«أنصار الله» تضرب جواً في العند: إنهاء التحايل أو عودة القتال

«أنصار الله» تضرب جواً في العند: إنهاء التحايل أو عودة القتال

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١١ يناير ٢٠١٩

بعدما بدا أن الهدف من وراء التسويف في تنفيذ اتفاقات السويد، إفراغها من مضمونها، وتحويلها إلى هزيمة لـ«أنصار الله» ظلّت مستعصية طوال سنوات، رفعت الحركة سقف اعتراضاتها، مُخرجةً إياها من دائرة القول إلى الفعل، الذي جاء على قدر الرسالة المراد إيصالها
 
كسر الجيش اليمني واللجان الشعبية الجمود المسيطر على المشهد الميداني منذ إعلان اتفاقات السويد، بتنفيذهما «عملية جوية نوعية» حملت رسائل عسكرية وسياسية متعددة. رسائل بدا واضحاً أثرها الصادم في صفوف الجبهة الموالية لـ«التحالف»، التي كانت حتى وقت قريب تمارس «التعنتر» ضد «أنصار الله»، وتسعى إلى التحايل على تفاهمات استوكهولم. لكن، ومع تطورات يوم أمس، باتت الأزمة مفتوحة على احتمالات جديدة، ليس مستبعداً من بينها عودة التصعيد، وانهيار مساعي إحلال السلام، ما لم تبادر الرياض وأبو ظبي الى إعادة حساباتهما.
وبعد أقلّ من شهرين على إعلانها «إيقاف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة»، نفذت القوات الجوية، صباح الخميس، هجوماً بطائرة «استشهادية» على قاعدة العند في محافظة لحج (جنوب)، حيث كان يُقام عرض عسكري للقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. وأفادت مصادر عسكرية من «أنصار الله»، «الأخبار»، بأن الطائرة المسيّرة التي نفذت الهجوم، والمُسمّاة «قاصف 2 K»، هي «طائرة متطورة جداً، ولا تستطيع أنظمة الرادار التقاطها»، موضحة أنها «تنفجر فوق الهدف على بعد 20 متراً، وتنزل بسرعة على شكل شظايا، حيث بإمكانها إيقاع خسائر كبيرة»، مُشبّهة إياها بـ«الصواريخ الجديدة المُطوّرة». وعن حصيلة العملية التي عدّتها «أنصار الله» «تدشيناً للعام القتالي الجديد»، أشارت المصادر إلى وقوع 5 قتلى على الأقل، و«عدد كبير من الجرحى»، بينهم رئيس هيئة الأركان في القوات الموالية لهادي عبد الله النخعي، ونائبه صالح الزنداني، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة فضل حسن، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية محمد صالح طماح، الذي وُصفت إصابته بـ«الخطيرة».
في دلالات الهجوم، الذي جاء «بعد عملية استخبارية» وفق بيان المتحدث باسم الجيش واللجان الشعبية يحيى سريع، يبدو واضحاً أن قدرات سلاح الجو المسير لا تزال تسلك مساراً تصاعدياً، يفوق توقعات الجبهة الموالية لـ«التحالف» وتقديراتها، وهو ما يمكن استشفافه من خلال حالة الذهول التي سيطرت على تلك الجبهة عقب العملية. أما على المستوى السياسي، فإن الرسالة التي حُمّلت بها «قاصف 2 K» تصبّ في اتجاه تنبيه السعودية والإمارات وحلفائهما إلى أن «أنصار الله» ليست في موقع مَن هو مكتوف اليدين، وأن قبولها تسوية في مدينة الحديدة لا يعني أن الباب بات مفتوحاً أمام قيادة العدوان للتسلّل ومحاولة إرغام الحركة بالتحذلق السياسي على تقديم تنازلات هي أشبه بإعلان الهزيمة طواعية. ولعلّ ذلك هو ما أراد إيصاله متحدث القوات المسلحة، عندما توعّد بأن «عام 2019 سيكون عام الانتصارات والعمليات النوعية ما لم تجنح قوى العدوان ومرتزقتها إلى السلام».
على المقلب المضاد، وبعدما واظبت حكومة هادي، طوال الأيام الماضية، على رفع سقف مطالبها، مُشترطةً انسحاب «أنصار الله» من مدينة الحديدة ومينائها للانخراط في أي مشاورات جديدة، ومُلوّحة بالعودة إلى التصعيد العسكري، لجأت أمس إلى أسلوب «التمسكن»، شاكية «عدم جدية الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها الملزمة»، وداعية إلى «اتخاذ أفعال جادة وليس إدانات كلامية». وفي الاتجاه نفسه، جاء تعليق وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي اتهم «أنصار الله» بأنها ترى في «مفاوضات السلام تكتيكاً وليس التزاماً»، مطالباً المنظمة الدولية بـ«مزيد من الضغط». ردود ربما تنم عن نية «التحالف» والقوى الموالية له الاستمرار في وضع العراقيل أمام تنفيذ اتفاقات السويد، بالاستفادة من هشاشة الموقف الأممي، الذي ذهبت سلطات صنعاء، أمس، إلى أبعد من ذلك في توصيفه، متهمة رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار»، الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت، بـ«الانحياز إلى الطرف الآخر وتبنّي رؤيته». 
لكن، حتى لو صدقت نيات المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، فسيظلّ عاجزاً عن فرض إرادته، ما لم يتوافر دفع دولي ــــ وتحديداً أميركي ــــ جادّ، نحو إنهاء الحرب وإحلال التسوية. ومع ذلك، يواصل الرجل محاولاته استكمال الملفات العالقة منذ مشاورات السويد، بهدف الانتقال إلى جولة تفاوضية جديدة ذات طابع سياسي. وفي السياق المتقدم، طلب غريفيث من الأردن استضافة اجتماع للجنة المشرفة على ملف تبادل الأسرى الأسبوع المقبل، بحسب ما أعلن أمس وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. وتعقيباً على هذا الإعلان، أوضح عضو وفد صنعاء التفاوضي، سليم المغلس، في حديث إلى «الأخبار»، أن الاجتماعات المنتظرة في عمّان ستقتصر على «بعض الفنيين المعنيين»، بهدف بحث المشكلات التي لم تتمّ حلحلتها في السويد كـ«الأزمة الاقتصادية»، أو تلك التي اتُفق على معالجة لها لم تُنفّذ بعد مثلما هي حال «اتفاق التبادل».