خطاب ترامب عن حال الاتحاد: لنتوحّد... ولكن سأبني الجدار!

خطاب ترامب عن حال الاتحاد: لنتوحّد... ولكن سأبني الجدار!

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٧ فبراير ٢٠١٩

كان خطاب الاتحاد الذي ألقاه دونالد ترامب، أول من أمس، فرصة للتقرّب من الديموقراطيين، والأميركيين، والتمهيد للترشّح لانتخابات الرئاسة المقبلة في عام 2020. لكن، وسط كل ذلك، سعى ترامب إلى تكريس فكرة بناء الجدار مع المكسيك على أنها أمر واقع لا يمكن الهروب منه
يُتقن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، استخدام لهجة تصالحية تجاه خصومه الديموقراطيين من وقت إلى آخر، وهو يلجأ إليها في خطاباته عن حال الاتحاد، في محاولة لتخطّي مفاعيل تغريداته وتصريحاته التي يهاجم في سياقها معارضيه، وينعتهم بشتّى الصفات. «الأجندة التي سأعرضها اليوم ليست جمهورية ولا ديموقراطية. إنها أجندة الشعب الأميركي»، بهذه العبارة بدأ ترامب خطابه عن حال الاتحاد، أول من أمس، مردّداً ما كان قد صرّح به في خطابه خلال العام الماضي، عندما قال: «إننا هنا، لا كجمهوريين ولا ديموقراطيين، بل كممثلين عن الشعب». وإذ حضّ الأميركيين على الوحدة سعياً منه لطيّ صفحة سنتين من الانقسام الحزبي، إلا أن التوتر السياسي السائد في واشنطن، وتصريحاته في شأن الهجرة، تجعل هذه المهمة شائكة. 
كان الهدف الرئيسي من الخطاب ــ حيث قاطعه عدة مرات الجمهوريون بالتصفيق الحاد ــ عرض رؤية رئاسية أكثر شمولية استعداداً لانتخابات عام 2020. إلا أن الانقسام لا يزال شديداً في البلاد، منذ توليه السلطة وصولاً إلى كل جانب من الحياة السياسية تقريباً. وكان هذا الانقسام ظاهراً منذ دخوله مجلس النواب، حيث تَدافع الجمهوريون لمصافحته، فيما بقي معظم الديموقراطيين بعيداً منه. هناك، في خطابه التقليدي عن حال الاتحاد، كثّف ترامب الدعوات إلى التسوية وتجاوز الخلافات الحزبية، لكن الديموقراطيين سارعوا إلى رفض بادرته بعد إصراره في الخطاب على بناء الجدار المثير للجدل على الحدود الأميركية ــ المكسيكية، ما يُنذر بتوتر سياسي جديد في المستقبل القريب.
ترامب شدد على أقوى ورقة في يده أمام الناخبين، هي الازدهار الاقتصادي، قائلاً إن «لدينا أفضل اقتصاد في العالم». ولفت إلى أن هناك «معجزة اقتصادية تحدث في الولايات المتحدة، والأشياء الوحيدة التي يمكن أن توقفها هي الحروب الحمقاء أو السياسة أو التحقيقات السخيفة والمنحازة»، في إشارة مبطنة إلى التحقيقات التي تواجهها إدارته، وتشكل من وجهة نظره تهديداً لمساعيه لجعل «أميركا عظيمة مجدداً». وفيما كان يمازح أعضاء الكونغرس أحياناً، وفي أحيان أخرى يتحدث باندفاع، قال ترامب: «يجب أن نرفض سياسات الانتقام، وأن نغتنم الإمكانات اللامحدودة من التعاون والوفاق». وأضاف: «يُمكننا جعل مجتمعاتنا أكثر أماناً، وعائلاتنا أقوى، وثقافتنا أكثر غنى، وإيماننا أكثر عمقاً، وطبقتنا المتوسطة أكبر وأكثر ازدهاراً من أي وقت مضى». حين وصل ترامب إلى موضوعه المفضّل، وهو بناء جدار على الحدود المكسيكية لوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين، كان الديموقراطيون يهزّون رؤوسهم بغضب. في هذا الإطار، قال: «بكلّ بساطة، الجدران تنفع والجدران تُنقذ أرواحاً. لذا، دعونا نعمل معاً على تسوية، ولنتوصّل إلى اتفاق يجعل أميركا آمنة حقاً». وأضاف بلهجة تحدٍّ: «سأبنيه»، وسط تصفيق حاد من الجمهوريين وصمت من الديموقراطيين.
على صعيد السياسة الخارجية، أكد ترامب مجدداً تصميمه على سحب القوات الأميركية من أفغانستان وسوريا في أسرع وقت ممكن، مشيراً إلى محادثات «بنّاءة» مع حركة «طالبان» «شهدت تسارعاً». لكن حديثه عن نجاحاته في مجال السياسة الخارجية لا يلقى أصداءً واسعة حتى في صفوف حزبه، الذين يتخوفون من خسارة النفوذ الأميركي على الساحة الدولية، وهو ما يقف وراء عدم تحديده جدولاً زمنياً لهذا الانسحاب، ما يبقي عدم الوضوح طاغياً في هذا الشأن، ولا سيما بعدما كان قد أعلن، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، انسحاباً مباشراً من سوريا. 
من جهة أخرى، أعلن ترامب أنه سيواصل دبلوماسيته مع كوريا الشمالية، عبر لقاء الزعيم كيم جونغ أون في 27 و 28 شباط/ فبراير في فيتنام. «لو لم أُنتخب رئيساً للولايات المتحدة، لكنا الآن، برأيي، في حرب كبرى مع كوريا الشمالية»، قال، ملمّحاً بذلك إلى أن وجوده الشخصي هو ما يمنع الحرب، ما ربطه البعض بإمكانية أن تتحول هذه النظرية إلى أساس لحملته الانتخابية لعام 2020. وللهدف ذاته، لم ينسَ الإشارة إلى تحقيق «وعده» بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، حيث قال: «عملنا دائماً على مواجهة دعاة الإرهاب، ومن بينهم النظام المتطرف في إيران». وأشار إلى أنه «لضمان عدم حصول هذه الديكتاتورية الفاسدة على أسلحة نووية، انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية الكارثية».
وفي ملف فنزويلا، واصل ترامب الضغوط على الرئيس اليساري نيكولاس مادورو، قائلاً: «نقف مع الشعب الفنزويلي في سعيه النبيل إلى الحرية». وأضاف: «نُدين وحشية نظام مادورو، الذي أدت سياسته الاشتراكية إلى تحويل البلاد من أغنى دولة في أميركا الحنوبية إلى حالة من الفقر واليأس». وانطلاقاً من فنزويلا، عاد الرئيس الأميركي إلى عدائه للاشتراكية، ليربطها ببعض الديموقراطيين الذين يدّعون أنهم «ديموقراطيون اشتراكيون». «هنا، في الولايات المتحدة، نشعر بالقلق من الدعوات لتبنّي الاشتراكية في بلدنا»، قال ترامب، مضيفاً: «لقد خلقنا أحراراً، وسنبقى أحراراً». وختم هذه الفكرة بالقول: «اليوم، نجدّد عزمنا على أن أميركا لن تكون أبداً بلداً اشتراكياً».