الولايات المتحدة في أحداث  السودان… هل مقترحات البشير الأخيرة للأزمة جاءت من واشنطن؟

الولايات المتحدة في أحداث السودان… هل مقترحات البشير الأخيرة للأزمة جاءت من واشنطن؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٥ فبراير ٢٠١٩

“راي اليوم” ـ كمال خلف:
لم يكن وصول مدير شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي “سيريل سارتور” إلى الخرطوم  وقبل أن يلقي الرئيس عمر البشير خطابه الهام من باب الصدفة، يبدو أن  “سارتور” حمل الأفكار التي قالها البشير، “تعيين حكومة تصريف الأعمال، وفرض حالة الطوارئ، وحل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية” تأجيل نظر البرلمان بالتعديلات الدستورية التي تمهد الطريق البشير ، للترشح لانتخابات 2020 .
 وهذا يفسر ربما أن رجال السلطة في السودان باتوا يبدون أكثر ثقة بمرور الإجراءات التي أعلنها البشير في خطابه رغم إجماع أحزاب المعارضة على رفض ما جاء به، وإعلان الاستمرار في التظاهرات . بعض المصادر المقربة من البشير تؤكد أنه  رغم رفض المعارضة لإجراءات البشير الا انها سوف تغير رأيها لاحقا وتنخرط في الحوار، وقد تكون هذه الثقة نابعة من كون الإدارة الامريكية هي من يقف خلف هذه المبادرة .
وتخشى الولايات المتحدة من ارتفاع إعداد قتلى المظاهرات ، وهذا ما سيجير الإدارة على نسف مسار الحوار مع حكومة البشير ، وإيقاف توجه الإدارة نحو رفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب .  لذلك تسعى واشنطن للدخول على خط الأزمة في السودان . وترتيب الأوضاع هناك بما لا يؤثر على مسارها في نقل السودان إلى موقع آخر تماما . خاصة أنها اتخذت من السودان مقرا لأكبر قاعدة  لعمليات التجسس في المنطقة ،  بموافقة البشير .
ورفعت الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2017 عقوبات اقتصادية فرضتها على السودان منذ عام 1997، لكنها أبقت عليه في قائمة الدول الراعية للإرهاب لحين الإيفاء بحزمة اشتراطات متعلقة بخمسة مسارات منها حقوق الإنسان والحريات الدينية.
وبدأت بعض النخب السودانية مؤخرا تطرح جدوى انتقال السودان من محور ايران و حركات المقاومة ، إلى محور الغرب ودول الخليج ، طالما أن هذا الانتقال لم يوفر حلا للأزمة الاقتصادية للبلاد . إلا أنه وفر حلا ما بعد التظاهرات بتشكيل شبكة أمان البشير في وجه حركة الاحتجاج ، من خلال الدعم الخليجي والمصري و الأمريكي.
ولا يخلو إعلان البشير وقوفه في منصة قومية وعلى مسافة واحدة من الجميع موالين ومعارضين كما قال في خطابه  من المجازفة ، لأنه بهذا يبتعد خطوة إضافية عن حزبه “حزب المؤتمر الوطني ” ويسمح لجناح داخل الحزب بالانقلاب عليه وتغيير قواعد اللعبة بالكامل في السودان . هذا الأمر غير مستبعد . وإذا ما أضيف إليه أبعاد البشير لقادة اسلاميين من مراكز القرار في الجيش والأجهزة الأمنية  ضمن مسار الحوار مع الولايات المتحدة ، فإن هذا الوضع قد يساهم في حسم تردد الإسلاميين في الانضمام إلى حركة الاحتجاج.
لا يعني حضور هذه السناريوهات في المشهد بأنها  تشكل تحديا للإدارة الأمريكية ، فهي انخرطت في مسار إعادة تأهيل النظام السوداني دوليا ، بطلب من السعودية والامارات، بعد الحصول على موافقة البشير على الاشتراطات الأمريكية، لكنها في ذات الوقت لديها حساباتها لكل الاحتمالات.