اغتيال العالم البطش.. "بصمات الموساد" باستهداف العقول

اغتيال العالم البطش.. "بصمات الموساد" باستهداف العقول

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢١ أبريل ٢٠١٨

تعيد عملية اغتيال العالم الفلسطيني الدكتور فادي البطش في العاصمة الماليزية كوالالمبور، إلى الأذهان عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد "الإسرائيلي" بحق عقول عربية وإسلامية.
فعلى مدار العقود الماضية، لم تتوقف عمليات اغتيال العلماء والأكاديميين العرب والمسلمين على يد الموساد، وقد رصدت "إسرائيل" لتلك العمليات أجهزة ومعدات ومتخصصين وأموالا، لإدراكها أنها جزء من الحرب الدائمة والمفتوحة في استراتيجيتها المعلنة والمستترة ضد العرب. 
 
عملية اغتيال البطش، وإن لم يكشف عن الجهة المنفذة، بعد إلا أن بصمات التنفيذ وشخصية المستهدف، توجه بوصلة الاتهام إلى جهاز الموساد الإسرائيلي لتضاف إلى قائمة من انتهاكاته في العديد من الدول دون أن تلتفت إلى انتهاك سيادتها، فهي تحظى بغطاء دولي، تقابله مواقف إدانة خجولة، لا تتجاوز حد الشجب والإدانة من الدول المستهدفة.
لا تلتفت الاغتيالات الإسرائيلية إلى جنسية العالم أو انتمائه الفكري، فالمهم لديها أن تحتكر التفوق العملي والعسكري لتحافظ على كيانها، ولعلها هي الوحيدة التي أضفت على الاغتيالات الطابع المؤسسي، فقد استحدثت جهازا خاصا بعمليات الاغتيال، وألحقت به وحدة مختصة بالاغتيالات من جهاز الموساد.
 
وبعد احتلال فلسطين عام 1948، أصبحت الاغتيالات سياسة "إسرائيلية" راسخة عند قادتها، لا سيما أنهم شاركوا في العديد من الاغتيالات، وعلى رأس هؤلاء بعض الشخصيات التي تبوأت منصب رئيس وزراء "إسرائيل" من قبيل إسحاق شامير، وإسحاق رابين، وأرييل شارون، وشمعون بيريز، ومناحيم بيغن، حيث انضووا في إطار العصابات الصهيونية، (الهاغانا، والشتيرن والأرغون)، وغيرها من العصابات الصهيونية.
 
وهكذا ظلت "إسرائيل" تسعى لإحباط أي محاولة لامتلاك العرب ناصية العلم والتكنولوجيا وعرقلة مساعيهم للحصول على الطاقة النووية، حتى وإن كانت للأغراض السلمية والتنموية والعلمية وتحت إشراف وكالة الطاقة الدولية.
 
ويرى الباحث الاستراتيجي بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، حسين علي بحيري، أن استهداف "إسرائيل" للعلماء العرب على مدار التاريخ، يعود إلى وجود استراتيجية "إسرائيلية" ترتكز على مجموعة من السياسات والأدوات الخاصة باغتيال العقول العربية سواء بطريق مباشر عبر تتبع العلماء واغتيالهم، أو بطريق غير مباشر عن طريق تقديم جميع محاولات الإغراء والاحتواء لهؤلاء العلماء وإعادة تأهيلهم بما يخدم المصالح "الإسرائيلية".
 
ويتابع: "هذه الإجراءات تم استخدامها للحفاظ على تفوق "إسرائيل" في شتى المجالات في إطار الدعم الأمريكي لها، الأمر الذي شجعها على الاستمرار في تبني سياسة الاغتيالات ضد العلماء العرب، فقد وصل الأمر بإسرائيل بالضغط على الدول الغربية لتحديد فرص طلاب دول العالم الثالث لرفض انضمام أي طلاب عرب في الدراسات ذات الصفة الاستراتيجية، ورفض إلحاقهم بالمستويات الدراسية الخاصة بتخريج علماء الذرة والصواريخ".
 
وفيما يلي أبرز الاغتيالات الصهيونية التي استهدفت العقول العربية:
 
- اغتيال العالم المصري "مصطفى مشرفة" الذي وُلد في دمياط 11 يوليو 1898م، وكان أشهر عالم فيزياء مصري، وأول عميد مصري لكلية العلوم، ومُنح درجة أستاذ من جامعة القاهرة ولم يبلغ عمره الثلاثين عامًا، وكان أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة، وأحد الذين ناهضوا استخدامها في صنع الأسلحة في الحروب، كما كان أول من أضاف فكرة "إمكانية صنع مثل هذه القنبلة من الهيدروجين".
 
- اغتيال العالمة سميرة موسى، عملت المخابرات الإسرائيلية على تتبع العلماء العرب ووضع خطط محكمة لاغتيالهم بهدف حرمان دولهم من الاستفادة من خبراتهم العلمية كما حدث مع العالمة النووية المصرية "سميرة موسى" عندما اغتيلت في حادث سيارة عام 1952م، حيث كانت مهتمة وقلقة إزاء مخاطر انتشار الأنشطة النووية الإسرائيلية المتزايدة. 
 
- اغتيال عالم الذرة المصري "يحيى المشد" عام 1980م، وقد تخرج في قسم الكهرباء في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952م، واختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن عام 1956م، لكن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، حوله إلى موسكو وقضى هناك 6 سنوات، وعاد عام 1963م، متخصصًا في هندسة المفاعلات النووية، وبعد عودته إلى القاهرة استعارته جامعة بغداد لمدة 4 سنوات، لكن السلطات العراقية تمسكت به وعمل في مؤسسة الطاقة الذرية العراقية إلى جانب التدريس لبعض الوقت في كلية الهندسة التكنولوجيا.
 
وقد حمل على عاتقه بناء البرنامج النووي العراقي وتوجه إلى العراق بعد عام 1973م، ليبدع في أبحاثه المتخصصة في الذرة بعد تلقيه عرضًا من القيادة العراقية آنذاك، واعترفت "إسرائيل" وأمريكا رسميًّا باغتيال العالم المصري "يحيى المشد" من خلال فيلم تسجيلي عرضته قناة "ديسكفري" الوثائقية الأمريكية تحت عنوان "غارة على المفاعل".
 
- اغتيال 5 من علماء الطاقة السوريين يوم 10 أكتوبر 2014م، ففي أثناء الحديث عن المعارك في عين العرب (كوباني) وانتقال قوات من البشمركة العراقية إلى هناك واستحكام الجدل حول الدور التركي وقيام قوات التحالف الدولي الجديد بقصف مناطق عديدة في سوريا والعراق، أقدمت "إسرائيل" على اغتيال العلماء السوريين، وذلك عن طريق استهداف سيارة كبيرة في منطقة برزة بدمشق، أدت إلى مصرع خمسة أشخاص، واتضح أنهم من علماء الطاقة النووية في سوريا.
 
- سلسلة من الاغتيالات التي شملت علماء عراقيين عبر السنوات الماضية، وتبين فيما بعد وقوف الموساد الإسرائيلي خلفها.
 
- العالم اللبناني حسن كامل الصباح، والملقب بـ"أديسون العرب" كان له أكثر من 170 بحثاً في مجال الهندسة الكهربائية، واغتيل في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1935م. 
 
- العالم جمال حمدان، يعدّ من أهم علماء الجغرافيا العرب، حيث كشف حقيقة اليهود، مؤكدًا أن اليهود الحاليين ليسوا أحفاد بني إسرائيل الذي خرجوا من القدس قبل الميلاد، وإنما هم أحفاد إمبراطورية الخزر التي اعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، عبر العديد من كتبه وأشهرها "اليهود أنثروبولوجيا".
 
- العالم التونسي المهندس محمد الزواري، الذي اغتاله جهاز الموساد الإسرائيلي في تونس عام 2016، وهو من الشخصيات العلمية التي طوّرت الطائرات دون طيار، إضافة إلى مشروع غواصة مسيَّرة عن بعد، وعقب اغتياله عرف عن دوره في الإشراف على مشروع تطوير صناعة الطائرات دون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم أبابيل1.
 
وشهد العام الحالي (2018) منذ بدايته سلسلة من عمليات الاغتيالات التي تثير الشكوك حول وقوف جهاز الموساد "الإسرائيلي" خلفها، وهي:
 
- م. هشام سليم مراد، طالب لبناني تخصص فيزياء نووية، اغتيل في فرنسا بتاريخ 28-2 -2018
 
- حسن علي خير الدين، طالب لبناني في كندا، اغتيل بتاريخ 25-2-2018 بسبب أطروحة الدكتوراه حول سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، والتي هُدِّد قبلها إن استمر في بحثه حول اليهود.
 
- م. ايمان حسام الرزة، نابغة فلسطينية وجدت جثة هامدة بمدينة رام الله بتاريخ 25-3-2018، وتعمل مستشارة في الكيمياء، ابتزّها ضابط مخابرات "إسرائيلي" قبل مقتلها بمدّة وجيزة.
 
- د.م. فادي محمد البطش، دكتور مهندس في الهندسة الكهربائية، اغتيل فجر السبت 21/ 4 /2018 أثناء توجهه لصلاة الفجر في ماليزيا، وهو حاصل على جائزة أفضل باحث عربي.