إيران: الحظر الأميركي يعني حظر كل شيء

إيران: الحظر الأميركي يعني حظر كل شيء

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٤ نوفمبر ٢٠١٨

 الحزمة الثانية وطبعا ليست الاخيرة من الحظر الاميركي على ايران ستدخل غدا وبشكل رسمي حيز التنفيذ. ورغم ان الحظر يستهدف المواطنين الايرانيين من جميع الجهات الا ان ترامب ومن لف لفه من صقور الادارة الاميركية يحاولون الايحاء بان هذا الحظر يستثني قطاعات الاغذية والادوية والمحاصيل الزراعية، في خطوة يرى المحللون بانها تأتي لحرف الراي العام العالمي.
لاشك ان الحزمة الثانية من الحظر الاميركي التي ستطبق غدا سيكون لها تداعياتها على القطاع الاقتصادي الايراني، لكن هناك عدة اسئلة تطرح نفسها في هذا المجال منها، ما مدى فاعلية هذا الحظر؟ وما مدى نجاحه في تحقيق الاهداف المتوخاة منه؟ هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا المجال، ولكن التأمل في نوع الحظر الذي يدخل حيز التنفيذ غدا وكذلك الحظر الذي بدأ منذ مايو/ايار الماضي وبالتالي التهديدات بحظر اخر وعد المسؤولون الاميركيون بتطبيقه، يكشف عن عدة نقاط اساسية.
النقطة الاولى هي ان ترامب ومن خلال حزمة الحظر الاولى المحددة بـ(90 يوما) واستهدفت العملة الصعبة، المعادن الثمينة، الالمنيوم وقطاع انتاج السيارات،كان يأمل من خلال الضغط على قطاع" البنى التحتية الايرانية" ارغام الحكومة الايرانية على العودة الى طاولة المفاوضات او بزعمه تغيير سلوكها الاقليمي. ورغم ان قطاع العملة الصعبة شهد تذبذبا بسبب هذا الحظر، الا ان الحكومة الايرانية اعتبرت هذا التهديد بانه يشكل فرصة لتحديد نقاط الضعف وترميمها. التغييرات التي شهدتها بعض القطاعات الاقتصادية والمالية هي خير دليل على هذا التوجه.
النقطة الثانية هي انه انطلاقا من يوم غد ستدخل الحزمة الثانية من الحظر حيز التنفيذ وستستهدف قطاعات الملاحة البحرية والمالية والطاقة. وخلافا للجولات السابقة من الحظر فانه وفي هذه الجولة لن تقف ايران في جهة واميركا وسائر الدول الاخرى في الجهة الاخرى من هذه الحرب الاقتصادية، وهذه النقطة هي التي تجعل ترامب يشكك أكثر من غيره في جدوائية وتاثير حظره الجديد. لم تألوا اميركا خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة عن بذل اي جهد لتشجيع الدول الاخرى على مواكبتها ضد ايران في هذه الجولة من الحظر عبر ارسال الوفود السياسية اليها. لكن غالبية هذه الوفود فشلت في تحقيق مآربها سوى في بعض البلدان التي تخضع للهيمنة الاميركية. في الواقع ان الرئيس الاميركي كان يامل في ظل الحزمة الجديدة من الحظر تصفير تصدير النفط الايراني، ولكنه عمليا فشل وارغم على استثناء 8 دول لحد الان من هذا الحظر.
النقطة الثالثة في هذا الخصوص هي ان ترامب ايضا يشعر باليأس حيال فاعلية هذه الجولة من الحظر، ولذلك فانه ورغم استثناء بعض الدول منها، لم يغلق العودة امام نفسه بشكل كامل ويتحدث عن تطبيق عقوبات جديدة في حال عدم نجاحه بشل ايران واعادتها الى طاولة المفاوضات. ولا يخفى على احد انه بعد الحظر الجديد لا تبقى لدى ترامب اي ورقة اخرى ليلعب بها و يرغم ايران على الانصياع له. لانه وخلافا لما يتشدق به ترامب فأن قطاعات الادوية والاغذية والمحاصيل الزراعية ايضا لم تكن بمأمن من شظايا الحظر الاميركي. وعلى هذا الاساس فان الخيار الوحيد المتبقي امام ترامب في حال عدم فاعلية الحظر هو فرض الحرب عليها. الخطوة التي يخشى ترامب اكثر من غيره القيام بها او حتى التفكير بها، من منطلق انه قد يكون البادئ بها ولكنه قد لا يكون من ينهيها لزوما. وفي نفس الوقت يبدو ان سمسار الادارة الاميركية غير مستعد ابدا لخوض هذه المغامرة وتعريض اعادة انتخابه ثانية الى الخطر. يبدو ان تجربة كارتر في التصدي للجمهورية الاسلامية الايرانية ماثلة نوعا ما امام ترامب.
النقطة الرابعة في هذا المجال هي عدم فاعلية الحظر الاميركي لاسقاط نظام الجمهورية الاسلامية في ايران ايران. في الواقع ان ترامب كان يأمل من خلال الحظر الجديد رؤية احتجاجات شعبية تحت يافطة المناوئين للنظام، تلك الخطوة التي يبدو واضحا انها وبعد اكثر من ستة اشهر من الحرب النفسية لم تتمخض عن اي نتيجة. قد تكون اهم انجازات الاتفاق النووي خلال السنوات الماضية هي ان الشعب الايراني بات لا يثق باميركا ابدا. وبناء عليه فانه وان كان الحظر الاميركي الجديد ضد ايران اكثر اتقانا من سابقاته الا ان واشنطن اصبحت وحيدة في هذه الخطوة الاحادية، ومن جهة اخرى فان الايرانيين باتوا اكثر خبرة من اي وقت مضى في الالتفاف على الحظر، ومن جهة ثالثة فان الشعي الايراني توصل الى نتيجة مفادها انه يجب عليه تعزيز حضوره في الساحة لمواجهة الحرب الاقتصادية والنفسية المفروضة عليه من قبل ترامب.
ختاما ينبغي التنويه الى ان المحللين الاقتصاديين الذين يعتقدون بان نجاح الحظر رهن بمدة محددة وفي حال فشله خلال تلك الفترة فانه وبشكل تلقائي سيفقد فاعليته وجدوائيته. حاليا وبناء على تصريحات المسؤولين الايرانيين فان البلاد لا تعاني من اي مشكلة في توفير العملة الصعبة والسلع الاساسية وانها جاهزة لمواجهة الحظر، إذاً.. لا يبقى سوى ان ننتظر ونرى الى اي مدى سيصر ترامب على تفسير احلامه الصبيانية المتمثلة باركاع ايران وارغامها على العودة الى طاولة المفاوضات. الحظر الاميركي يعني حظر كل شيء وطبعا من ناحية اميركا فقط التي تفرض الحظر على ايران منذ اربعين عاما.
ابو رضا صالح - العالم