التلويح بـ«اس 300» يقلق تل أبيب: سندمّر ما يهدّدنا

التلويح بـ«اس 300» يقلق تل أبيب: سندمّر ما يهدّدنا

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ أبريل ٢٠١٨

كشفت المواقف الرسمية الإسرائيلية التي حذّرت من تسليم سوريا منظومات صواريخ دفاع جوي، «اس 300»، عن مستوى الجدية التي تعاملت بها تل أبيب مع المعطيات التي تحدثت عن إمكانية تحقق هذا السيناريو في فترة قريبة. واحتلت هذه القضية جزءاً أساسياً من اهتمامات المستويين السياسي والإعلامي الذي تناولها تحليلاً واستشرافاً لما يمكن أن يترتّب عليها من نتائج وتداعيات تتصل بهامش حركة سلاح الجو الذي يواصل شنّ اعتداءاته على الساحة السورية.
 
تنوعت مواقف المسؤولين في التعبير عن معارضة المؤسسة الإسرائيلية الشديدة. وافتراضاً لإدراك موسكو لحجم المفاعيل والتداعيات التي يمكن أن تترتب على هذه الخطوة، شكك وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، بإمكانية تحققها، معللاً ذلك لكونها تشكل «تجاوزاً لخط معيّن في العلاقات» بين موسكو وتل أبيب. أما وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، فاعتبر أن الأمر المهم بالنسبة إلى إسرائيل هو «ألا تستخدم أنظمة الدفاع الجوي التي تنقلها روسيا إلى سوريا ضدنا، وإذا حصل ذلك فإننا سنتصرف ضدها». وشدد على أنه «إذا أطلق أحد ما النيران على طائراتنا فإننا سندمره».
تستند هذه الهبّة السياسية الإسرائيلية المعترضة إلى فرضية مفادها أن سيناريو تسلّم سوريا لهذه المنظومة المتطورة، يملك واقعية فعلية وتحديداً بعد العدوان الثلاثي «الأطلسي»، حيث ارتفع منسوب الحديث عن هذا الخيار كجزء من الردود المحتملة التي لوّحت بها موسكو. ويبدو أن المسؤولين الروس أرادوا توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة حول الأوراق التي بحوزتها، وتحديداً في حال تكرر سيناريو العدوان. وهذا ما حضر في مقاربة هذه القضية على القناة العاشرة التي لفتت إلى أن «هناك نوعاً من المناورة الروسية مقابل السياسة الأميركية، وخاصة قبيل الانسحاب المتوقع لترامب من الاتفاق النووي، ومن أجل ردع الولايات المتحدة عن هجوم جديد، وهناك أيضاً الطلب والضغط من قبل إيران والأسد من أجل الحصول على هذه المنظومة». مع ذلك حذّرت القناة من أنه «يمكن في نهاية الأمر أن تحسم الاعتبارات السياسية واعتبارات علاقات الدول الكبرى الأمر لمصلحة إعطاء المنظومة للأسد».
 
لكن نتائج تسليم سوريا هذه المنظومة لن تقتصر على البعد الدولي، بل قد تطال في تداعياتها حرية سلاح الجو الإسرائيلي. ومع أن هناك منظومات أكثر خطورة على سلاح الجو الإسرائيلي من «اس 300»، إلا أنها تشكّل ارتقاء في قدرات الدفاع الجوي السوري بالقياس إلى ما هو موجود لديه الآن. ويوجد بالنسبة إلى قادة تل أبيب فرق بين وجود هذه المنظومة على الأراضي السورية تحت إمرة الجيش الروسي الذي ينسق مع نظيره الإسرائيلي، وبين كونه تحت إمرة القيادة السورية. وهو ما أشار إليه ليبرمان بالقول إنه «يوجد في سوريا منظومات اس 300 وأس 400 وهذا لم يحدّ من نشاطنا». ويمكن التقدير أن منسوب التهديد ارتفع في حسابات القيادة الإسرائيلية بعد سلسلة محطات تصدى فيها الجيش السوري للاعتداءات الإسرائيلية، وتحديداً بعد العاشر من شباط حين تم إسقاط طائرة «اف 16» فوق الأراضي الفلسطينية. ويعني ذلك، من منظور إسرائيلي أنها ستكون تحت توجيه وإدارة القيادة السورية، وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، الذي قد يفاجئ القيادة الإسرائيلية بقرار استخدام هذه المنظومة في التصدي، الأمر الذي سيهدد فعلياً هامش حركة سلاح الجو.
لو اقتصر تحريك ملف منظومات «اس 300» على التلويح بها من دون تسليم فعلي سترى فيه تل أبيب أن الجانب الروسي لا يزال يأخذ بالحسبان الخطوط الحمر الإسرائيلية. لكن هذا السيناريو سيبقى موجوداً على طاولة القرار باعتباره أحد الاحتمالات التي قد تلجأ إليه موسكو، في محطات مفصلية. وربما أيضاً سيكون له حضوره في حسابات تل أبيب، لما قد تقدم عليه موسكو في مواجهة سيناريوات متطرفة تلوح بها إسرائيل ضد دمشق، وخاصة أن روسيا لن تسمح لإسرائيل أو لغيرها بتهديد الإنجازات التي شاركت في صنعها على مستوى عودة سيطرة الدولة السورية على معظم أراضيها السيادية.
أما في حال تحقق هذا الكابوس، فلن تقتصر مفاعيله على البعد العسكري المتصل بتهديد سلاح الجو الإسرائيلي، بل قد يؤشر أيضاً إلى المدى الذي يمكن أن تبلغه موسكو في مواجهة السياسة العدوانية الأميركية، حتى لو كان لذلك نتائجه السلبية على الأمن الإسرائيلي.
في المقابل، ستجد إسرائيل نفسها ملزمة بالتحرك ضد هذه المنظومات، وخاصة أن طائراتها ستكون تحت مرمى نيرانها. على الأقل، هذا ما يتم التلويح به في تل أبيب. وما يعزز من منسوب خطورة هذه المنظومة، الظروف السياسية التي تمر بها الساحتان السورية والإقليمية، وتحديداً ما يتصل بمرحلة ما بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على مطار «تي فور»، وحالة الترقب والتوثب التي تشهدها تل أبيب من إمكانية الرد الإيراني وما تلوّح به من ردود مضادة.
على المستوى الإعلامي، لم يتمكن المعلقون الأمنيون والسياسيون من حسم ما إن كانت روسيا ستبادر إلى خطوة تسليم سوريا لهذه المنظومة. واعتبر معلق الشؤون الخارجية في القناة 12، عراد نير، نقلاً عن مصدر روسي، أن «روسيا تعرف الحاجات الإسرائيلية في سوريا، ورغم أنها تسمح بها فهي لا توافق عليها». وأضاف المصدر أن «النشاطات الإسرائيلية في الأراضي السورية السيادية تعرقل نهاية الحرب هناك، وهذا ما يقلق الروس، لأنه من ناحيتهم في اللحظة التي تصل فيها سوريا إلى الاستقرار وتنتهي الحرب هم سيهتمون بأن تغادر إيران المنطقة وأن لا تبقى فيها». وأقر المصدر الروسي، بحسب القناة الإسرائيلية، بأن الرئيس الأسد طلب شراء هذه المنظومة قبل بدء الحرب في سوريا «والصفقة تتأجل طوال هذه السنوات فقط بسبب المعارضة الإسرائيلية المتكررة لها، وإذا زوّدت سوريا بهذه المنظومة فإنها ستُفعّل فقط من قبل طواقم روسية». لكن المعلق الإسرائيلي شكّك بأن هذه الأقوال «ستُهدئ أحداً ما في هيئة الأركان العامة أو في مكتب رئيس الحكومة، لكن هذا ما يقوله الروس وهكذا يرون الوضع في سوريا».