في جهود إتمام المصالحة. دولياً، قال مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، إن بلاده تدين الهجوم على رئيس الوزراء الفلسطيني، مضيفاً في تغريدة على «تويتر»، «لقد دفعت حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين والجماعات المتطرفة الأخرى الفلسطينيين في غزة إلى حافة الانهيار... الهجوم على وفد السلطة وهو في طريقه لافتتاح محطة معالجة المياه هو اعتداء على رفاهية سكان غزة... أتمنى الشفاء العاجل للجرحى». إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن الحمدالله لم يكن قد ثبت حجزاً له وللوفد المرافق في فندق «المشتل» كما أشيع، ولا في أي فندق آخر، علماً بأن «المشتل» هو وجهة وفود رام الله عادة.