مجلس الأمن ينهار تدريجياً...ماهو السيناريو الأرجح لمستقبله؟

مجلس الأمن ينهار تدريجياً...ماهو السيناريو الأرجح لمستقبله؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٥ أبريل ٢٠١٨

 لم يتوصل مجلس الأمن في الأيام الماضية، والذي عقد من أجل بحث الهجوم الكيميائي المفبرك في سوريا، إلى أي نتيجة وذلك بفعل الفيتو الروسي على مشروع قرار قدّمته أمريكا من أجل شن هجوم على سوريا، وخلال هذه الجلسة صرّحت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هالي بأن بلادها، بغض النظر عن نتيجة اجتماع المجلس، مصممة على الرد على ما أسمته الانتهاك السوري للأعراف الدولية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، إعلان هيلي أثار موجة من التخوف بين أعضاء مجلس الأمن، حيث رآه البعض بداية خطيرة لتكرار سيناريو انهيار المجتمع الأممي خلال الحرب العالمية الثانية.
 
"بين الحربين العالميتين، حاولت الدول الكبرى، تشكيل منظمة الأمم المتحدة، وذلك من أجل حلّ أزماتها من خلال استخدام الدبلوماسية، ولكن مع انسحاب اليابان وألمانيا منها، فقدت المنظمة فعاليتها". هذه الجملة تقريباً مشابهة لما قرأناه وسمعناه في كتب التاريخ، ولكن بعد الأحداث التي وقعت في السنوات القليلة الماضية وقيام الجيش الأمريكي بغزو العراق وقيامه بعمليات عسكرية في سوريا دون إذن من مجلس الأمن، طرح عدة تساؤلات حول ما إذا كان الانهيار هو المصير الذي ينتظر الأمم المتحدة في القادم من الأيام؟
 
وبعد اتهام الجيش السوري باستخدام السلاح الكيميائي في سوريا، استخدمت روسيا حق النقض للمرة السادسة على التوالي من أجل منع أي عمل عسكري أممي ضد سوريا، كما أنه في العديد من الاجتماعات أيضاً، مارست أمريكا هذا الحق من أجل الدفاع عن مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل في المنطقة.
 
ويوضح استخدام حق الفيتو المتكرر بشأن القضايا الحساسة في المنطقة من قبل كل من روسيا وأمريكا، التناقض الحاصل بين المصالح الخاصة لهاتين القوتين في العالم، والواقع يقول إن حق النقض هو عبارة عن قوة تستخدم من أجل الوقوف مقابل سياسات ومصالح عضو واحد أو أكثر من أعضاء مجلس الأمن الدائمين لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعوب.
 
 ويرى محللون أن حق النقض هو عبارة عن مسكنات للأزمات العالمية ولا يمكن اعتباره طريقاً للحل، ونتيجة لاستخدامه المتكرر، أعيقت اجتماعات مجلس الأمن أكثر من مرة، إلى جانب تدخل القوى العظمى، ولا سيما أمريكا في مجال حرية عمل المنظمة، ما أثّر على قدرة الجمعية العامة على اتخاذ قرارات ملزمة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على حل الأزمات والمشكلات الرئيسية في المجتمع الدولي.
 
الأمم المتحدة هي عبارة عن منظمة دولية تعمل على قضايا تواجه الإنسانية في القرن الـ 21، مثل قضايا السلم والأمن وتغير المناخ والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان ونزع السلاح والإرهاب وحالات الطوارئ الصحية والإنسانية وغيرها من الأمور... ويقول حقوقيون إن الأمم المتحدة قد استفادت من تجربة انهيارها في السابق وعدّلت من قوانينها كي تتفادى هكذا مشكلة في المستقبل، ولكن استخدام حق النقض الفيتو المتكرر يمكن أن يؤدي إلى أزمة دولية جديدة في القادم من الأيام وفي الواقع، فإن الفشل المتكرر لاجتماعات مجلس الأمن في الخروج بأي  نتيجة، شجع ويشجع القوى العظمى للبحث عن مصالحها الخاصة وحل أزماتها خارج نطاق المنظمة، ما قد يشكل خطراً على العالم بأسره.
 
ويمكن ربط ما حصل في الأيام القليلة الماضية من تأزم في العلاقات بين كل من روسيا وأمريكا فيما يخص الأزمة السورية واستخدام السلاح الكيميائي، والتهديد المباشر من قبل الطرفين بالمواجهة العسكرية علامة على بدء تفكك مجلس الأمن، ولكن تجدر الإشارة إلى أنه بسبب القدرة النسبية للأمم المتحدة ومصالح البلدان التي تحصل عليها من خلال العضوية فيها، من المرجح أن يحدث انهيار مجلس الأمن ولكن بشكل غير رسمي، لتتحول اجتماعاته فيما بعد إلى مجرد عرض سياسي غير قادر على اتخاذ قرارات حاسمة. لذلك، إذا استمر الوضع على ما هو عليه بين القوى العظمى في أروقة مجلس الأمن، ستتوصل القوى الكبرى إلى نتيجة مفادها أن مصالحها الخاصة يمكن تحقيقها بشكل أفضل خارج أسوار مجلس الأمن ومن المرجّح أن تنسحب هذه القوى منه في المستقبل.
 
لذا، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات بالنسبة لمستقبل الأمم المتحدة:
 
1-السيناريو الأول القيام بإصلاحات رئيسية في قوانين الأمم المتحدة، ولاسيما في مجلس الأمن، لكن الأطراف الفاعلة فيه ليس لديها رغبة قوية للقيام بذلك.
 
2-السيناريو الثاني وهو الأكثر ترجيحاً، أن يستمر مجلس الأمن على ما هو عليه، على أن تقوم القوى الكبرى بحل نزاعاتها خارج جدرانه.
 
3-السيناريو الأخير هو أن تصل القوى المتنازعة إلى حل يرضي الطرفين في القضايا العالمية، إلا أن هذا السيناريو غير قابل للتطبيق خصوصاً مع وجود رئيس متهور على شاكلة ترامب ورئيس روسي قوي مثل بوتين.
 
ختاماً، كما كانت الحرب العالمية الثانية سبباً بارزاً في إنهاء عصبة الأمم، وكشف تكريسها لصيغة غير عادلة في إدارة المجتمع الدولي، فقد جاءت الأزمات التي ضربت المنطقة وتضارب المصالح بين الأطراف الدولية لتكشف نصف قرن من العجز والفشل والإخفاقات في أداء الأمم المتحدة، وذلك حسب وصف كثير من المراقبين، وفي الوقت الذي نعى فيه الكثيرون المنظمة الدولية فإن آخرين لا يزالون يرون أن لها دوراً يمكن أن تقوم به انطلاقاً من أن الأمم المتحدة قد مرّت بأزمات متعددة، واستطاعت أن تتغلب عليها.