حركة طائرات إماراتية وروسية في بنغازي: الدعم الخارجي آخر أوراق حفتر

حركة طائرات إماراتية وروسية في بنغازي: الدعم الخارجي آخر أوراق حفتر

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٣ أبريل ٢٠١٩

يبدو أن التصعيد الدائر حالياً على أطراف العاصمة الليبية طرابلس وصل إلى نقطة لا رجعة عنها، إذ إن رفض خصوم خليفة حفتر إنهاء الفصل المتجدد من الحرب على نحو ما يشتهيه الأخير جعل من البحث عن دعم عسكري خارجي لمواصلة الهجوم الخيار الوحيد أمام الرجل، بعدما تعثرت قواته عند أطراف العاصمة، ولم تستطع استقطاب الميليشيات الفاعلة في الغرب إلى جانبها.
اشتدّت، في خلال الساعات الماضية، حدّة المعارك بين قوات حكومة الوفاق، وقوات المشير خليفة حفتر، في الضاحية الجنوبية للعاصمة طرابلس، موقعة مزيداً من القتلى، ومتسببة بدفع أسر إضافية إلى النزوح. وترافق احتدام المعارك مع غارات جوية استهدفت وادي الربيع في الضاحية الجنوبية، وتاجوراء في الضاحية الشرقية، حيث سُمع صوت إطلاق مضادات جوية، علماً بأن هذه المنطقة تضمّ مطار معيتيقة، الوحيد العامل في طرابلس، والذي استهدف قبل أيام بغارة جوية أعلنت قوات حفتر مسؤوليتها عنها. كذلك، استهدفت غارة أخرى ثكنة مهجورة جنوبي مدينة زوارة قرب الحدود التونسية، على بعد مئة كلم غربي طرابلس. وقال مصدر أمني «(إننا) لا نفهم أسباب هذه الغارة» التي نسبها إلى قوات حفتر، موضحاً أن القوات المتمركزة في المدينة لا تشارك في المواجهات. وأدى اشتداد الاشتباكات في محيط طرابلس إلى وقوع موجات نزوح إضافية، بعد تسجيل نزوح أكثر من ثمانية آلاف شخص نصفهم يومَي الأربعاء والخميس بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة أمس. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية، ريال لوبلان، إن «حركة النزوح من المناطق التي تأثرت بالاشتباكات في ازدياد». وأضاف إن «عائلات عدة عالقة في المناطق التي تشهد معارك، والأمم المتحدة قلقة على سلامتها».
سياسياً، أصدرت دول الاتحاد الأوروبي الـ 28، في وقت متأخر من مساء الخميس، إعلاناً مشتركاً، دعت فيه «كل الأطراف إلى الوقف الفوري لكل العمليات العسكرية»، بعدما رفضت فرنسا توجيه الدعوة حصراً إلى قوات حفتر، ليقتصر البند الذي تطرّق إلى هذه الأخيرة على مطالبتها بـ«الانسحاب، واحترام كل الهدنات التي دعت إليها الأمم المتحدة». من جهتها، أعلنت السلطات الفرنسية، أمس، أنها «تتحدث مع أطراف النزاع كافة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار»، رافضة تأكيد ما كشفته صحيفة «ريبابليكا» الإيطالية، من أن حفتر أرسل الخميس قبل الماضي، أي يوم إطلاقه الهجوم على طرابلس، وفداً حربياً إلى باريس، وهو ما يُلقي ظلال شك إضافية حول زعم الأخيرة عدم علمها بالهجوم، ويفسر في الوقت نفسه صمتها وإعاقتها صدور بيانات من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي تدين خطوة حفتر العسكرية. الصحيفة نفسها أضافت إن حفتر أرسل وفداً إلى روما الاثنين الماضي، كانت مهمته بحث سبل الوصول إلى هدنة مع رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، الداعم لحكومة الوفاق في طرابلس.
سبب بحث حفتر عن هدنة، هو فشله الواضح في «غزو» العاصمة خلال مدة قصيرة، حيث توقع السيطرة عليها خلال يومين ومن دون قتال كبير، من خلال هجومه المباغت من عدة محاور محيطة بطرابلس. لكن هذا الفشل في الانتصار، وكذلك في الوصول إلى تهدئة بعدما رفض خصمه فايز السراج إنهاء التصعيد على نحو ما يشتهيه الأول، قاد إلى استقدام دعم خارجي يتعدّى عشرات ملايين الدولارات التي وُعد بها الرجل لدى زيارته للسعودية في الـ 27 من آذار/ مارس الماضي، أي قبل أيام فقط من إطلاقه الهجوم، بحسب ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين في الحكومة السعودية. وأشارت الصحيفة إلى لقاء حفتر، آنذاك، بالملك سلمان وولي عهده (وزير الدفاع) ووزير الداخلية وقائد المخابرات، بما يدلّل على الأهمية التي توليها المملكة لملف ليبيا ودعمها لحليفها هناك. وفيما رفضت الحكومة التعليق على المقال، قال أحد هؤلاء المسؤولين، الذين ارتكز عليهم التسريب: «لقد كنا بجدّ كرماء (معه)».
فضلاً عن الدعم السعودي، وصلت، أمس، إلى مدينة بنغازي، طائرة «بوينغ» قادمة من أبو ظبي، وذلك وفقاً لمواقع عدة متخصصة في رصد حركات الطائرات، والأغلب أنها تحمل عتاداً عسكرياً، وربما أيضاً مستشارين عسكريين. وقد نقلت مواقع ليبية عن مصادر عسكرية أن طائرتين قدمتا من أبو ظبي إلى مطار بنينة في بنغازي «تحملان ضباطاً إماراتيين مختصين في تسيير طائرات من دون طيار». ويبدو أن إرسال الوفود لم يقف عند هذا الحد، إذ كشفت مصادر لـ«الأخبار»، أمس، عن تحول طائرة من طراز «فالكون 50» من روسيا إلى بنغازي. ويُستخدم هذا النوع من الطائرات في الرحلات الخاصة في الأغلب، وهي ربما تحمل وفداً تابعاً لحفتر، أو حفتر نفسه، بعدما انتشرت في اليومين الماضيين أخبار عن زيارة غير معلنة قام بها إلى موسكو، بحثاً عن دعم دبلوماسي وربما عسكري. وخلال الأعوام الماضية، كان حفتر يدّعي بأن روسيا تدعمه. وعلى رغم أن موسكو كانت تؤكد دائماً أنها تقف على مسافة واحدة من الفاعلين في البلاد، وأنها تبحث عن حل سلمي ودائم للصراع، نشرت وسائل إعلامية غربية في مناسبات عدة أخباراً غير مؤكدة عن وجود مرتزقة روس من شركة «فاغنر» الأمنية الخاصة في شرق ليبيا، لتقديم المشورة والمساعدة في الحرب.