مملكة الصمت على حافة الانفجار وحرب أهلية تلوح بالأفق

مملكة الصمت على حافة الانفجار وحرب أهلية تلوح بالأفق

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٥ يوليو ٢٠١٨

 مرور سريع على تطور الأحداث في السعودية سيخبرك عن كيفية تحوّل صراعات المملكة من خارج الحدود إلى داخلها، ومن يراقب سير سياسة السعودية خلال السنوات الثلاث الماضية سيجد أنها كانت تبنى على أساس الإحساس بالسيطرة تجاه الإقليم والعمل على تطويعه لمصلحتها فطوّعها الإقليم لمصلحته وأخذت السياسة الخارجية السعودية تنكفئ على نفسها بعد أن خسرت جميع أوراقها في الحروب التي هندستها بما يشبه "حروب الوكالة" واليوم بدأت تحصد نتائج هذه السياسة في الداخل لتصبح البلاد اليوم على شفا صراع داخلي ينذر برائحة حرب أهلية، فهل يتمكن ابن سلمان من امتصاصها قبل أن تبلعه معها في حال حصلت؟!
 
ملفات خارجية
 
كانت البداية من سوريا التي دعمت فيها السعودية كل من يحارب الحكومة السورية ويسعى لإسقاطها، حيث عوّلت السعودية مع بقية من وقف معها على سقوط النظام السوري خلال أسابيع قليلة كما حصل مع بعض الأنظمة العربية، لكنها أخطأت في حساباتها ومرّت السنوات وبقيت الحكومة السورية واستعادت أغلب المناطق التي خرجت عن سيطرتها، تزامن ذلك مع تدخلها في العراق وشؤونه الداخلية ما دفع رئيس الحكومة العراقية وقتها لمطالبة السعودية بإخراج سفيرها من بغداد لتدخّله في شؤون البلاد الداخلية، وبالتالي خسرت سمعتها هناك، وبين العراق وسوريا أصبحت جميع الجماعات المسلحة التي دعمتها السعودية خارج الخدمة لتعثّرها المستمر ونبذ مواطني البلدين لهذه الجماعات وخروج مظاهرات تطالب بإخراجهم بالقوة، كل هذه الظروف وغيرها دفعت السعودية لقطع التمويل عن هذه الجماعات، خاصةً أن بعضها تم وضعه في قوائم الإرهاب وهذا الكلام لا يخدم ولي العهد محمد بن سلمان الطامح لتحسين صورة بلاده في الغرب.
 
أعادت السعودية الكرة مرة أخرى ولكن هذه المرة بشكل مباشر وأعلنت الحرب ضد جارتها اليمن، ودخلت في زوبعة التفت على عنق ابن سلمان بعد قصف صاروخي ومدفعي وحملات عسكرية برية وبحرية وجوية استمرت أكثر من ثلاث سنوات لم يجنِ منها شيئاً سوى ملء بنوك الدول الغربية من خلال صفقات الأسلحة التي عقدها معها، والتي كلّفت الداخل السعودي الكثير وتركت فاصلة وهوّة كبيرة بينه وبين إدارة ولي العهد وداعميه، ما عمّق الشرخ وأضعف الثقة به بعد أن كان يحاول كسب محبة الجيل الشاب في المملكة.
 
رافق ما سبق حملة شنّها ابن سلمان على قطر دعا فيها إلى محاصرة الدوحة وخنقها اقتصادياً، لكنه لم يفلح في ذلك ولم يستطع أن يترك أي تأثير على دولة قطر من خلال الحصار، حتى أنها تمكنت من الحصول على امتياز استضافة كأس العالم بالرغم من كل محاولات الأمير الشاب لمنع حدوث ذلك.
 
واليوم يحاولون مع سلطنة عمان لإخراجها من سياستها المعتدلة وحرفها نحوهم واستفزازها اقتصادياً كما فعلوا مع الأردن، ولكن حتى اللحظة لم تستطع المملكة إحداث أي فارق مع سلطنة عمان بل على العكس انتشرت وثائق مؤخراً تفيد بأنها اقتربت أكثر من قطر.
 
الداخل على وشك الانفجار
 
السياسة الخاطئة التي مارسها ابن سلمان مع جيرانه الخليجيين وعدم قدرته على جذبهم نحوه أو حتى إخضاعهم، كان لها تأثير وتردد داخل البلاد، الذي كان مستعداً لتجاهل ما سبق لو أن وضعه الاقتصادي اتجه نحو الأفضل لكن ذلك لم يحدث، حتى المحاولات التي قادها ابن سلمان لتقليل الاعتماد على النفط باءت بالفشل، وأثبتت الأيام أن جميع إصلاحاته كانت مجرد فقاعة إعلامية تلاشى تأثيرها خلال فترة زمنية قصيرة.
 
واليوم يعيش الداخل أزمة ثقة بين المواطنين أنفسهم، وأصبح الداخل أشبه بحبل مشدود مهدد بالتمزق بأي لحظة، فخلال الأيام القليلة الماضية ظهرت على الواجهة الإعلامية ظاهرة جديدة سُميت ظاهرة "المواطن المخبر" وهي ظاهرة تحريضية يتم من خلالها التحريض ضد أشخاص وشركات وجمعيات عبر التويتر، وبحسب كتاب ومغردين فإن ظاهرة "المواطن المخبر" أو "الوطنجية"، تضرّ بالجو العام في مواقع التواصل الاجتماعي، ويقوم مغردون سعوديون بعضهم من المشاهير، بالتحريض ضد أشخاص وشركات وجمعيات، ووضع إشارة لحساب "كلنا أمن" وحساب وزارة الداخلية، للتبليغ عنهم.
 
وقال مغردون إن التحريض على الآخرين بحجة "الوطنية" مضر بالأمن، وأصبح مبتذلاً، إذ قام مغردون بالتحريض على مطاعم لمجرد أنها تحتوي على أسماء مدن غير سعودية، مثل المطاعم اليمنية والسورية، واعتبر مغردون أن "مشكلة الوطنجية الجديدة تنحصر مع كل ما له علاقة بتركيا والدول المجاورة، في حين لا يجدون حرجاً من الغزو الثقافي الأمريكي والأوروبي".
 
ويبدو أن الداعية السعودي عبد العزيز الفوزان أصبح ضحية لهذه الحملة، فقبل يومين قال الفوزان عبر "تويتر": "أحبتي في كل مكان، لا تنسوني من صالح دعواتكم، وحسبنا الله ونعم الوكيل".
 
واعتبر مغردون أن ما قاله الفوزان "ربما ينذر بقرب اعتقاله، أو منعه من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والظهور عبر وسائل الإعلام"، وعبّر مغردون عن تعاطفهم التام مع الفوزان، مثمنين موقفه تجاه الانفتاح والتغيرات التي شهدتها المملكة، وإن كان الأخير لم ينتقد أي تغيير بشكل علني، بحسب قولهم.
 
هذا الكلام يوحي بأن شرخاً بدأ يتعمق بين أطياف المجتمع السعودي، يُخشى أن يتحوّل إلى صراع داخلي، خاصةً أن الأمور في البلاط الملكي لا تسير على ما يرام في ظل الخلافات بين بعض الأمراء وعدم رضاهم عن تولي ابن سلمان العرش، ناهيك عن أمراء الخارج المعارضين لسياسة ابن سلمان، وبهذا يكون ولي العهد خسر العلاقة مع الشعب والطبقة الحاكمة وهذا ما يضع عرشه على كفّ عفريت.