واشنطن تصعّد الحرب الاقتصادية: عقوبات لمن يشتري نفط إيران

واشنطن تصعّد الحرب الاقتصادية: عقوبات لمن يشتري نفط إيران

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٧ يونيو ٢٠١٨

في وقت كان فيه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، يتوجه إلى شعبه بالقول إن ما يشهده اقتصاد إيران ناجم عن «حرب اقتصادية ونفسية» تشنّها الولايات المتحدة، مطمئناً مواطنيه إلى أنه سيجري تجاوز الأزمة الراهنة، صدرت تصريحات تصعيدية عن الخارجية الأميركية لتؤكد مضي واشنطن في الضغط على طهران اقتصادياً، ولو وصل الأمر إلى فرض عقوبات على الدول التي تستورد النفط من إيران
تستعجل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حصد نتائج العقوبات التي أعادت فرضها على إيران، بالتزامن مع الانسحاب من الاتفاق النووي. عقوبات تقترب من دخولها حيز التنفيذ، لكن الولايات المتحدة تجد في ما يجري على الساحة الإيرانية فرصة لحصد نتائج الضغوط على طهران سريعاً. يؤكد الأميركيون خطاب النظام الإيراني حول أسباب أزمة العملة والاقتصاد الراهنة، عبر إعلان مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، أمس، نية حكومته فرض عقوبات على الدول التي لن تلتزم عدم شراء النفط الإيراني، بموازاة رفض إعطاء أحد أي إعفاءات من إجراءات الحظر الجديدة.
بحسب الخارجية الأميركية، فإن تشديد الخناق على طهران يُعدّ «إحدى أبرز أولويات أمننا القومي». والمطلوب، أميركياً، بانقضاء مهلة سريان العقوبات في الرابع من تشرين الثاني المقبل، أن تخفض جميع الدول وارداتها من النفط الإيراني إلى «الصفر». وطالب المسؤول الأميركي الدول بأن تبدأ بخفض وارداتها «الآن» حتى تنقطع تماماً مطلع شهر تشرين الثاني.
ويُعدّ التصريح الأميركي خلاصة جولة تحريضية قام بها وفد مشترك من وزارتي الخزانة والخارجية إلى عدة بلدان أوروبية وآسيوية، واستهدفت أوسع تحشيد لدعم العقوبات الأميركية ضد طهران. ومع الموقف الأميركي الحاسم بعدم إعطاء أي استثناء من العقوبات، تضع واشنطن الأوروبيين في موقف أصعب تجاه محاولات الإبقاء على الاتفاق النووي وعوائده التجارية، رغم المطالب الأوروبية، والفرنسية خصوصاً، بتقديم استثناء للشركات المتعاملة مع إيران، بعدما جرت الاستفادة من مناخ الاتفاق النووي، لرفع التبادل التجاري بين إيران وأوروبا إلى 25.7 مليار دولار، بحسب ما أفاد به، أمس، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة الإيرانية، بدرام سلطان.
ويأتي التصعيد الأميركي في ظل ما تشهده الأسواق الإيرانية من تضخم وتراجع لسعر العملة، مترافقاً مع غلاء فاحش في أسعار السلع، ما يدفع التجار في طهران إلى مواصلة احتجاجاتهم للضغط على حكومة الرئيس حسن روحاني. الأخير، بدوره، يتمسك بالتشديد على أن ما تشهده البلاد جزء من الحرب الاقتصادية الأميركية على طهران. ويبدو أن المراقبين، من خصوم طهران وأنصارها على السواء، يوافقون على أن ما يشهده الاقتصاد الإيراني مرده عودة العقوبات الأميركية. لكن ذلك لا يقنع الجميع في الداخل الإيراني، خصوصاً من الذين يعتقدون أن البلاد جربت العقوبات منذ أربعة عقود، وهي قادرة على اجتراح الخطط البديلة للمواجهة وإنقاذ الاقتصاد.
وجددت حكومة روحاني، أمس، وعدها بمعالجة تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد. واتهم الرئيس روحاني، واشنطن، بشنّ «حرب اقتصادية» على بلاده، التي «لن ترضخ للضغوط الأميركية»، واضعاً عقوبات واشنطن في إطار «حرب نفسية واقتصادية وسياسية». وأضاف روحاني: «نحن في حالة حرب مع أميركا، وهم يشنون علينا حرباً اقتصادية، فقد كان هدف ترامب من انسحابه من الاتفاق النووي، أن تنسحب إيران لتفرض عليها العقوبات الدولية من جديد». ووعد الرئيس الإيراني مواطنيه بمواجهة الضغط الاقتصادي الناجم عن العقوبات الأميركية، مشيراً في معرض الدفاع عن سياسته الاقتصادية إلى أن «دخل الحكومة لم يتأثر في الأشهر القليلة الماضية، وتراجع الريال سببه دعاية الإعلام الأجنبي». وتابع بالقول: «حتى في أسوأ الأحوال أعد بتوفير الاحتياجات الأساسية للإيرانيين، ولدينا ما يكفي من السكر والقمح وزيت الطهي، ولدينا ما يكفي من العملة الصعبة لضخها في السوق»، داعياً إلى الوحدة «للانتصار على كل المشاكل».
كلمة روحاني التي توجه بها إلى الشعب الإيراني، بالتزامن مع اندلاع احتجاجات على هبوط سعر صرف العملة الإيرانية مقابل الدولار بلغت ذروتها مع اعتصام «بازار طهران» كبرى الأسواق في العاصمة، أعقبتها مؤشرات إيجابية تمثلت باتخاذ الحكومة إجراءات ضد المضاربين، وجهات تُتّهم بالتسبب بالأزمة المالية، في وقت شهد فيه الريال الإيراني تحسناً ملحوظاً.
 
لاريجاني: سنلاحق «المخلّين بالاقتصاد»
وجّه رئيس السلطة القضائية في إيران، صادق لاريجاني، أمس، تحذيراً للمشاركين في «الإخلال بالشؤون الاقتصادية في البلاد» من أنهم سيواجهون عقوبة الإعدام والسجن 20 عاماً. وفي وقت تشهد فيه الأسواق الإيرانية اضطراباً جراء تدهور العملة والوضع الاقتصادي مع اقتراب العقوبات الأميركية من دخولها حيّز التنفيذ، قال لاريجاني إن «العدو يحاول الآن تخريب اقتصادنا من طريق عملية نفسية. حاول البعض في الأيام الماضية إغلاق البازار، لكن الشرطة أحبطت مؤامرتهم». وأفاد المدعي العام في طهران، عباس جعفري دولت آبادي، بأنه «اعتُقِل بعض مثيري أعمال الشغب التي وقعت في منطقة البازار يوم الاثنين»، مؤكداً أنه لن يُطلَق سراح هؤلاء قبل محاكمتهم. وتحاول الحكومة الإيرانية منع استغلال الاحتجاجات على تدهور سعر صرف العملة المحلية لدوافع سياسية. وأمس، جدد نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، تأكيده وضع الحكومة «خططاً مناسبة لمواجهة الحظر (الأميركي) واجتياز التحديات الراهنة»، داعياً إلى وضع «برامج رقابية دقيقة لحجب الفساد وإزالة الظروف المسببة لذلك». واتهم جهانغيري الولايات المتحدة بـ«استخدام الحظر لعرقلة مسار التنمية والتقدم في إيران».