انتخابات مبكرة: أردوغان يهرب من السقوط؟

انتخابات مبكرة: أردوغان يهرب من السقوط؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٩ أبريل ٢٠١٨

تقترب تركيا أكثر من الموعد التاريخي الذي قد يغيّر شكل النظام السياسي إلى نظام رئاسي، مُنهياً منصب رئاسة الحكومة ومانحاً الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يحكم تركيا منذ عام 2003، فرصة البقاء لولايتين رئاسيتين إضافيتين حتى عام 2023، الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية من قبل مصطفى كمال، وذلك مع الإعلان عن عقد انتخابات مبكرة في 24 حزيران 2018. 
 
هذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي كان من المقرر أن تجرى في 3 تشرين الثاني 2019، تمّ تقديم موعدها، اليوم، بعد اجتماع أردوغان مع حليفه الرئيسي، زعيم حزب «الحركة القومية»، دولت بهجلي، وبعد يوم على المفاجأة التي أثارها الأخير بدعوته، أمس، إلى التعجيل بإجراء الانتخابات. 
وقد جاء الإعلان في مؤتمر صحافي عقده أردوغان، عقب اجتماع مُغلق مع بهجلي في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة، قال فيه إنه سيتمّ الشروع «بالإجراءات القانونية المتعلقة بالانتخابات، ولا شك أن الهيئة العليا للانتخابات ستبدأ مباشرة بالتحضير لها».
الرئيس التركي أشار إلى أن تركيا باتت بحاجة لتخطي «حالة الغموض» بأسرع وقت ممكن، نتيجة «للعمليات العسكرية التي نخوضها في سوريا والأحداث التاريخية التي تشهدها منطقتنا».
يأتي ذلك غداة طلب بهجلي من الحكومة عدم الانتظار حتى موعد 3 تشرين الثاني 2019 لإجراء التصويت، بل بدلاً من ذلك يجب إجراؤه في 26 آب 2018، وهو تصريح لم يكن متوقعاً لدى المعلّقين السياسيين. 
 
لماذا الانتخابات المبكرة؟ 
تدفع عوامل عدة، اقتصادية وسياسية، رجب طيب أردوغان وحليفه، إلى إعلان هذه الانتخابات المبكرة التي ستشكّل علامة فارقة في التاريخ التركي، مع العلم أن بهجلي، زعيم «الحركة القومية» منذ عام 1997، كان أوّل من دعا إلى انتخابات مبكرة في عام 2002 وكذلك في عام 2015، أنتجتا كلاهما غالبيّة لـ«العدالة والتنمية». لا بدّ من الإشارة إلى أن تركيا، في الأسابيع الأخيرة، لم تكن بعيدةً عن الأجواء الانتخابية، إذ كثّف أردوغان ورئيس وزرائه، بن علي يلدريم، خطاباتهما المفاخرة بحصيلة منجزات النظام. وبعد تصريحات بهجلي، أمس، أكّدت الأحزاب الرئيسية في المعارضة، أيضاً، استعدادها لخوض المعركة الانتخابية، وفي مقدمها «حزب الشعب الجمهوري». 
وأبرز العوامل التي سرّعت الإعلان عن انتخابات مبكرة هي: 
 
الاقتصاد: 
تستبق الحكومة بهذا الإعلان أي تدهور اقتصادي كبير يزيد من المخاطرة السياسية لـ«العدالة والتنيمة»، إذ على رغم أن الاقتصاد التركي سجل نمواً بلغ 7.4 في المئة عام 2017، إلّا أن تسجيل التضخم نسبة تفوق 10 في المئة وازدياد عجز الحساب الجاري والحاجة لإعادة هيكلة ديون شركات كبرى، قد تشكل مؤشراً لمشكلات اقتصادية مستقبلية. لذلك، يسعى «العدالة والتنمية» إلى الاستفادة من هذا الاستقرار الاقتصادي الحالي والاستفادة منه في الاستقطاب الانتخابي، وهو العامل الأساسي والأبرز في الدعوة إلى انتخابات مبكرة. 
 
 التدخل في سوريا: 
قال الرئيس التركي، في مؤتمره الصحافي اليوم، إنه «نتيجة للعمليات العسكرية التي نخوضها في سوريا والأحداث التاريخية التي تشهدها منطقتنا، بات من الضروري لتركيا تجاوز حالة الغموض في أسرع وقت ممكن». 
في الواقع، فإنّ العدوان التركي على عفرين السورية، تمّ مصحوباً بتأجيج واضح للمشاعر القومية من جانب السلطة في تركيا، خصوصاً أنه تمّ تحت عنوان القضاء على «تهديد» وحدات حماية الشعب في سوريا، والتي تعتبرها تركيا امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني».
العملية التي أجريت تحت ذريعة «الحرب على الإرهاب»، أنتجت زيادةً بالمشاعر الشعبوية والقومية في تركيا، وهذه لحظةٌ سياسية قد يرغب «العدالة والتنمية»، كما «الحركة القومية»، في الاستفادة منها في إطار الاستقطاب الانتخابي، مع انسداد أفق إمكانية قيام تركيا في أيّ عملية عسكرية أخرى في سوريا.
 
 التحدّيات السياسية:
قد تكون الدعوة إلى انتخابات مبكرة استراتيجية سياسية، تقضي بأخذ المعارضة على حين غرّة، قبل أن تتمكن من رصّ صفوفها وتشكيل قوّة تهديد فعلية. وهذا ليس بالأمر المستبعد، خصوصاً أنّ هامش الاستقطاب السياسي في البلاد توسع من اليمين ومن اليسار، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الرئيس التركي وتيّاره بالكاد تخطّى عتبة الـ50 في المئة في استفتاء نيسان 2017 في شأن التعديلات الدستورية. تتيح التعديلات لأردوغان (64 سنة) الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين من خمس سنوات.
يأتي ذلك مع احتمال تجمّع القوى السياسية المعارضة لأردوغان ولـ«الحركة القومية» في تحالف سياسي «ديموقراطي» واحد، بمواجهة التحالف «القومي – الإسلامي»، تحالف قد يتألّف من قوتين مركزيتين هما «حزب الشعب الجمهوري» و«حزب الشعوب الديموقراطي». 
من جهة ثانية، يواجه الرئيس التركي تحدياً جديداً من اليمين، وهو حزب «إيي» أي «الحزب الجيد»، برئاسة ميرال أكشنير التي كانت في «الحركة القومية» سابقاً. تستهدف أكشنير الجناح الأيمن لأردوغان، وتشكل تهديداً له ربما أكبر من تهديد الأحزاب اليسارية. وفق استطلاعات الرأي، يحظى «الحزب الجيد» بتأييد 10 في المئة من الناخبين حالياً، ومع مزيد من الوقت، قد تتمكن أكشنير من بناء قاعدة أوسع مع إثبات نفسها كبديل يميني وأن تنتزع بعض ناخبي «حزب العدالة والتنمية». الانتخابات المبكرة قد تقلّل من نسبة هذا الخطر على أردوغان.