عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

عن المدونة . بقلم المهندس محمد طعمه

مدونة م.محمد طعمة

الاثنين، ١٧ يناير ٢٠١١

تحت الاختبار: المراجعة التفصيلية ونظرة تحليلية على الآي فون 4 من أبل

إن شاشات العرض التي تقدمها أبل تمتاز دائماً بجودتها العالية وهو ما يسهم في تلك الجاذبية التي تتمتع بها هذه الأجهزة

أبل بدأت مؤخراً في استعجال طرح بعض من منتجاتها للالتزام بخطوط زمنية محددة.. هل من فائدة فعلية في هذا الاستعجال؟


حينما نتحدث عن الجيل الرابع من هاتف الآي فون فإن الأمر يختلف قليلاً عن حديثنا عن أيٍّ من الهواتف الذكية الأخرى، لأن الموضع الحالي الذي تقف عنده أبل في مجال تطوير أجهزة الحوسبة المحمولة على اختلاف أشكالها - وأحجامها - أصبح أكثر تعقيداً مما عليه الحال مع الغالبية العظمى للهواتف الذكية الأخرى المنافسة. فهناك نظام تشغيل iOS.. ومن ثم هناك هاتف الآي فون 4.
ونظام تشغيل iOS في إصداره الرابع لم يعد مجرد نظام تشغيل للهواتف الذكية بل أصبح نظام تشغيل موحد يهدف إلى تقديم وظائف إنتاجية واستهلاكية محددة بحدود معينة من حيث اعتمادها أو استقلالها عن الحاسب وذلك عبر تجربة استخدام رائدة وصديقة للمستخدم تعتمد على اللمس، ولما كان نظام التشغيل iOS هو نظام موحد - بل ربما أحد أكثر أنظمة التشغيل انتشاراً في العالم إذا ما أخذنا بالحسبان مجموع أجهزة الآي فون - من إصداره الأول وحتى الرابع – والـiPod Jtouch - بجميع إصداراته - والآي باد التي بيعت منذ أن ظهر النظام للمرة الأولى وحتى هذه اللحظة وهو ما انتهى بهذا النظام إلى أن يكون كياناً مستقلاً بذاته يعمل على تطويره فريق متكامل من خيرة مهندسي أبل لتقديم مزايا وخصائص جديدة يتم توظيفها بطرق مختلفة عبر هذه المنصات الثلاثة التي تستخدم النظام ذاته.
 
لحظة، ليس المقصود من هذه المقدمة أن نخرج عن سياق الحديث عن هاتف الـiPhone 4 ولكنني ظننتها ضرورية لإيضاح أن معرض حديثنا الرئيس هنا هو الهاتف ذاته مع التطرق قليلاً إلى بعض الخواص والمزايا الجديدة التي سينفرد مستخدمي الآي فون 4 عن غيرهم من مستخدمي أجهزة iOS 4 الأخرى بالاستفادة منها، ولن نخوض كثيراً في تفاصيل نظام التشغيل الذي تحدثنا عنه مراراً وتكراراً مع كل تحديث سابق عندما اختبرنا لكم الآي فون 3G، الآي فون 3GS والiPad.
عودة إلى هذا الهاتف الذي أحرج أبل للمرة الأولى وأجبر رئيسها التنفيذي ستيف جوبز على الخروج عن صمته المعتاد في مواجهة مشكلة ضعف استقبال الهاتف لتغطية شبكات الهاتف المحمول عند الإمساك به في وضع محدد. نعم، بالفعل، لقد تعمدت أن أبدأ الحديث عن الآي فون 4 من هذا الموضع الشائك، ليس بغرض المزايدة في هذا الأمر والذي جاوز الحديث عنه حدود الملل ولكن كي أشير إلى ملاحظة شخصية وجدتها تطغى على منتجات أبل بشكل عام مؤخراً وأخشى ما أخشاه أن تصبح هي السمة الغالبة فتنال من ذلك اللقب الذي لطالما كان هو قلب رسالة أبل الدعائية مع جميع منتجاتها وهو “السهولة في التعامل، الجودة، وقلة المشكلات الفنية”.
 
في تجربتنا الخاصة للهاتف نجحنا في استنساخ المشكلة ذاتها كما تناولتها جميع الأوساط، ونحن هنا لا نقول بأن الأمر قد يعيق من استخدامك للهاتف أو أنها مشكلة حيوية تحيل هذا الهاتف الذي أنفقت الكثير لشرائه إلى قطعة معدنية متقنة التصميم بلا فائدة، كما أننا لا نتطرق إلى كيفية تعامل أبل مع الأمر ولكننا نؤكد أنها ليست حالات فردية وأنها ليست تخيلات للبعض ولكنه أمر حقيقي وفعلي وأنك تستطيع بالفعل عبر إحكام قبضتك بشدة على موضع وجود هوائي الاستقبال - هذا الشريط الأسود الجانبي - يمكنك أن تجعل هاتفك يفقد 3-4 من علامات قوة إشارة شبكة الهاتف وأن ذلك يحدث في الظروف العادية وفي أماكن ذات تغطية مثالية وليست ضعيفة.
ملاحظتي الشخصية هي أن أبل مؤخراً قد بدأت في استعجال طرح بعض من منتجاتها للالتزام بخطوط زمنية محددة لا أدري إن كان هناك فائدة فعلية من التمسك بها وهو ما جعلها تتغاضى عن أمور بسيطة لتقوم بإصلاحها لاحقاً في تحديثات أو خطوات تالية، مثلما حدث مع الآي فون 4 ومن قبله مع مشكلة الاتصال بشبكات الواي فاي اللاسلكية مع الآي باد - وهي المشكلة التي نؤكد كذلك من واقع التجربة على وجودها في الإصدار الأول من نظام تشغيل الآي باد - وكذلك ما نراه من نفاد جميع الكميات المتاحة من أجهزة الآي فون 4، النسخة ذات اللون الأبيض من الآي فون 4، الآي باد وحتى جميع الملحقات مثل الـiPad Camera Connection Kit وحتى حقيبة الآي باد والتي تتراوح فترات الانتظار لكي تحصل على أيٍّ منها بين 4-6 أسابيع.
فلنضع هذا الحديث جانباً، ولنعد سريعاً إلى حديثنا الرئيسي.. عن الآي فون 4..
 
التصميم:
لا تسعفني ذاكرتي لأتذكر أنني قد وضعت بين يدي جهازاً آخر خلال السنوات القليلة الماضية وجعلني أشعر بجودة وإحكام وإتقان التصميم والخامات مثلما يجعلك الآي فون 4 تشعر حين تمسكه بين يديك. الواقع هو أن الخطوط الأكثر حدة لتصميم هذا الإصدار من الهاتف مقارنة بسابقه لا تزال تحتاج منك إلى بعض التعود وهو الأمر الذي لا يبدو مستغرباً لمن اعتاد التصميم الانسيابي للجيلين السابقين من الآي فون كما قد يكون أحد أسباب هذا الشعور هو هذا الشبه الكبير بين الجهة الأمامية والخلفية للهاتف والتي باتت مصنعة من الزجاج بملمس لا يختلف شيئاً عن شاشة العرض الأمامية ولكنك سرعان ما تدرك أن هذا الإحكام والإتقان في كل ما يتعلق بالتصميم والخامات المستخدمة في هذا الهاتف ربما تكون هي الأفضل في سوق الهواتف الذكية في هذه اللحظات، إذا كنت مثلي قد شعرت من قبل بأن أزرار الهواتف بشكل عام تهتز قليلاً في موضعها، فيمكنك أن تنسى تماماً هذا الشعور مع الآي فون 4 فالهيكل المعدني والأزرار التي تطل من خلاله تبدو وكأنها جميعاً قطعة معدنية واحدة، لا توجد فراغات أو ميلليمترات قليلة تسمح باهتزاز أحد الأزرار بل إن كلّ شئ محكم.. وبشدة.
 
شاشة العرض - Retina Display:
السؤال الأول الذي دار بذهني قبل أن أستخدم الهاتف ولا أشك أنه يراود الجميع كذلك هو، هل هناك بالفعل هذا الفارق الكبير بين هذه الشاشة والتي تبدو وكأنها فريدة من نوعها في سوق الهواتف الذكية في الوقت الحالي وبين شاشة العرض في الإصدار السابق ؟؟ بشكل عام فإن شاشات العرض التي تقدمها أبل تمتاز دائماً بجودتها العالية وهو ما يسهم في تلك الجاذبية التي تتمتع بها أجهزة أبل ولكن للإجابة عن هذا السؤال السابق في كلمة واحدة، نعم.. هناك فارق.. ولكن الحقيقة هي أنك لن تشعر بهذا الفارق في جميع الظروف، الفارق الهائل والملحوظ يظهر عند مطالعة النصوص المكتوبة سواء كان ذلك داخل التطبيقات، في صفحات الإنترنت أو حتى في قوائم الهاتف فالنصوص صغيرة الحجم تبدو شديدة الوضوح والدقة نظراً لاستخدام هذه الشاشة بدقتها العالية؛ أما عند مشاهدة مقاطع الفيديو أو القيام بمعظم الوظائف الأخرى فالأرجح أنك لن تشعر بفارق كبير.
الأداء:
إذا كنت قد استخدمت الآي باد، فهذا هو الأداء ذاته الذي ستحصل عليه مع الآي فون 4، ببساطة فإن جميع المهام والتطبيقات تعمل وتغلق لحظياً بدون أي تباطؤ كما أن التنقل بين التطبيقات المفتوحة - الMultitasking - يعمل بانسيابية تامة حيث لم نلحظ تأثراً لأداء الهاتف بعدد التطبيقات المفتوحة وعند التنقل بينها. السؤال الذي لا يزال يطرح نفسه هو هل سيؤدي الآي باد بالشكل ذاته عندما يحصل على التحديث iOS 4 والذي يدعم التنقل بين التطبيقات ؟؟ أم أن زيادة الذاكرة العشوائية في الآي فون 4 هي السبب في هذا الأداء المتماسك.
هناك جوانب أخرى لأداء الهاتف قد يكون من المفيد لفت الانتباه إليها، فالآي فون 4 مزود بمايكروفون مزدوج لالتقاط الصوت بنقاء أفضل مع التخلص من الضوضاء المحيطة أثناء المكالمات، وهو ما تم اختباره، ولاحظنا وجود تحسن طفيف مقارنة بالجيل السابق في حين يصبح الفارق أوضح كثيراً بالحديث عن جودة الصوت الذي يتم تسجيله عند مقارنته بالمايكروفون المدمج بجهاز الآي باد، أما السماعة الرئيسية للهاتف - والتي لا تزال سماعة وحيدة تقدم جودة صوت متوسطة - فقد لاحظنا أن الصوت الناتج عنها عند اختيار أعلى مستوى للصوت مرتفع بنسبة واضحة عن الجيل السابق وإن كان لا يزال أقلّ من مستوى الصوت الناتج عن الآي باد والذي يحمل سماعات مدمجة بحجم أكبر مما يحمله الآي فون.
 
الكاميرا الرقمية والتقاط الصور الثابتة ومقاطع الفيديو:
الآي فون 4 يحمل كاميرا رئيسة بدقة 5 ميجا بكسل ذات قدرة على تصوير الفيديو عالي التحديد بدقة 720p إضافة إلى فلاش LED يمكن استخدامه في وضع التقاط الصور وكذلك أثناء تصوير الفيديو وكاميرا أمامية منخفضة الجودة خاصة بمكالمات الفيديو. وعلى الرغم من أن الآي فون 4 يعطيك الإمكانية في استخدام أيٍّ من الاثنين في التقاط الصور أو الفيديو كيفما شئت إلا أنه من الصعب تقبّل جودة الكاميرا الأمامية واستخدامها في غرض آخر خلافاً لمكالمات الفيديو خاصة في التقاط الصور وإن كانت جودة الفيديو مقبولة إلى حد ما.
إضافة الفلاش هو أمر مرحب به وإن كنت لا أزال بشكل شخصي غير مقتنع كلياً بفعالية الفلاش في التقاط صور متقنة عالية الجودة باستخدام الهواتف المحمولة أياً كانت، ولكن نعود لنقول بأن وجود الفلاش أفضل من غيابه كما أن إتاحة استخدامه في وضع تصوير الفيديو هي خطوة جيدة، كذلك لا أعلم لماذا غيّبتها بعض الشركات الأخرى وحصرت استخدام الفلاش على الصور الثابتة. الملاحظة الثانية تتعلق بسرعة التقاط الصور وهو شيء ملحوظ إذ تقارب سرعة التقاط وحفظ الصور في الآي فون 4 ما تقدمه بعض الكاميرات الرقمية الاحترافية وتتفوق بفارق كبير عن الأغلبية العظمى لكاميرات الهواتف المحمولة.
جودة تصوير الفيديو:
*ملحوظة: سوف يتم تناول جودة تصوير الآي فون 4 بشكل تفصيلي بإذن الله في مقال لاحق مع تقديم مقارنات لجودة الفيديو التي تلتقطها كاميرا الهاتف الأمامية والخلفية ومقارنات مباشرة مع كاميرا رقمية عالية التحديد ومع هواتف أخرى في مقال لاحق
الصور الرقمية الثابتة:
لا يزال الآي فون يقدم مثالاً يحتذى به من حيث حرارة الألوان وحيويتها ومطابقتها للواقع، ولا يختلف الآي فون 4 فيما يتعلق بهذا الأمر وإن كان يضيف مزيداً من الجودة والنقاء بالنظر إلى المستشعر الضوئي الأكبر حجماً الذي تم استخدامه والدقة الأعلى التي باتت متاحة.
البطارية:
لقد نجحت أبل في زيادة الزمن الممكن تحقيقه مع بطارية الآي فون 4، وتتراوح الزيادة التي استشعرناها في هذه التجربة بين 10-20% مقارنة بالإصدار السابق وتتفاوت بحسب الوظائف التي تستخدمها ودرجة إضاءة شاشة العرض على وجه التحديد. لم نحصل على الشعور ذاته الذي تحصل عليه مع الآي باد بأنك تستطيع أن تتحرك بحرية دون أن يكون الشاحن بالجوار ولكننا نظن أنه أمر منطقي نظراً لأن الآي باد الذي تناولناه سابقاً في تجربتنا لم يحتوِ على اتصال دائم بشبكة الجيل الثالث.
 
الختام:
إننا لن نقول إن الآي فون 4 هو أحد أفضل الهواتف الذكية المتاحة في الأسواق في هذا الزمان، ولكننا سنقول: إن ما يميز هذا الهاتف هو نظرته الخاصة إلى المستقبل وقدرته على أن يفرض نفسه في كل وقت بهذه اللمسات الفريدة التي تضيفها إليه أبل، فربما تكون هناك أنظمة تشغيل تقدم مزايا وخدمات لا يقدمها الآي فون، وتوفر حرية استخدام تفوق قيود أبل العقيمة على نظام iOS، وربما تكون هناك هواتف أخرى تتفوق من حيث الأرقام. ولكنها تبقى جميعاً في نطاق المألوف، فالمألوف والتقليدي هو أن تضيف المزيد إلى جودة الكاميرا أو زمن تشغيل البطارية أو قياس شاشة العرض؛ ولكن الواقع هو أن ما يميز أبل ويمنحها هذه القدرة على لفت الانتباه ليس إضافة مكالمات الفيديو أو الكاميرا الأمامية ولكن هو الالتفات إلى تلك الإضافات غير التقليدية، البعيدة عن المألوف كأن تضع شاشة عرض بقياس 3.5 إنشات ولكنها تعرض صورة بدقة 960×640 بكسل، أو أن تصنع الجهة الخلفية لهاتف محمول من الزجاج وأن تضيف تقنية مثل الجيروسكوب قبل أن يستخدمها البقية.