واشنطن طلبت توسّط دولة عربية لإقناع «حماس» بـ «صفقة القرن»

واشنطن طلبت توسّط دولة عربية لإقناع «حماس» بـ «صفقة القرن»

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٩ مايو ٢٠١٨

 كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـوسائل إعلامية أن الإدارة الأميركية تجري اتصالات مع إحدى الدول العربية في شأن قطاع غزة، ما يثير قلق السلطة الفلسطينية وغضبها. يأتي ذلك في وقت اكتسبت التحركات لتوفير حماية دولية للفلسطينيين والتحقيق في أحداث غزة، زخماً كبيراً بعدما تبنى أمس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدعو إلى «إرسال لجنة دولية مستقلة في شكل عاجل» إلى غزة للتحقيق في الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين العزل، في حين يجتمع مجلس الأمن بعد غد لمناقشة مشروع قرار عرضته الكويت، ويدعو إلى نشر «بعثة حماية دولية» في الأراضي المحتلة .
 
وأوضحت المصادر الديبلوماسية  أن مبعوثين من البيت الأبيض زاروا دولة عربية في الأسابيع القليلة الماضية وأجروا اتصالات معها بحثوا خلالها الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية في قطاع غزة، كما ناقشوا أموراً سياسية حساسة، مثل فرص إقناعها حركة «حماس» باتخاذ خطوات سياسية وأمنية في غزة، من قبيل عدم معارضة المساعي الأميركية لحل سياسي شامل في المنطقة (صفقة القرن)، وتشكيل إدارة خاصة لقطاع غزة من شخصيات مستقلة تتلقى دعماً مالياً أميركياً وغربياً لحل المشاكل الإنسانية في غزة. وقالت إن الأطراف المختلفة ما زالت في مرحلة درس الأفكار.
 
وذكرت المصادر أن هذه الاتصالات أثارت غضب الرئيس محمود عباس الذي رأى فيها محاولة أميركية للضغط عليه للعودة إلى المسار السياسي. وأصدر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة الأربعاء الماضي بياناً مفاجئاً اعتُبر بمثابة رد على هذه الاتصالات، وحض فيه الدول العربية على التخلي عن وهم «إقامة سلام مع العرب من دون الفلسطينيين».
 
وأفاد البيان الذي جاء عقب زيارة قام بها المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات إلى إحدى الدول العربية، بأن «الاستفزاز الأميركي والاستهتار بالعالم العربي والمجتمع الدولي ساهما في زيادة عدم الثقة غير الموجودة أصلاً... وسقوط وهم إقامة سلام مع العرب من دون الفلسطينيين من خلال تجاوز مبادرة السلام العربية، والمس بالتوازن الوطني والقومي». ودعا إلى «موقف فلسطيني وعربي موحد لمواجهة هذا العدوان الإسرائيلي - الأميركي على المقدسات والحقوق الوطنية وقرارات الشرعية الدولية».
 
بموازاة ذلك، يبدأ مجلس الأمن في الأيام القادمة مناقشات لمشروع قرار صاغته الكويت، ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفع تقرير خلال 30 يوماً عن تبني «سبل وأساليب لضمان وحماية أمن المدنيين الفلسطينيين وسلامتهم في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك قطاع غزة، مع إرسال بعثة للحماية الدولية».
 
ويدين مشروع القرار «لجوء الجيش الإسرائيلي المحتل إلى القوة، بما في ذلك استخدام ذخائر قاتلة ضد متظاهرين مدنيين، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى بين المدنيين، بينهم أطفال وأفراد طواقم طبية وصحافيون». كما يؤكد «مجدداً الحق في التجمع والتظاهر سلمياً»، و «أهمية إجراء تحقيقات مستقلة وغير منحازة وشفافة» حول حوادث سقط فيها قتلى، ويطالب «برفع كامل للحصار» الإسرائيلي وإيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة بلا عراقيل، وإطلاق عملية سياسية لتسوية النزاع عبر «مفاوضات تحظى بصدقية».
 
ورجح ديبلوماسيون أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) لمنع تبني مشروع القرار إذا طرحته الكويت للتصويت. ورفض سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون مشروع القرار، ووصفه بأنه اقتراح «مشين» هدفه «دعم جرائم الحرب التي ترتكبها حماس ضد إسرائيل وسكان غزة الذين يتم إرسالهم كي يموتوا من أجل الحفاظ على حكم حماس».
 
تأتي هذه الخطوة بعد يوم هو الأشد دموية للفلسطينيين منذ حرب غزة عام 2014، استشهد خلاله أكثر من 62 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة، وتزامن مع فتح الولايات المتحدة سفارتها في القدس.
 
في غضون ذلك، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس قراراً يدعو إلى «إرسال لجنة دولية مستقلة في شكل عاجل» للتحقيق في الانتهاكات وحالات سوء المعاملة المفترضة «في إطار الهجمات العسكرية خلال التظاهرات المدنية الكبرى التي بدأت في 30 آذار (مارس) 2018» في غزة. وحاز القرار على تأييد 29 صوتاً ومعارضة إثنين وامتناع 14. وندّدت إسرائيل بما وصفته بـ «النفاق والسخافة».
 
وفي إسطنبول حيث تجمع الآلاف دعماً للفلسطينيين بعد أحداث غزة، عُقد الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الإسلامي للبحث في نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في الكلمة الافتتاحية: «يجب ألا نسمح لدول أخرى بأن تحذو حذو الولايات المتحدة» في نقل السفارة إلى القدس، معتبراً أن هذه «الجرائم... تتطلب تنسيقاً جاداً بين الدول الإسلامية والمجتمع الدولي».
 
في غضون ذلك، تعزز الطابع الفلسطيني لمدينة القدس، خصوصاً بلدتها القديمة ومحيطها، حين تدفق نحو 120 ألف فلسطيني على المسجد الأقصى المبارك للصلاة، في الجمعة الأولى من شهر رمضان الكريم، على رغم إجراءات الأمن المشددة في المدينة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية.