هل يورّط "ترمب" حلف شمال الأطلسي أكثر في سورية.. ولماذا؟

هل يورّط "ترمب" حلف شمال الأطلسي أكثر في سورية.. ولماذا؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٠ مايو ٢٠١٨

زاد دخول القوّات الفرنسيّة إلى الأراضي السوريّة من تعقيد ملفّ المنطقة الشرقيّة من الأراضي السوريّة، إذ باتت هذه القوّات تتواجد في نقاطٍ مشتركة مع القوّات الأمريكيّة، وأُخرى مستقلّة في نقاطٍ بالقرب من النقاط الأمريكيّة في محافظات "حلب – الرقة – الحسكة - دير الزور"، في وقت يُحكى فيه عن ظهور القوّات الفرنسيّة بالقرب من الشريط الحدوديّ مع تركيا في مدينة رأس العين بريف الحسكة الشماليّ.
ويمكن القول، إنَّ واشنطن التي تبحث عن كسب تأييدٍ دوليٍّ لوجودِها العسكريّ في الأراضي السوريّة، اتّجهت لتوريط الحكومة الفرنسيّة في مثل هذا الملفّ، مستفيدةً من سعي باريس للعب دور "الحليف الأوروبيّ رقم واحد" في الحسابات الأمريكيّة، وقد يكون الدخول الفرنسيّ مقدّمةً لتوريط واشنطن لكامل حلف الناتو في الملفّ السوريّ، وذلك بعد سنواتٍ من إصرار الناتو على التورّط بالملفّ السوريّ عسكرياً بشكلٍ علنيّ.
واشنطن التي خرقت القانون الدوليّ من خلال دخولها البرّيّ إلى الأراضي السوريّة، كانت قد ورّطت قبل ذلك القوّات البريطانيّة من خلال انتشار الأخيرة في قاعدة "التنف" قبل أنْ تنسحب هذه القوّات إلى قاعدة الأزرق الأردنيّة قبل نحو عامٍ ونصف من الآن، وعلى الرّغم من أنَّ الوجود البريطانيّ لم يكن كبيراً، إلّا أنَّ الحكومةَ البريطانيّة قرّرت الانسحاب من "التنف" مع بدء العمليّة السوريّة باتّجاه البادية السوريّة لأسبابٍ لم تُعلَن حينها، وقد يكون الاستعاضة بالوجود الفرنسيّ مقدّمةً لدخول بقيّة دول الناتو في حسابات الملفّ السوريّ عسكريّاً، لكن ما الذي يحقّقه ذلك..؟
قد يُحقّق تورّط الناتو في الملفّ السوريّ لواشنطن مكتسباتٍ عدّة، أوّلها رفع سقف المواجهة السياسيّة مع الجانب الروسيّ حول ملفّاتٍ عدّة في سورية خصوصاً، وفي الشرق الأوسط عموماً، وعلى ذلك يمكن القول، إنَّ واشنطن تنقل صراعها مع الروس من مستوى إلى آخرَ بهدف تحصيل مكتسباتٍ سياسيّةٍ تعوّض الهوامش الميدانيّة التي خسرتها واشنطن خلال الأشهر الستّة الأخيرة، وإنَّ توسّع خارطة سيطرة القوّات الحكوميّة يزيد من زخم الطروحات السياسيّة الداعمة للدولة السوريّة.
من جهةٍ أُخرى، تفرض واشنطن من خلال زيادة الوجود العسكريّ الأجنبيّ في مناطق الشرق السوريّ خيار الفدرلة على طاولة الحوار، بفعل وجودها المباشر لحماية حلفائها في قوّات سورية الديمقراطيّة من أيّة عمليّةٍ عسكريّةٍ سوريّة لاستعادة السيطرة على هذه المنطقة، والغرض الأمريكيّ من فدرلة مناطق النفط السوريّ هو هدفٌ اقتصاديّ بالدرجة الأُولى يتعلّق باستمرار عمليّة تهريب النفط السوريّ إلى أراضي إقليم شمال العراق ومنه إلى الأسواق الأوروبيّة والأمريكيّة، وهذا السبب ليس بسيطاً بالنظر إلى التقديرات الأوّليّة لعائدات تهريب النفط السوريّ.
في مقلبٍ آخر، تضع واشنطن حليفها "التركي" أمام "حلف شمال الأطلسيّ" في مواجهةٍ سياسيّةٍ، في شق منها مواجهة عسكريّة باردة في مناطق "غرب الفرات"، فالقوّات الفرنسيّة انتشرت شمال منبج، وإذا ما لحقتها دولٌ أُخرى من الاتّحاد الأوروبيّ إلى تلك المنطقة سيكون مستحيلاً بالنسبة لتركيا الذهاب نحو عمليّةٍ عسكريّةٍ جديدةٍ ضدّ "قوّات سورية الديمقراطيّة"، فأنقرة التي تفاوض الاتّحاد الأوروبي على مسألة انضمامها إليه لن تذهب نحو المقامرة بهذا الملفّ في مقابل استمراريّة حربها على الفصائل الكرديّة المسلّحة، وقد يلزمها ذلك بالجلوس إلى طاولة الحوار مع الدول التي تقدّم الحماية لهذه الفصائل.
بالمجمل، يمكن القول، إنَّ المصلحة الأمريكيّة قد لا تظهر بعمليّة الانسحاب من الأراضي السوريّة بقدر ما تكون بجذب المزيد من الجنسيّات إلى الداخل السوريّ عسكريّاً، وقد تكون بريطانيا في قائمة الدول التي قد ترسل قواتٍ إلى سورية في المرحلة القريبة القادمة.