هل تكسر أنقرة "بيضة القبان" في علاقتها مع واشنطن وموسكو؟

هل تكسر أنقرة "بيضة القبان" في علاقتها مع واشنطن وموسكو؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢١ نوفمبر ٢٠١٨

 لطالما شكلت العلاقات التركية_الأمريكية والتركية_الروسية جدلاً واسعا في الساحة السياسية خلال العقد الماضي أو بالأخرى بعد بداية الأزمة السورية وشهدنا خلال هذه المدة تأرجحا كبيرا في علاقة أنقرة مع كلا البلدين نتج عن اختلاف مصالح الثلاثة وتوافقها في حين أخر، ولا زالت هذه الدوامة مستمرة ولكن غليانها أصبح أكثر فوراناً وعلى ما يبدو أنه اقترب الموعد لكي تختار تركيا إلى اي جهة من كفتي الميزان ستتجه، فهناك ضغوط امريكية كبيرة وتهديد بالعقوبات بشكل مستمر وفي الجهة المقابلة هناك مصالح لابد من الحفاظ عليها مع روسيا والتي تشكل بنفس الوقت ورقة رابحة للأتراك للضغط على الأمريكي والحديث يجري اليوم عن صفقة "اس 400" والتي أشعلت النار تحت واشنطن وما زالت تبحث عن مخرج لإنهاء هذه الصفقة بأي ثمن، فهل ستتنازل تركيا عن هذه الصفقة وكيف سيكون مستقبل العلاقات بين هذه الدول في المستقبل؟.
 
القلق التركي
 
تريكا تعلم جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية لاعب سياسي خطير ولا يمكن الوثوق به بسهولة وقد امتحنت ذلك أنقرة في الأزمة السورية وشاهدت كيف خذلت واشنطن الأكراد لكنها لم تتخلى عنهم وما زالت تمدهم بالسلاح وهذا ما يقلق تركيا الباحثة عن اضعافهم وتفريغ قدراتهم من محتواها وبالتالي لازال الأكراد يشكلون ورقة ضغط امريكية ناجعة على الأتراك ولا نعتقد أن واشنطن ستتخلى عنهم بسهولة، الأمر الثاني الذي يقلق انقرة أنه لا ضمانات مع الامريكي لمنعه من فرض العقوبات في المستقبل والمشكلة الأهم أن التركي حتى ولو تنازل للأمريكي فإن الأخير لن يبادله ذلك ومعادلة القس أندرو برانسون وفتح الله غولن واضحة في هذا السياق، إذا مالحل ؟!.
 
الأتراك يضغطون
 
تركيا أكدت مرارا أنها لن تتخلى عن صفقة منظومة الصواريخ "اس 400" الدفاعية ولكن تبقى هذه التصريحات مشكوك بها لكوننا سمعنا تصريحات مشابهة لها فيما يخص الافراج عن القس برانسون، ومع ذلك قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس الثلاثاء إن شراء تركيا لمنظومة صواريخ "أس 400" الدفاعية المتقدمة من روسيا صفقة محسومة ولا يمكن أن تلغى. وأضاف أن أنقرة تحتاج لمزيد من المشتريات الدفاعية التي يمكن الحصول عليها من الولايات المتحدة.
 
وقال للصحفيين بعد اجتماع مع نظيره الأميركي مايك بومبيو "الصفقة الراهنة محسومة لا أستطيع أن ألغيها.. لكنني أحتاج للمزيد، وأفضل أن أشتري من حلفائي".
 
واضح من كلام أوغلو أن تركيا تحاول أن تجاري الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها وتمسك العصا من المنتصف على نسق ما يفعل الأمريكي، فهي تقول انها لن تتخلى عن الصفقة لكنها تركت الباب مفتوح لواشنط لكي تقدم مقترحات ربما تجعلها تتخلى عنها في حال كان العرض الأمريكي اكثر اغرائا.
 
أبرز ما تبحث عنه تركيا هذه الأيام
 
استرداد غولن
 
تبحث تركيا عن استرداد المعارض التركي فتح الله غولن واعادته إلى تركيا لكن الولايات المتحدة الأمريكية لازالت تناور في هذا الموضوع، فبعد أن كانت قناة "NBC" الأمريكية، كشفت أن ترامب يدرس خيارات مختلفة لترحيل غولن إلى تركيا بوسائل قانونية من أجل تخفيف حدة المطالب التركية من السعودية في إطار قضية اغتيال خاشقجي، الذي قتل يوم 2 أكتوبر داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، عاد ترامب بدوره ليؤكد أنه لا يدرس ترحيل غولن إلى تركيا لتخفف ضغطها على السعودية إثر مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
 
وأضاف ترامب: "إننا نبحث دائماً عمَّا يمكننا القيام به من أجل الدول التي علاقاتنا معها نزيهة وجيدة، بما في ذلك تركيا، ورئيسها رجب طيب أردوغان، وهو شخص قوي وقاس، وصديق لي، وسنفعل ما نستطيعه وهذا ما ننظر فيه دائماً، لكن ليس من وجهة النظر هذه".
 
الكف عن حماية الأكراد
 
قطع العلاقة مع الأكراد أمر أساسي بالنسبة لتركيا لكي تعود العلاقة مع واشنطن لسابق عهدها، والأمر الأخر الذي تبحث عن أنقرة هو أن تفتح لها أمريكا مجالا في غرب الفرات لإكمال مشروعها هناك، لكن في الحقيقة امريكا تمسك العصا من المنتصف في ملف الأكراد.
 
مثال: يعتبر البعض أن اعلان السفارة الأمريكية في أنقرة في 6 من الشهر الجاري عن مكافأة بملايين الدولارات مقابل الإدلاء بمعلومات تساعد في القبض على 3 من قيادات حزب العمال الكردستاني (صنفته الولايات المتحدة منظمة إرهابية) هو بمثابة نوع من الغزل أبدته واشنطن تجاه انقرة.
 
لكن في المقابل وجدنا الرئيس الأمريكي الذي كان يجلس مع الرئيس التركي على مأدبة عشاء في فرنسا على هامش احتفالات ذكرى الحرب العالمية الأولى، أقام مأدبة موازية ذات دلالة جمعت جنرالات أمريكيين ومقاتلين أكراداً في الولايات المتحدة في مناسبة الاحتفال بعيد المحاربين القدماء؛ وهو لقاء استدعى تعليقًا تركيًّا رفيعا من قِبل وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار"، طالب فيه واشنطن بالالتزام بوعودها في وقف دعم المقاتلين الأكراد، معتبراً أنه من غير المقبول أن تستمر الولايات المتحدة في تزويد الأكراد بالأسلحة والذخيرة عبر شاحنات وطائرات رغم تحييد تنظيم "داعش" في سوريا إلى حد كبير.
 
البنتاغون يتحرك
 
يحاول البنتاغون انهاء صفقة "اس 400" بين روسيا وتركيا بأي شكل من الأشكال لأنهم يعتبرون إيصالها تركيا هو خطر كبير على عمق الناتو الاستراتيجي، وعل هذا الاساس قالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إنها تعمل في الوقت الحالي مع الكونغرس للمساعدة في  إيجاد بدائل لمنظومة الدفاع الصاورخي الروسية إس 400 من أجل تزويد تركيا بها.