طهران لا تكترث لـ«سهام» ترامب: سنخرج من الاتفاق

طهران لا تكترث لـ«سهام» ترامب: سنخرج من الاتفاق

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٥ مارس ٢٠١٨

تحاول إيران إبداء عدم اهتمام بالتغيير الوزاري الذي أجراه الرئيس الأميركي، مُقلِّلةً من خطورة الخطوة، وإن وضعها دونالد ترامب في سياق مواجهة طهران. في الوقت نفسه، يجدد الإيرانيون مقابلة تهديد ترامب بتهديد مماثل، بأن أي انسحاب أحادي الجانب يلُوِّح به البيت الأبيض لن يجرّ إيران إلى إعادة الاتفاق إلى طاولة التفاوض، في موازاة التمسك برفض التجاوب مع الرسائل التي بعثت بها واشنطن عبر الوسيط الأوروبي
حذِرةً وباردةً بدت ردة فعل إيران الأولية على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، على الرغم من الإشارات التي ترسلها الخطوة باتجاه طهران واتفاقها النووي. لا شيء حتى الآن يشي باستنفار استثنائي في «الجمهورية الإسلامية»، وإن كانت الأنظار تتجه إلى كل من المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، الذي قد لا يكون هو وفريقه في وضع يحسدون عليه إذا ما تلى قرار ترامب، وفق ما ألمح إليه الأخير، قرارٌ بالانسحاب من الاتفاق، ما يعني خيبة أمل إيرانية تلوح في الأفق لدى المتحمسين للصفقة النووية.
بالنسبة إلى طهران، فإن التصعيد الأميركي، وإن لم تُحسم وجهته إلى الآن في انتظار مشاورات أميركية مع الشريك الأوروبي في الاتفاق، كان احتمالاً وارداً ردّ عليه الإيرانيون باكراً عشية زيارة زير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وفي أثنائها، بجملة مواقف تصدّرها تأكيد روحاني أن قوة إيران الدفاعية ليست قابلة للتفاوض، في إشارة إلى البرنامج الصاروخي، وذلك في موازاة موقف المرشد الأعلى الذي رفض أي تفاوض بشأن دور إيران في المنطقة.
زيارة لودريان، التي وصفها مراقبون بـ«حوار الطرشان»، حسمت النقاش حول صعوبة الموقف الذي وضع ترامب أمامه أطراف الاتفاق، الإيرانيين والأوروبيين على السواء. لم ينجح لودريان في سحب تنازل ولو جزئي من طهران، التي أصرت على أن ينحصر النقاش في مكان آخر، هو تطبيق ما لم يُنفّذ بعد من لوازم الاتفاق، أي في ما يتعلق بالجانب التجاري، وإن أدت الزيارة هدفها لجهة إيصال رسالة واضحة من الفرنسيين، وضمناً الأميركيين، إلى المسؤولين الإيرانيين، بأن واشنطن جادة في التصويب على الاتفاق في حال لم يُطرح مشروع ترامب لـ«إصلاح» الاتفاق على الطاولة ويعاد التفاوض عليه.
في واشنطن، كان ترامب واضحاً في تأكيد التكهنات بشأن خلافاته مع تيلرسون، عبر ربطه طلاق إدارته مع الأخير بجملة أمور أبرزها الخلاف على ملف إيران. قال ترامب إن «الاتفاق (النووي) الإيراني رهيب»، مضيفاً: «أردت إما إلغاءه أو القيام بأمر ما، بينما كان موقفه (تيلرسون) مختلفاً بعض الشيء. لذلك لم نتفق في مواقفنا».
في مقابل سهام ترامب، كان موقف طهران مشوباً بالترقب والحذر، ظاهره لا مبالاة بالتعيينات الأميركية، التي وضعتها وزارة الخارجية الإيرانية في إطار «الشأن الداخلي» لواشنطن. «ما يهم الجمهورية الإسلامية»، بحسب المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، هو «السياسات الأميركية تجاه القضايا الدولية والتعامل معنا حيث نقوم برصدها وسنتخذ مواقفنا حيالها»، إذ إن «هذه التغييرات والتطورات والإقالات في حكومة ترامب ليست جديدة... لقد شهدنا تطورات مماثلة»، وفق قاسمي. وكان ظريف، ضمن سلسلة تصريحات له إلى وسائل الإعلام الباكستانية خلال زيارته إسلام آباد، رأى أن «الإدارة الأميركية تنقض الاتفاق النووي عملياً»، معرباً عن أسفه لاتخاذ ترامب قرارات «لا يمكن التنبؤ بها، تتسم بطابع غير واقعي على المستوى العالمي»، مشدداً في الوقت نفسه على أن واشنطن ملزمة بتطبيق الاتفاق النووي كونه «اتفاقاً دولياً».
إلا أن مساعد ظريف، كبير المفاوضين النوويين عباس عراقجي، كان، أمس، مباشراً في تفسير الإطاحة بتيلرسون، إذ حذر من أن التغيير «الترامبي» يستهدف الانسحاب من الاتفاق. وأكد أن «خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وارد جداً، ومتوقع في أي لحظة»، مضيفاً أن «الأميركيين جادون في الخروج من الاتفاق النووي، والتغيير الحاصل في الخارجية الأميركية يأتي في هذا السياق». ولفت إلى أن بلاده أبلغت الأوروبيين بأنها ستخرج من الاتفاق في حال خروج واشنطن منه.
بالعودة إلى ما يدور في واشنطن، يبدو أن تيلرسون سينهي آخر أيامه في الوزارة بإجراء محاولة أخيرة مع الأوروبيين تستكمل ما بدأه لودريان. وإن كانت فرص محاولة مشابهة شبه معدومة على ضوء نتائج زيارة لودريان، فإن مصادر في وزراة الخارجية الأميركية، أفادت، بحسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» أمس، بأن مسؤول الاستراتيجية في فريق تيلرسون، براين هوك، سيزور برلين، اليوم، للقاء مسؤولين بريطانيين وفرنسيين وألماناً، بهدف «مناقشة جهود إصلاح الاتفاق». وبذلك، تستطلع الإدارة الأميركية، مجدداً، إمكانية الاستحصال على تنازل إيراني قبل موعد قرار ترامب بشأن الاتفاق بعد شهرين (12 أيار/ مايو المقبل)، وبالخصوص في ما يتعلق بتوسيع «الخطة» لتشمل فرض قيود على برنامج إيران الصاروخي، وتجميد البند الذي سمح لطهران باستئناف بعض عمليات التخصيب بعد عشر سنوات. من جهة أخرى، تشي الخطوة باستعجال أميركي لضمّ كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى ركب التصعيد، وتبديد التردد الأوروبي إزاء توجه ترامب، تحت لافتة فشل محاولات إقناع الإيرانيين بإعادة التفاوض لتحسين بنود الصفقة. ما بعد إقالة تيلرسون، شهران أمام ترامب ليقول كلمته الأخيرة في الاتفاق النووي، والتي لا يبدو إلى الآن أنها ستغير كثيراً في موقف طهران من الملفين اللذين «يؤرقان» البيت الأبيض وحلفاءه: الصواريخ، ودور إيران في الإقليم.