قمة ترامب ــ كيم: توقع «غير المتوقع»؟

قمة ترامب ــ كيم: توقع «غير المتوقع»؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١١ يونيو ٢٠١٨

وسط تحذيرات من انتظار «مفاجآت»، تتجه الأنظار اليوم إلى سنغافورة حيث سينعقد اللقاء التاريخي بين زعيم كوريا الشمالية والرئيس الأميركي. التوقعات متفاوتة، لكن إذا جرى الاعتماد على «المقاربات الشخصانية» التي تُقيم وزناً لدور الزعماء الشخصي في مسارات الأحداث، فمن شأن هذه القمة أن تخرج بما كان غير متوقع
إذا سارت الأمور كما هو معدٌّ لها، سيجلس اليوم على طرف طاولة مفاوضات هي واحدة من الأهم في العالم، كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية المطوّقة بالعقوبات الدولية «جراء تطوير برنامجها النووي»، فيما سيقابله من الطرف الآخر، رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، الذي بات مشهوراً بالانسحاب من الاتفاقات الدولية، والمقتنع تماماً بأن حدسه في «فن الصفقة» هو دائماً أفضل دليل للعمل. هذا اللقاء الثنائي بحضور المترجمين «حصراً»، من المفترض أن يمتد لنحو 45 دقيقة، تتبعه اللقاءات الموسعة.
تحضيراً لهذه القمة، كانت كوريا الشمالية، وبتنسيق بدا واضحاً مع جارتها الصين، قد أوقفت قبل مدة قصيرة تجاربها النووية بعيدة المدى، وأجرت تحركات نحو تفكيك موقع التجارب النووية «بونغي ري»، الوحيد في البلاد وبحضور صحافيين من خمس دول. على رغم ذلك، ظلّ ما تم تفجيره «موضع شك».
قابلت التحضيرات الكورية سلسلة أفعال قادها دونالد ترامب وفريق الأمن القومي المحيط به، وقادت نحو أحاديث أميركية عن «اتفاق تاريخي سيُبرم في 12 حزيران»، والإشارة إلى بدء «عملية» غير مسبوقة.
أمام هذا المشهد، تدور التوقعات حول: نزع تدريجي للأسلحة النووية في مقابل دعم اقتصادي وضمانات أمنية جديّة لبيونغ يانغ، ومعاهدة سلام تنهي رسمياً الحرب الكورية (1950 ـــ 1953). ويوم أمس، تحدثت وكالة أنباء كوريا الشمالية الرسمية في تقرير حول تنقلات زعيم بيونغ يانغ، عن بزوغ «عصر جديد»، مؤكدة أن جدول أعمال القمة سيشمل إضافة إلى نزع الأسلحة النووية، «آلية للمحافظة على السلام الدائم والمستدام في شبه الجزيرة الكورية».
في شأن مجريات القمة، فسيناريوات عدة أشارت إليها صحف غربية. صحيفة «الغارديان» البريطانية تعتبر أنّ «العقوبات الأميركية متجذرة في تشريعات الكونغرس، ولا يمكن رفع القانون إلا بعد التغيير الواضح في سلوك كوريا الشمالية، كما أنّ عقوبات الأمم المتحدة ترتكز على القدر نفسه في قرارات مجلس الأمن». وتلفت الصحيفة إلى أنّ «ترامب سعى إلى التقليل من هذه التوقعات، ولكن من دون زيادة كبيرة في اتجاهات نزع السلاح، سيُعتبر الاجتماع وعلى نطاق واسع، فاشلاً».
من جهة أخرى، فيما يرى البعض أنّ ما قد يزيد الأمر تعقيداً هو أنّ هذه القمة تأتي مباشرة عقب الخلاف الحاد الذي أثاره ترامب مع حلفائه المقربين خلال قمة مجموعة السبع، في نهاية الأسبوع الماضي، فإنّه نتجية للإخفاق الكبير الذي شهدته قمة كندا، يرجّح الكثير من المحللين أن يكون ترامب «أكثر ارتياحاً مع خصوم تقليديين»، وهذا ما يُبيّن وفقاً لهم التناقض بين طريقة معاملته لأمثال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وفرشه السجاد الأحمر للجنرال كيم جونغ شول (وهو الذراع اليمنى لزعيم كوريا الشمالية)، حين التقاه في واشنطن في بداية الشهر الجاري.
في حديث إلى «فرانس برس»، يُلخّص السفير الأميركي السابق إلى روسيا مايكل مكفاول، هذا النقاش بتساؤله: «إذا كان ترامب عاجزاً عن التفاوض على اتفاق حول الحليب مع أحد أكثر حلفائنا المقربين، كيف سيمكنه التوصل الى اتفاق حول نزاع السلاح النووي مع أحد أكبر خصومنا؟». لكنّ ترامب قد لا يملك وحده مفاتيح المحادثات، كما أنّه لا يحمل وحده أقفالها، وهذا ما يقلّل من قيمة هذه القراءات الغارقة في التفسيرات ذات الطابع «الشخصاني». فقمة اليوم خرجت من سياق المواجهة المباشرة، الدبلوماسية أقلّه، بين واشنطن وبيونغ يانغ، قافزةً نحو مرتبة ترتيبات إقليمية تشمل الأمن في مجمل شبه الجزيرة الكورية والدول المحيطة، وفي مقدمها الصين واليابان. في هذا الصدد، عبّر الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، عن «الثقة بنجاح اللقاء»، لكنّه دعا إلى تجنب الانتظارات المبالغ بها، وقال: «حتى لو بدأ الحوار بينهما (كيم وترامب) بسرعة، يجب على الأرجح إجراء حوار على المدى الطويل قد يستغرق سنة أو سنتين أو حتى أكثر لحلّ المسائل المطروحة على الطاولة في شكل كامل».
على الصعيد الدولي أيضاً، التزمت باريس موقفاً «حذراً»، وفق ما أعلنته وزيرة الجيوش فلورانس بارلي، التي دعت أيضاً إلى «التحلي بكثير من الواقعية وانتظار نتائج الاجتماع... بعيداً عن السذاجة وعن الاعتقاد بأنّ الأمور يمكن ان تُحل بين ليلة وضحاها بطريقة سحرية».
أمام هذا الواقع، فبطبيعة الحال لا إمكانية إلى نفي الحضور القوي الذي سيكون لأفعال ترامب، وتأثيرات ذلك على مجريات القمة. وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، صرّح الأسبوع الماضي، أنّ ترامب «كان يتلقى، منذ أشهر، جلسات إعلامية عن كوريا الشمالية، وهو يعتقد أنّ هذه الإحاطات الشفوية والمكتوبة شملت كل شيء: من تاريخ عائلة كيم، إلى تفاصيل الجهود الدبلوماسية السابقة الفاشلة في شأن برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية، وصولاً إلى وضع تلك البرامج». لكن في قراءة صحيفة «اندبندنت» البريطانية للقمة، فإنّها ذكّرت بأنّ «المفاوضات غير الموفقة التي سبقت اللقاء التاريخي بين ترامب وكيم، قدمت مؤشراً واضحاً على الكيفية التي يمكن أن تجري وفقها القمة: توقُع ما هو غير متوقع».
ككل حدث تاريخي، ستكون أنظار العالم شاخصة إلى سنغافورة اليوم. لكن بقدر ما طغت على هذا الحدث تفسيرات ذات طابع شخصاني (على علاقة بشخصيتي هذين الزعيمين وقدرتهما على المبادرة)، بقدر ما إنّ مجرد انعقاد القمة وما سينتج منها، سوف يقود نحو فهم أعمق للموقع الجديد الذي تبحث عنه واشنطن على ساحة السياسة الدولية في عهد ترامب.
 
 
الرئيس الأميركي: قد ننجح بشكل رائع
 
 
خلال مأدبة غداء مع رئيس الوزراء السنغافوري لي هسيين، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أنّ القمة قد «تنجح بشكل رائع»، مضيفاً: «ينتظرنا اجتماع مثير جداً للاهتمام». ويقيم ترامب وكيم في فندقين منفصلين، تفصل بينهما مسافة كيلومتر واحد في منطقة شارع «أورتشارد» الذي تكثر فيه المجمعات السكنية والمكاتب ومراكز التسوق الفاخرة.
في غضون ذلك، رأى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن القمة ربما توفر «فرصة لم يسبق لها مثيل لتغيير مسار علاقاتنا وتحقيق السلام والرخاء» في كوريا الشمالية، مضيفاً أنّها يجب أن تضع إطاراً «للعمل الشاق الذي سيستتبعها». وتابع أيضاً أنّ «كوريا الشمالية أكدت في وقت سابق استعدادها لنزع الأسلحة النووية، ونحن حريصون على التأكد من صدق تلك الكلمات».
(رويترز)
 
لقاء اليوم الواحد
ذكرت وكالة «بلومبرغ» أمس، أنّ الزعيم الكوري الشمالي جعل يوم الثلاثاء موعداً لنهاية قمة سنغافورة، «ما دفع الأخير لتقديم موعد مغادرته» إلى اليوم نفسه بدلاً من الأربعاء كما كان مقرراً. ونقلت الوكالة عن اثنين من المسؤولين الأميركيين المطلعين على ترتيبات القمة، أنّ «ترامب كان مستعداً للبقاء لفترة أطول إذا أحرزت المفاوضات تقدماً، لكن بما أن كيم وضع خططاً محددة للمغادرة فقد حذا ترامب حذوه».