«أنصار الله» تحضّر أوراقها لـ«جنيف 3»:مكاسب في الميدان ورؤية سياسية للمشاورات

«أنصار الله» تحضّر أوراقها لـ«جنيف 3»:مكاسب في الميدان ورؤية سياسية للمشاورات

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٠ أغسطس ٢٠١٨

على رغم اعتقادها أن ليس ثمة «مؤشرات إيجابية أو طرح جدي»، تواصل «أنصار الله» تحضيراتها لمشاورات جنيف، والتي ستكون على شكل لقاءات مباشرة بين الطرفين، خلافاً لما أعلنه المبعوث الأممي سابقاً. وفيما سيحضر ممثلو «المؤتمر الشعبي» و«المجلس الانتقالي» كمراقبين فقط، ستكون السعودية والإمارات وعمان موجودة عبر ممثلين لها
في ظلّ تشاؤم مطرد بمشاورات السلام المرتقب انعقادها في مدينة جنيف السويسرية في الـ6 من أيلول/ سبتمبر المقبل، تواصلت فصول التصعيد الميداني على غير جبهة، مع محاولات السعودية والإمارات المتجددة تعديل موازين القوى لمصلحتهما، خصوصاً في محافظة الحديدة. محاولات آلت، كالتي سبقتها مطلع الأسبوع الماضي، إلى الفشل، الذي انسحب كذلك على الجبهة الحدودية.
وأعلنت القوات اليمنية المشتركة، أمس، تنفيذ عمليتين «نوعيتين» غرب أبواب الحديد وفي منفذ علب، بمنطقة عسير. ونقلت وكالة «سبأ» التابعة لحكومة الإنقاذ عن مصدر عسكري قوله إن العملية الأولى أدت إلى «مقتل ضابط سعودي برتبة رائد مع ثلاثة جنود سعوديين آخرين»، فيما أسفرت الثانية عن «مصرع وجرح عدد من مرتزقة الجيش السعودي». وترافقت عمليتا عسير مع ثالثة لسلاح الجو المسيّر، التابع للجيش واللجان، في صحراء ميدي على الساحل الغربي، حيث استهدفت طائرة «قاصف 1» بعدد من الغارات «تجمعات قوى العدوان»، مُخلِّفةً «خسائر في صفوف العدو وعتاده العسكري». وفي محافظة الحديدة، أفيد عن تمكّن وحدة الهندسة في الجيش واللجان من تدمير 4 آليات للقوات الموالية لـ«التحالف» بعبوات ناسفة، وقتل من كانوا على متنها. وكانت القوات المشتركة تمكنت، أول من أمس، من «تدمير أكثر من 15 مدرعة وآلية عسكرية» خلال تصديها لهجوم كبير من 3 محاور شنّته الميليشيات المدعومة إماراتياً على مركز مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة. وعلى رغم أن الهجوم، الذي استمرّ لأكثر من 8 ساعات، أُسنِد بغطاء جوي كثيف من الطيران الحربي وطيران الـ«أباتشي»، إلا أن مقاتلي الجيش واللجان «تمكنوا من كسره، وكبّدوا القوات الغازية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد».
هذه المحاولات المتجددة لإسقاط مركز مديرية الدريهمي لا تفتأ القوات الموالية لـ«التحالف» تكثّفها، منذ أن أُعلن الـ6 من أيلول المقبل موعداً لاستئناف مشاورات السلام، أملاً على ما يبدو في ترجيح الكفة الميدانية لمصلحة السعودية والإمارات. لكن تلك الطموحات، والتي حُدّد عيد الأضحى موعداً لبلوغها، لا يظهر أنها قابلة للتحقق خلال الأيام المقبلة، وهو ما يزيد موقف حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، هشاشة. واقعٌ من غير المرجّح أن ينعكس إيجاباً على المسار التفاوضي كما يُفترض بالحسابات المنطقية؛ ذلك أن المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، «لم يتخذ تكتيكاً مغايراً لما كان يتخذه سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في ما يتعلق بطريقة عقد اللقاءات وبناء الثقة»، بحسب ما قال أمس رئيس «اللجنة الثورية العليا» التابعة لـ«أنصار الله» محمد علي الحوثي، في موقف ينمّ عن تشكيك في إمكان تمكن غريفيث من تجاوز «إعاقات نجاحه» كما سمّاها الحوثي.
ومع ذلك، تواصل سلطات صنعاء تحضيراتها للتوجّه إلى مشاورات السلام، قابِلةً التعامل مع الحدّ الأدنى الذي وضعه غريفيث، ولم يعترض عليه الأميركيون وفق ما أوحت به التصريحات الأخيرة لسفيرهم في اليمن ماثيو تولر، وهو الاتفاق على الملفات الإنسانية، بما يمهّد الطريق للتفاوض على الملفات الأمنية والسياسية. في هذا الإطار، أقرّت اللجنة السياسية الحكومية، أمس، رؤية حكومة الإنقاذ للجولة الجديدة من المشاورات، والتي سيتمّ رفعها إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط. وتضمنّت الرؤية، وفق ما نشرته بشأنها وكالة «سبأ»، أبرز النقاط «التي من الجدي طرحها في المشاورات المقبلة... والتي تُعتبر مداخل مهمة باتجاه التهيئة للحل الشامل، وفي مقدمها خطوات بناء الثقة بأبعادها الإنسانية». وأشار رئيس حكومة الإنقاذ، عبد العزيز بن حبتور، في الاجتماع الذي عُقد أمس، إلى أن «هذه الرؤية تعتبر خلاصة لجهد سياسي وطني شارك الجميع في صياغته»، معرباً عن أمله في أن «تمثل أداة مساعدة للوفد الوطني».
على خط موازٍ، تفاعلت أمس حادثة إطلاق النار التي شهدتها الكلية العسكرية في مدينة عدن يوم السبت، والتي أدت إلى مقتل عسكري من طلبة الكلية وجرح اثنين آخرين. ونجمت الحادثة عن قيام عناصر من ميليشيات «الحزام الأمني»، الموالية لأبو ظبي، بإطلاق الرصاص على المشاركين في حفل تخرج عسكري في معسكر صلاح الدين، بدعوى رفعهم علم الوحدة. واقعة تكمن خطورتها في أنها لم تأتِ في سياق مواجهة بين الطرفين («الشرعية» و«المجلس الانتقالي الجنوبي»)، بل جاءت على شكل تصفية ميدانية لخريجين جدد لما ينخرطوا في القتال. وهذا إن دلّ على شيء فإنما على ثلاثة أمور: أولها طابع البلطجة الذي يتسم به «الحزام الأمني» التابع لـ«الانتقالي»، وحجم الاحتقان بينه وبين التشكيلات المحسوبة على «الشرعية»، والسيناريوات القاتمة التي قد تنجم عن ذلك الاحتقان، والتي لم تستبعد صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية من بينها «حرباً أهلية خطيرة». ولعلّ الجدل الذي اشتعل أمس على خلفية توجيه هادي بإحالة قائد «اللواء الأول - دعم وإسناد» في «الحزام الأمني» المدعو أبو اليمامة، ومعه القيادي المدعو «أبو همام»، إلى القضاء، على خلفية الواقعة، يجلّي بوضوح مبلغ التوتر بين الجانبين. إذ اعتبر نائب رئيس «الانتقالي»، هاني بن بريك، تلك الخطوة بمثابة «إحالة شعب الجنوب إلى المحاكمة»، مهدداً بـ«(أننا) سنرى مَن سيحاكم مَن»، فيما رأى عضو رئاسة المجلس، فضل الجعدي، في قرار هادي، «مؤشراً خطيراً يؤكد أن الشرعية أعدّت القوائم السوداء».
 
أول لقاء معلن بين حزب الله و«أنصار الله»
استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أول من أمس، وفداً من حركة «أنصار الله»، في لقاء هو الأول من نوعه، على الأقل بصورة علنية. اللقاء الذي استمر أربع ساعات متواصلة، تزامن مع تحركات يقوم بها الوفد التفاوضي للحركة عشية مشاورات جنيف، إلا أن مصادر «الأخبار» أشارت إلى أنه تطرّق إلى ما هو أبعد من المشاورات. إذ قدّم الوفد، الذي رأسه الناطق باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام، رؤية جديدة حول العلاقة مع محور المقاومة، من زاوية لا تقتصر على التقارب بين الحركة و«حزب الله». فالقوى اليمنية وحكومة الإنقاذ، وفق المصادر، باتت تعتبر أن انخراط اليمن في محور المقاومة بشكل معلن وأكثر فاعلية قرار ضروري في المرحلة المقبلة، يحتّمه الإصرار السعودي الإماراتي على مواصلة العدوان. وحاولت حكومة الرئيس المنتهية ولايته التحريض على اللقاء لدى الأميركيين في تغريدة لسفارتها بواشنطن، أعاد نشرها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الذي حذّر من جعل لبنان «محطة لوجستية أو سياسية للحوثي»، مهدداً الحكومة اللبنانية بأن «تجاهل التعامل مع الموضوع سيفاقم تداعياته». في المقابل، أكدت مصادر «الأخبار» أن اللقاء لا علاقة له بأي توقيت سياسي لبناني، ولا يحمل رسائل داخلية، وهو تحدّد استجابة لمبادرة قدمتها «أنصار الله»