مصير قمة سنغافورة... بين القلق الكوري والانتقادات الامريكية الداخلية!

مصير قمة سنغافورة... بين القلق الكوري والانتقادات الامريكية الداخلية!

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢١ يونيو ٢٠١٨

سيذكر التاريخ أن فندقاً بين خضرة الأرض وزرقة السماء في سنغافورة احتضن أول قمة بين أمريكا وكوريا الشمالية منذ تقسيم كوريا إلى كوريتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من تهديدات متبادلة بين واشنطن وبيونغ يانغ، ولكن إلى أي مدى سيذكر أنّ القمة نجحت أو فشلت في تعبيد الطريق لتسوية الملف النووي الكوري الشمالي؟!
 
انتقادات أمريكية
 
بعد القمة تشكّر الرئيس الأمريكي نظيره الكوري لاتخاذه الخطوة الأولى الجريئة نحو مستقبل جديد ومشرق تجاه شعبه، متوعداً ببناء علاقات جديدة  بين الأمتين، هذا الكلام لاقى ردود أفعال على كلا الجانبين الأمريكي والكوري، فخصوم ترامب الديمقراطيون في مجلس الشيوخ يرون أنّ ما حصل في سنغافورة لا يرقى إلى حلّ أو حتى إلى بداية حلّ للملف النووي الكوري الشمالي، حيث يقول تشاك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية إنّه "من المقلق، من المقلق جداً أنّ البيان المشترك الذي صدر كان غير دقيق، ما حصلت عليه أمريكا كان مبهماً وغير قابل للإثبات وما حصلت عليه كوريا الشمالية في المقابل كان ملموساً ودائماً، وبمنح كيم جونغ أون هذا الاجتماع أعطى الرئيس ترامب نظاماً وحشياً وقمعياً شرعية دولية لطالما كان يتمناها".
 
ويرى محللون أمريكيون في هذا الصدد أن هذه القمة عمّقت الاستياء والخوف من سياسات ترامب لدى منتقديه الذين يقال إنهم الآن يترحّمون على حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حتى وإن كانوا قد عارضوا بعض سياسته، وفي مقال تحت عنوان "لو عقد أوباما مثل هذه القمة فنعرف كيف كان الجمهوريون سيردون"، قال الصحفي دانا ميليبانك في صحيفة واشنطن بوست " انتقد المشرّعون الجمهوريون أوباما بسبب تقرّبه من إيران، وقد ندد السيناتور تيد كروز بلقاء أوباما وكاسترو في ظل وجود معتقلين سياسيين في كوبا، وسخر "جون بولتون" الذي أصبح فيما بعد مستشار ترامب للأمن القومي في عام 2013 من فكرة إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن برنامجها النووي، وهنا يمكننا القول إن الجمهوريين منافقون في مديحهم لترامب لقيامه بنفس ما كانوا ينتقدون عليه أوباما".
 
وقبل عقد قمة سنغافورة، قال الكاتب جاكسون دييل من أسرة تحرير صحيفة واشنطن بوست إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيُخطئ خلال قمة سنغافورة لو تجاهل الجرائم الوحشية التي ارتكبتها كوريا الشمالية. وبحسب الكاتب، فإن من يزعمون أن ترامب يجب أن يضع جانباً قضية حقوق الإنسان عندما يجتمع مع كيم جونغ أون، يتجاهلون أن نظام كيم ليس مذنباً فقط بجرائم عادية مثل التعذيب والإخفاء بل بقائمة من جرائم شديدة ومستمرة ضد شعبه، وتساءل كيف يمكن أن تنفتح كوريا الشمالية على العالم والمستثمرين الأجانب؟ وكيف يمكن أن توقّع أمريكا معاهدة سلام معها في حال استمرار معسكرات الاعتقال والتعذيب في البلاد؟ وأضاف إن هذا لا يعني أن دبلوماسية ترامب مع كيم لا تستحق المحاولة، لكن هذا يعني أن جهاز القمع الواسع لدى نظام كوريا الشمالية يجب أن يعالج من بداية العملية، إلى جانب صواريخه وأسلحته النووية، "يجب التخلص من الاثنين معاً".
 
وفي آخر استطلاعات للرأي أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" وقناة "بي بي سي نيوز"، يعتقد معظم الأمريكيين أن المفاوضات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ اون" لن تجبر كوريا الشمالية على التخلي عن أسلحتها النووية، حيث رأى 53 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن القمة لن تؤدي إلى شيء، بالإضافة إلى ذلك، يعتقد أقل من نصف المشاركين (42 ٪) أن الاجتماع في سنغافورة قلل من احتمال حدوث نزاع طويل الأمد بين الجانبين، وقبل عقد القمة كان الأمريكيون أكثر تشاؤماً من نجاح ترامب بحل الأزمة الكورية حيث وصلت النسبة إلى 61 بالمئة.
 
مخاوف كورية من تكرار السيناريو الإيراني
 
يعتقد محللون كوريون شماليون أن على بلادهم الحذر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالتجربة الإيرانية ليست ببعيدة، حيث خرج ترامب من الاتفاق النووي مع إيران فاتحاً الباب مجدداً لفرض عقوبات جديدة على طهران رغم التزامها بكل قوانين الاتفاق، صحيح أن كيم جون أون قدّم تعهدات بنزع السلاح النووي إلا أنّ هذه الوعود لا تزال حبراً على ورق حتى يرى الرئيس الكوري مبادرة حسنة من أمريكا كوقف الأعمال العسكرية والمناورات مع جيرانه وسحب الجنود الأمريكيين من كوريا الجنوبية واليابان إضافة إلى رفع جميع العقوبات الاقتصادية، والتجربة تقول إنّ أمريكا لا تقدم بل تأخذ، ومن هنا لا يعوّل الكوريون على قمة سنغافورة ولا على الكرم الأمريكي، وهم يتوقعون تكرار السيناريو الإيراني معهم.
 
ختاماً.. يمكن القول إنّ الإعلام الأمريكي حاول تضخيم الاجتماع التاريخي الذي عقده دونالد ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، محاولاً إظهاره كرحلة الرئيس الأمريكي السابق نيكسون إلى الصين، غير أن القمة فشلت في انتزاع أي تعهدات ملموسة من جانب بيونغ يانغ لتدمير ترسانتها النووية، واكتفت بتعهدات شفهية لا تقدم ولا تأخر على المشهد الدولي والعالمي شيئاً.