هل من دور إسرائيلي في النزاع الأخير بين الهند وباكستان؟

هل من دور إسرائيلي في النزاع الأخير بين الهند وباكستان؟

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٠ مارس ٢٠١٩

بعد مرور أسبوع على الاشتباك الجوي الهندي الباكستاني، أسقطت الهند أمس السبت طائرة مسيّرة باكستانية. وأعلنت إسلام آباد إغلاق مجالها الجوي لمدة ثلاثة أيام.
 
وما يثير الدهشة هو انتشار إشاعة منذ أيام روّجت لها بعض وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي في باكستان عن أن هناك طياراً إسرائيلياً أسيراً لدى الحكومة الباكستانية، كان على متن إحدى الطائرتين الهنديتين اللتين أسقطتهما باكستان. ولعل الأمر يرتبط بعملية التعبئة الشعبية الباكستانية ضد الهند من خلال ربطها بـ"إسرائيل" بسبب العداء الشعبي للكيان الصهيوني في باكستان، ودعمه للقضية الفلسطينية.
التوتر بين الجارتين النوويتين لم يتراجع كلّياً، على الرغم من الوساطات والدعوات الدولية والإقليمية للتهدئة وضبط النفس. ولا تزال الهند تصرّ على أن باكستان "تخفي الكثير" بخصوص تواجد مقاتلي "جيش محمد" على أراضيها، لأن إسلام أباد قد منعت الصحافيين من دخول موقع الغارة الجوية التي نفذتها مقاتلات هندية داخل الأراضي الباكستانية لموقع قالت إنه لـ"جيش محمد".
وقد ازداد الحديث مؤخراً عن دور إسرائيلي في التوتر بين البلدين، خصوصاً بعد الكشف عن استخدام الهند قنابل إسرائيلية الصنع في قصفها للمواقع في باكستان.
الكاتب والصحافي من باكستان طارق محيي الدين أكد للميادين نت أن هناك من دون شك علاقة قديمة واستراتيجية على الصعيد العسكري والدفاعي بين الهند و"إسرائيل"، وعملية استخدام الأسلحة الإسرئيلية هو أمر طبيعي طالما أن "إسرائيل" تقوم بتجهيز الطائرات الهندية.  
وأضاف محيي الدين أن المؤشرات تشي أن تل أبيب على تعاون وطيد جداً مع نيودلهي، ما يكشف العداء المباشر الإسرائيلي لباكستان، لمصلحة الهند. وأوضح أن "إسرائيل" تتخوف من المنظومة الباكستانية للصواريخ الطويلة المدى التي قد تصل إلى تل أبيب. ففي عام 1985 حاولت "ضرب المفاعلات النووية الباكستانية لمنعها من أن تكون قوة نووية، وبالتالي فإن التاريخ يعكس هذا العداء الإسرائيلي.
الكاتب والصحافي الباكستاني زهير خان وفي حوار مع الميادين نت أيّد ما تحدث عنه محيي الدين عن وجود أصابع إسرائيلية في التوتر القائم. وقال خان للميادين نت إن ما يؤكد ذلك هو التعاون العسكري بين تل أبيب ونيودلهي، حيث ذهب رئيس الوزراء الهندي إلى تل أبيب وتمّ الاتفاق على توسيع التعاون في مجال الأسلحة واستخدامها ضد باكستان.
الدور الأميركي
وأما بشأن دور الولايات المتحدة الأميركية في الأزمة، والتحول في موقف الإدارة الأميركية تجاه باكستان وتحالفها مع الهند وانخفاض نسبة الدعم الأميركي لباكستان، يؤكد محيي الدين أن هناك دوراً أميركياً متحيزاً بشكل واضح للهند، "ما يجبر واشنطن على اتباع سياسة التهدئة أنها ما زالت بحاجة إلى باكستان لاسيما في ملفات إقليمية مثل الملف الأفغاني والتفاوض مع حركة طالبان، لأن واشنطن تعلم جيداً أنه من دون باكستان لن تنجح".
 
"انحياز للولايات المتحدة للهند بسبب المصالح الاستراتيجية التي تربطها مع نيودلهي، ووجود اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الذي يعتبر الآن من أقوى اللوبيات في عهد الرئيس دونالد ترامب يجعل الإدارة الأميركية تنحاز إلى الهند"، على حد تعبير محيي الدين.
من جهته قال المحلل زهير خان إنه مع مجيء إدارة ترامب، انهارت العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة إلى الحضيض، وخفض ترامب المساعدات العسكرية عن باكستان بشكل كبير، وزاد القيود والضغوط عليها، وهذا ما دفع بباكستان إلى البحث عن مصادر أخرى للأسلحة لأنها تواجه أوضاعاً خطيرة مع الهند.
وأوضح خان أن ترامب بدأ العمل بعد التطورات الأخيرة على رأب الصدع لنزع فتيل التوتر بين الهند وباكستان، وحتى بطلب من نيودلهي نفسها بعد إسقاط باكستان طائرتين لها. وأضاف أن قائد الجيش الباكستاني قال قبل يومين إنه وبرغم انخفاض حدة التوتر مع الهند فإن أخطار الحرب والتصعيد لا تزال على حدتها وحالها، وهناك خطورة كبرى من اندلاع حرب ونزاع كبير بين باكستان والهند النوويتين.
ورأى خان أن "الخطر لا يكمن من الجانب الهندي عبر الاشتباكات والعمليات الجوية فقط لإشعال فتيل الحرب، بل من أفغاستان التي تتشارك أخطر الحدود مع باكستان وتأوي شركات متشددة وعناصر إرهابية عابرة للحدود الطويلة". وأشار إلى أن "الخطر الأشد من أن تقوم بعض الجماعات المتشددة بعمليات إرهابية تخريبية داخل الأراضي الباكستانية لإشعال فتيل الحرب بين الهند وباكستان".
زيارة محمد بن سلمان
وعن الدور السعودي وزيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى باكستان والهند في جولته الآسيوية الأخيرة، اعتبر محيي الدين أن "موقف إبن سلمان لا يدعم باكستان فعلياً". وأشار إلى أنه عندما سئل وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير في وسائل الإعلام الهندية عن إدانة السعودية مباشرة للأعمال "الإرهابية" الباكستانية كما تصفها الهند، كانت إجابة الجبير واضحة وصريحة إذ قال "نحن نثمّن باكستان في جهودها لمكافحة الإرهاب وهي دفعت 70 ألف قتيل لمكافحة الإرهاب، ولكن لا بدّ أن تكون هناك آلية إقليمية بين دول الإقليم ولاسيما بين الهند ونيودلهي لمكافحة هذه الآفة، والتي ليست لها صبغة باكستانية ولا هندية ولا أي صبغة إقليمية، وبالتالي يجب أن يكون هناك تعاون بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب".
 
ويستبعد محيي الدين أن زيارة ولي العهد السعودي إلى إسلام آباد كانت لتحريض متطرفي باكستان في مواجهة إيران، ورفض أن "يكون إبن سلمان قد ضغط على باكستان للقيام بأي عمل داخل إيران من خلال بعض الجماعات المتطرفة في البلاد".
 
وقال محيي الدين: "حتى لو كان ذلك صحيحاً على سبيل الجدل، فإن باكستان لم تخضع لأي إملاءات سعودية ومن أي دولة أخرى، والدليل على ذلك أن باكستان ورغم الضغوطات الكبيرة التي تعرضت لها من قبل السعودية لإرسال قوات نظامية إلى داخل اليمن، لم تشارك مباشرة في التحالف السعودي ضد اليمن". وتابع أن "اسلام آباد تثّمن علاقاتها مع ايران بشكل كبير جداً والناطق باسم الجيش الباكستاني قال في مؤتمرات صحافية عديدة إن "علاقتنا مع ايران وطيدة جداً ونثمّنها ونحن على تنسيق كامل مع طهران سواء على المستوى الاستخباراتي أو العسكري والسياسي لدحر عناصر الجماعات الإرهابية التي تعمل على طول الخط بين باكستان وإيران، وبالتالي فإن إسلام آباد تتخذ سياسة التوازن الإقليمي في المنطقة".
 
وبحسب محيي الدين، فإن باكستان كانت تعوّل كثيراً على زيارة ولي العهد السعودي لها، وعلقت آمالاً كبرى عليها، ولكن مقارنة بين نسبة الاستثمارات التي تمّ الاتفاق عليها بين السعودية وباكستان وبين السعودية والهند يظهر أن النسبة التي ستستثمر بها السعودية في باكستان هي ربع الاستثمارات في الهند. وهذا الفرق يشير إلى أنه وبالرغم من أن هذه الاستثمارات ساعدت في دعم الاقتصاد الباكستاني، إلا أن حجم الاستثمارات في الهند كانت أكبر بكثير، ما يعني أن السعودية تدعم الهند أكثر.