هل تنفذ أمريكا المسرحية الكيميائية في "11 سبتمبر"؟

هل تنفذ أمريكا المسرحية الكيميائية في "11 سبتمبر"؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٦ سبتمبر ٢٠١٨

 هناك طفرة كبيرة من التهديدات الأمريكية حول مسألة إدلب، ولا شك بأن الأمور كانت ذاهبة نحو الحسم السريع لمصلحة الحكومة السورية سواء عن طريق الحل العسكري أم الدبلوماسي، ولكن تدخّل واشنطن بكل هذا الزخم الإعلامي والكم الهائل من التهديدات عقّد المسألة وأعطاها أبعاداً أكثر عمقاً ليست ببعيدة عمّا يجري في البيت الأبيض ومشكلاته الداخلية، وبالتالي فإن السؤال الذي سيطرح نفسه، هل سيقتصر هذا الأمر على التهديدات التي يتقنها المبعوث الأمريكي الجديد لسوريا جيمس جيفري؟ أم إن إدارة ترامب على موعد جديد مع سيناريو ضربة لسوريا؟!.
 
هذا السؤال سيبقى مفتوحاً طالما أن الإدارة الأمريكية تعاني من تخبطات كبيرة سببتها سياسة ترامب مع الحلفاء وغير الحلفاء ناهيك عن السياسة الداخلية والفضائح التي تطول شخص الرئيس بين الفينة والأخرى، فعلى الصعيد الأوروبي هناك قلق كبير من سياسة ترامب وسعي للتخلص من الشراكة مع واشنطن إذا بقيت على هذا المنوال، فترامب يعزل بلاده عن الجميع ويشنّ حرباً تجارية مع أوروبا والصين ويعاقب الكثير من الدول وينسحب من اتفاقيات دولية لم يتجرّأ أحد ممن سبقه على المساس بها، فضلاً عن سنّه قوانين أبعادها تعقيدية وكيدية لا تنمّ عن سياسة حكيمة لدولة بحجم أمريكا.
 
الاحتمالات
 
قد يستغرب البعض إذا قلنا إن ترامب في حال كان يريد إجراء مسرحيته الثالثة في سوريا، فستكون ليل الحادي عشر من سبتمبر لرسم صورة عن أنه يحارب الإرهاب، ويا ليته يحارب الإرهاب فعلاً ويوجه صواريخه نحو آلاف المنتمين لـ"جبهة النصرة" في إدلب والذين صرّح عن عددهم المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا، مشيراً إلى وجود نحو 10 آلاف مسلح من تنظيمي "جبهة النصرة" و"القاعدة" الإرهابيين، في إدلب، ولكن هؤلاء الإرهابيين لا تراهم أجهزة المخابرات الأمريكية وأقمارها الصناعية، علماً أن أكثرهم ينتمي إلى التنظيم الذي سبّب أحداث 11 أيلول، وهذا يؤكد أن الموضوع بالنسبة لواشنطن ليس بهذه الصورة، ولكن لا ريب في استخدامه لأهداف تخدم الإدارة الأمريكية في تسويق نفسها على أنها تحارب الإرهاب في وقت تعاني فيه هذه الإدارة من ضغوط لا يعلم حجمها أحد أكثر من ترامب، الذي يبحث عن مخرج لنفسه اليوم في معركة إدلب.
 
الرئيس الأمريكي يعلم جيداً بأن عليه استغلال معركة إدلب حتى الرمق الأخير وحرفها لمصلحة أهدافه، وهذا ما يبرر كمّ التغريدات التي ينشرها هو ومساعدوه على حساباتهم الخاصة على المدونة الصغيرة "تويتر" والتي تظهر حجم الحاجة الأمريكية لعدم التفريط بمعركة إدلب وإرهابييها، فعلى سبيل المثال غرّد وزير الخارجية مايكل بومبيوقبل قبل عدة أيام قائلاً: "تعتبر أمريكا هذه (الحملة) على إدلب تصعيداً للنزاع الخطير أصلاً"، وأضاف بومبيو في تغريدة ثانية إن "ثلاثة ملايين من السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة ديارهم وموجودين حالياً في إدلب، سيعانون من هذا العدوان.. إنه ليس جيداً.. العالم يراقب الوضع".
 
منذ متى تخاف واشنطن على أرواح مواطني الشرق الأوسط وقد قتلت الآلاف منهم، ما تريده واشنطن هو استغلال رخيص لهذه الحالة الإنسانية وتطويعها لمصلحة أهدافها السياسية، وإلا ماذا يعني أن ترسل واشنطن حوالي 150 شاحنة محمّلة بأسلحة ثقيلة ومتوسطة إضافة إلى تأهيل وتوسيع مطار الشدادي وإنزال أسلحة ثقيلة فيه مؤخراً، المهم بالنسبة لأمريكا هو عرقلة أيّ حلّ قد تصل إليه تركيا وروسيا وإيران لإنهاء هذا الانتشار المسلّح هناك، وإعادة إدلب إلى الحضن السوري، وهذا طبيعي جداً إذا عرفنا أن إدلب هي آخر مساحة ممكن لواشنطن أن تلعب داخلها في الأزمة السورية.
 
روسيا
 
روسيا هذه المرة تعي جيداً أبعاد خطورة اللعبة السياسية والإعلامية والترويج الإعلامي لقصف سوريا على خلفية رغبة الدولة السورية بتحرير إدلب، لذلك وجدنا القادة الروس ينهجون خطاباً شديد اللهجة تجاه واشنطن في حال الاعتداء على السيادة السورية وأكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، كما حذّر وزير الخارجي سيرغي لافروف الغرب من "عدم اللعب بالنار" عبر محاولة القيام باستفزازات في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب السورية.
 
وكانت وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان تحدثتا في وقت سابق عن معلومات مؤكدة تفيد باستعداد إرهابيي تنظيم جبهة النصرة والمجموعات التابعة له لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في محافظة إدلب بغية اتهام القوات السورية حيث تم مؤخراً نقل 8 عبوات من الكلور إلى قرية تبعد بضعة كيلومترات عن مدينة جسر الشغور من أجل تمثيل هجوم كيميائي من قبل إرهابيي الحزب التركستاني وجبهة النصرة.‏
 
ختاماً.. الحكومة السورية تستعدّ لدخول إدلب واستعادة أهم الطرق الرئيسية فيها التي تصل عدة محافظات ببعضها البعض، والتحضيرات توشك على النهاية، ولكنها في الوقت نفسه لا تريد الدخول دون مراعاة وجود المدنيين الذين بدؤوا بالذهاب إلى مناطق أكثر أمناً، ناهيك عن رغبة الحكومة في نشر مسرحية واشنطن الجديدة بالوثائق والدلائل في جميع وسائل الإعلام، حتى لا تعطيها فرصة في منح نفسها امتيازاً لتقديم نفسها أنها تحارب الإرهاب في العالم.