قمة اسطنبول.. استعراض مجاني أم حل جذري؟!

قمة اسطنبول.. استعراض مجاني أم حل جذري؟!

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٣٠ أكتوبر ٢٠١٨

 رغم اختلاف وجهات النظر واختلاف المصالح اجتمعت كل من روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا في العاصمة التركية "اسطنبول" لإيجاد سبل للحل السياسي في سوريا، حيث اجتمع زعماء الدول الأربع في القصر التاريخي "وحيد الدين" المطل على مضيق البوسفور لمدة ثلاث ساعات متواصلة، وخرج المجتمعون ببيان ختامي ركز على أمرين: الأول: تطوير اتفاق إدلب للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل في البلاد، والثاني: الدفع بعملية السلام، من خلال الإصرار على إطلاق عمل اللجنة الدستورية قبل نهاية العام الحالي.
 
إلى أي مدى نجحت القمة وما هي الغاية منها؟!
 
على ما يبدو أن أنقرة تبحث عن صيغة عمل جديدة تمتطي من خلالها ظهر الأزمة السورية من جديد لتبييض صفحتها أمام الغرب، وإلا ماذا يعني أن تقوم بدعوة فرنسا وألمانيا دون دعوة إيران علماً أن الأخيرة لاعب سياسي مهم ومؤثر في الأزمة السورية، وتركيا تعلم جيداً أنه لا يمكن تجاوز إيران في قرار يخص سوريا، وبالتالي هل يمكن اعتبار ما قام به أردوغان مغازلة جديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الباحث عن إخراج إيران من سوريا بأي طريقة.
 
إذا كانت تركيا تبحث عن التهدئة في إدلب وتحييدها عن العنف وقتل الأبرياء، لماذا حشدت كل هذه القوات في إدلب وعلى الحدود مع إدلب؟، ولماذا تدعم الجماعات المسلحة حتى اللحظة وتمدها بالسلاح وفي نفس الوقت لا تستطيع السيطرة عليها ولا يمكنها أن تساهم في تنفيذ اتفاق إدلب على الأرض بشكل عملي ومع ذلك تدّعي أنها قادرة على حل الأزمة في إدلب بطريقة سلمية، إذا كان الأمر كذلك فإن الحكومة السورية هي أول من يبحث عن حل سلمي في إدلب، وإلا ماذا يمكن تفسير أن قوات الجيش السوري المحتشدة على تخوم إدلب لم تشن أي حملة عسكرية ضد المحافظة ولم تحرك آلياتها العسكرية بهذا الاتجاه، وهذا يعني أنها لا تزال تبحث عن طرق سلمية لتحييد المدنيين عن العنف، أما تركيا فما فعلته من خلال القمة الرباعية التي احتضنتها لا تعدو كونها استعراض فارغ من أي محتوى يخفف من الاحتقان القائم في سوريا، ويعطي فرصة لدول مثل فرنسا وألمانيا للدخول على خط الأزمة علماً أن دورهما غير مؤثر إلى حد كبير بعد أن سيطرت الحكومة على أغلب أراضي البلاد وخرجت الأمور عن سيطرة المسلحين الذين كانوا يتضامنون معهم.
 
حماس والنتيجة "صفر"
 
كان دخول بلدان فرنسا وألمانيا إلى محيط تركيا وروسيا أكثر رمزية من كونه إطاراً لتحديد مستقبل سوريا.
 
ومن ناحية أخرى يريد أردوغان من ادخال ألمانيا وفرنسا في عملية التسوية السورية، إظهار نفسه في موقع القوة والقرار وتضخيم دوره ومكانته السياسية الدولية من خلال تسليط الضوء على دوره في اللجنة الرباعية، وكأداة لزيادة شعبيته في تركيا وهو اليوم أحوج ما يكون إلى مثل هذه التصرفات في ظل الضغوط التي تتعرض لها البلاد.
 
ومن خلال مشاركة الدول الغربية في مثل هذه المفاوضات يمكنه إشراكها في تبعات زعزعة استقرار المنطقة في حال بقيت سوريا على هذا النحو وبالتالي توريطها بأنها مسؤولة أيضاً عن إعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المنطقة وإلا سيكون للأمر تبعات تصل لأوروبا والأهم إيصال رسالة مفادها أن تركيا لا يمكنها تحمّل كل هذه التبعات.
 
الجميع يأمل إنهاء الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن ولكن حتى اللحظة لم تقم بعض الدول بأي إجراءات عملية لإنهاء هذا الصراع، ويمكن أن نقول أن بعض هذه الاجتماعات تساهم بشكل أكبر في تأزيم الأوضاع، اليوم مثلاً إلى أين وصل اتفاق إدلب ولماذا تم تحييد إيران عن المفاوضات؟.
 
بعد كل اجتماع تبدأ الآمال تنتشر في وسائل الإعلام وتتحدث عن قرب نهاية الأزمة ووضع خارطة طريق لإنهائها لكن عندما نبحث على أرض الواقع ماذا جرى وإلى أين وصلت بنود الاتفاق، نجد أن النتيجة "صفر" وأن الوحيد القادر على تغيير المعادلة وفرض شروطه الجديدة هو الجيش السوري وحلفاؤه، أما الجهات الأخرى فيمكن القول بأن دورها معرقل ويصبّ الزيت على النار.
 
لا يمكن الاعتماد على الغرب في حلّ هذه المسائل والتاريخ أثبت ذلك، والعراق أنموذج واضح لهذا الأمر، وفي سوريا الجميع يتساءل عن دور واشنطن وماذا تفعل قواتها حتى اللحظة طالما أنها لم تحترم السيادة السورية ودخلت أراضيها عنوة، والمشكلة الحقيقة اليوم أن الغرب يتمسك دائماً بالسياسة الأمريكية، فيما أمريكا تتذرع بأنه يجب أولاً إخراج القوات الإيرانية وبعد ذلك يتم مناقشة العملية السياسية وإعادة الإعمار واللاجئين إلى سوريا.
 
يمكن القول إذا كانت تبحث هذه الدول عن حل في سوريا عليها أن تساهم في إعادة الإعمار وإيقاف تمويل الجماعات المسلحة والكفّ عن إطلاق تصريحات "خلّبية" لا أساس لها على أرض الواقع، ولا تعدو كونها استعراض سياسي لمصالح خاصة لا تخدم الشعب السوري بأي شيء، ولا يمكن التعويل على قمة اسطنبول طالما استبعدت دولاً مهمة لها دور في التسوية السورية، حتى أن موسكو لم تتأمل كثيراً من هذه القمة، وقالت إن نتائج القمة قد لا تشكل نقطة تحول في مسار الأزمة، إلا أنها تشكل منصة مهمة لتبادل الآراء وتعزيز التعاون بين الدول الأربع.