عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

مدونة م.محمد طعمة

الاثنين، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٠


تعرّف إلى سيارتك
النظام الهجين في السيارات؟ كيف ولماذا؟ (1)
يقوم النظام الهجين بمفهومه الأوسع بالدمج بين أي مصدري طاقة لإنتاج الطاقة الحركية اللازمة لتحريك أي عربة. من حيث المبدأ يجب أن يكون أحد هذين المصدرين قابلاً لإعادة التخزين بسهولة، لو تخيلنا عملية تحويل الطاقة في السيارة العادية المقادة عن طريق محرك احتراق داخلي لرأينا أن الطاقة الكيماوية أو الحيوية المخزنة في الوقود العضوي (ديزل، بنزين، غاز)، تتحول في المحرك بغض النظر عن التفاصيل إلى طاقة حرارية، تعمل على تحريك المكابس بحركة ترددية، والتي تتحول ميكانيكياً إلى حركة دورانية تنتقل عن طريق علبة السرعة ومجموعة نقل الحركة إلى العجلات التي تعمل على دفع السيارة باتجاه ما، فيزيائياً فإن الطاقة الكلية والتي هي مجموع الطاقة الكامنة والطاقة الحركية تتحول من طاقة كامنة مخزنة في الوقود العضوي إلى طاقة حركية مخزنة في جسم السيارة، والتي تتناسب مع كتلة السيارة ومربع سرعتها بالإضافة إلى طاقة الضياعات الحرارية والميكانيكية. من أجل إيقاف السيارة فإنه يجب تقليل طاقتها الحركية حتى الصفر، بمعنى آخر يجب تبديد هذه الطاقة بأي طريقة، حيث أنه يتم تحويل هذه الطاقة في السيارات التقليدية عن طريق المكابح إلى طاقة حرارية. ولكن ماذا لو أمكننا استعادة هذه الطاقة الحركية وإعادة تخزينها بشكل ما كطاقة كامنة من أجل إعادة استخدامها لاحقاً؟ هل من الممكن إعادة هذه الطاقة إلى مصدرها الأصلي وهو الوقود العضوي؟ بالطبع لا وذلك لأن عملية التحول إلى الوقود العضوي هي عملية كيميائية معقدة تحتاج إلى آلاف السنين. إذاً ماذا لو تم تخزين هذه الطاقة كطاقة حرارية؟ هذا يبدو أيضاً ليس سهلاً على الإطلاق وذلك بسبب التعقيدات المرتبطة بتخزين وتحويل الطاقة الحرارية. أما الخيار الأمثل وبسبب سهولة تخزين وتحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة ميكانيكية وبالعكس، فإن استعادة الطاقة الميكانيكية وتخزينها على شكل طاقة كهربائية هو الخيار الأفضل أو بعبارة أخرى هو الخيار الأوحد في مجال السيارات.
 
كيف يعمل النظام الهجين:
يتم ذلك بإضافة محرك كهربائي إضافي يكون جزؤه الدوار مربوطاً مع المحور الرئيس لعلبة السرعة، ويتم فصله ووصله مع محرك الاحتراق الداخلي عن طريق الفاصل الواصل (الدبرياج)، عند كبح السيارة فإن هذا المحرك يتحول إلى مولد كهربائي يقاد عن طريق عجلات السيارة وينتج طاقة كهربائية يتم تخزينها في بطارية الجهد العالي، بدلاً من حرقها على شكل طاقة حرارية في المكابح، كما أنه ينتج عزماً ميكانيكياً معاكساً للسبب الذي أدى لحدوثه وهو دوران العجلات، وبالتالي فإنه يعمل على إيقاف العجلات وبالتالي توقف السيارة، عند إقلاع السيارة فإن هذه الآلة الكهربائية تعمل كمحرك يستمد طاقته الكهربائية من الطاقة التي تم تخزينها في البطارية عند التباطؤ والفرملة، حيث تقوم علبة السرعة بدمج العزم الناتج عن محرك الاحتراق الداخلي إلى العزم الناتج عن المحرك الكهربائي، لإنتاج عزم ميكانيكي أقل بكثير من العزم الميكانيكي الذي سيكون مطلوباً لإكساب السيارة نفس السرعة خلال نفس الزمن، لو كان يتم السيارة بمحرك الاحتراق الداخلي لوحده. يقوم جهاز التحكم الإلكتروني الخاص بالمحرك بتحديد العزم المقدم من كل من محرك الاحتراق الداخلي والمحرك الكهربائي وذلك وفق خوارزميات معقدة تعتمد على عوامل أخرى في السيارة، مثل كمية الطاقة الموجودة في بطارية الجهد العالي وبطارية الجهد المنخفض، درجة حرارة المحرك، إشارة دواسة البنزين ودواسة المكابح، علبة السرعة، حساس انتقال الطاقة... وغيرها. 
 
لمحة تاريخية:
أغلبنا قد شاهد ذلك النوع القديم من الدراجات البخارية التي يمكن قيادتها سواء عن طريق دواسات الأرجل كما في الدراجة الهوائية، أو عن طريق محرك بنزين صغير يستخدم للدعم في الصعود أو عند تعب السائق، إن هذه الدراجة على بساطتها ما هي إلى مركبة هجينة، تجمع بين طاقة السائق العضلية والطاقة الميكانيكية الناتجة عن محرك الاحتراق الداخلي. السيارة الأولى الهجينة صُنعت في إسبانيا عام 1899، وكانت مزودة بمحرك كهربائي يعمل كمولد أيضاً مدعماً بمحرك احتراق داخلي باستطاعة 5 حصان. في أواخر سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي قامت العديد من الشركات مثل مرسيدس، جنرال موتورز، أودي وفولكس فاغن بتصنيع العديد من النماذج الأولية للسيارات الهجينة والتي لم تلاقِ رواجاً حينها بسبب سعرها المرتفع، وعدم إدراك الناس لفوائدها إضافة إلى ضعف الدعم السياسي وشراسة "البروباغاندا" من طرف شركات البترول، والتي استشعرت في هذا النوع من السيارات خطراً حقيقياً عليها، الشيء الذي دعا أن تبقى هذه السيارات حبيسة المعارض وأن تبقى أبحاثها حبيسة الأدراج. في بداية تسعينيات القرن الماضي وبعد حرب الخليج الأولى والتي ظهر فيه الخطر الحقيقي على منابع النفط، وبسبب الاحتباس الحراري الناتج عن الاستخدام المتزايد للوقود العضوي، قامت العديد من الشركات بإعادة إحياء الأبحاث في هذا المجال بشكل خجول، إلا أن اليابانيين كانوا قد قرؤوا المستقبل جيداً وكانوا السباقين لإنتاج الجيل الأول من السيارة الهجينة الأشهر عالمياً وهي تويوتا بريوس، والتي كانت السيارة الهجينة الأولى عالمياً التي تنتج وتباع تجارياً


وبسبب النجاح الذي حققته تويوتا في هذا المجال، دخلت أغلب الشركات في سباق محموم للحاق بركب الساموراي الياباني، إذ بدأت هذه الشركات مؤخراً بتصنيع نسخ تجارية هجينة لموديلات غنية عن التعريف، مثل مرسيدس S400 الهجينة وأودي Q7 وفولكس فاغن توارغ على سبيل المثال لا الحصر. حالياً فإن نسبة كبيرة (قد تصل إلى 90%) من السيارات التي ستُطرح هذا العام أو في العام القادم في الأسواق سوف تتضمن أحد أشكال الأنظمة الهجينة.